هؤلاء الناس علي كوكب الأرض منقسمون إلي عالمين تفصل بينهما جدران عازلة يكرس الإنسان لوجودها كل يوم• وهذه الأسوار ، تفصل بين الفقراء والأغنياء، وتترك الأعنياء غارقين في بحثهم عن سعادة وهمية، يفنون عمرهم في الحصول عليها، فيما تترك الفقراء يلهثون طوال عمرهم أيضا وراء لقمة العيش• سأذكر في هذا المقال خبرين فقط لفتا انتباهي، لأنني رأيت فيهما من التناقض الشيء الكثير، ورغبت مشاركة القارئ معي فيهما• الخبر الأول عن طبيب تجميل ألماني قام بإجراء 8 عمليات تجميل لزوجته حتي يحولها إلي فتاة أحلامه • وذكرت صحيفة "صن" أن طبيب التجميل هذا كره جسد زوجته الشابة (33 سنة)، غير انه تزوج بها بعد أن وجد فيها احتمالات قابلة للتحسين• وقد أجري لها 8 عمليات تجميل لتغيير مقاس صدرها وساقيها وشكل عينيها• كما حقن فوسو 1600 غرام من السيليكون في جسم زوجته خلال 5 سنوات، وعمل علي تكبير شفتيها، ورفع جبينها وغير ذلك• وحين تحدث عن مشاعره نحوها قال: إنه لم يقع في حب زوجته إلا بعد إجراء عمليات التجميل التي بلغت تكلفتها حوالي 30 ألف دولار، وهنا نقول : مسكينة هذه الزوجة المستسلمة لمبضع زوجها الجراح، مسكينة حقا لقبولها أن تسجن ضمن أفق الجسد الضيق• أما الخبر الثاني الأكثر غرابة وهو أن هناك مدرسة تم افتتاحها في احدي مناطق الهند، وهذه المدرسة مخصصة لتعليم الأطفال الفقراء فن التسول، أي بدلا من أن يتابع الأطفال تحصيلهم العلمي فيها، أو تعلمهم مهنة يعيشون منها فإنها تعلمهم الاستمرار بالتسول مدي حياتهم• وتقع تلك المدرسة في قرية غولغوليا بمنطقة نائية في ولاية اترانشال، في الشمال الشرقي للهند• وتوجد بالقرية 200 عائلة يرسلون أطفالهم إلي المدرسة المفتوحة لتعلم مهنة (التسول)، حيث يتلقون دروسا خاصة في "علم أصول التسول"• ويقول أحد المدرسين في المدرسة مبررا وجود مثل هذا المكان: "ليس بيدنا حيلة؛ فلا طعام ولا مال ولاعمل لأهل القرية وبالتالي علينا أن نتسول"• و يوجد في هذه القرية الفقيرة قرابة 200 عائلة تدرب أطفالها علي التسول لضعف الدخل وعدم استجابة السلطات المحلية لمطالبهم وإعانتهم علي كسب لقمة العيش• كما أن أبناء هذه القرية يمارسون مهنة التسول لأربعة أجيال متتالية وهم يدربون أطفالهم عليها جيلا بعد جيل" والحكومة تعدهم بتحسين أوضاعهم ولكن لا أحد يهتم بهم• ولعل الأكثر ألما في الخبر أن أهل البلدة، يتفقون علي إيجاد مثل هذا الحل ليخلصهم من الفقر لأنهم يعتبرون ألا أحد يكترث لمعاناتهم، خاصة أن ظروفهم الحياتية سيئة للغاية• ولا يتوقف الخبر عند هنا ، إذ هناك تفاصيل عن التزام الصغار بتدريبات يومية في الصباح قبل التوجه إلي أماكنهم المحددة لممارسة المهنة، ومن ثم يتجمعون في المساء مع ذويهم علي العشاء ويعطونهم ما حصلوا عليه من المال• لا نقول إلا إن لله في خلقه شئوناً•