علي الله، لأني لست علي اقتناع أن الكمامة ستحمي من خطر إنفلونزا الخنازير أو غيرها• لكن المفاجأة كانت أني لم أشاهد في مطار القاهرة اي احد يرتدي كمامة، هل كان هذا مجرد صدفة_ ربما_ وهذا ما حدث في الطائرة أيضا، ليس هناك أي مشهد تحفزي خائف من التقاط العدوي، خاصة وان الطائرة التي استقليتها كانت ممتلئة تماماً بالركاب، ولم يكن هناك أي مقعد شاغر• قلت في سري " يبدو أن الكل يتركها علي الله، ولا يثق بالكمامات مثلي"• نظرت إلي السيدة التي تجلس بجواري بدت طبيعية جدا، ولم تصدر عنها أي حركة تشي بخوفها من الهواء المشترك الذي يتنفسه كل ركاب الطائرة• ما أن استقر الحال قليلا واقلعت الطائرة بسلام، وبدأت مرحلة تصفح الجرائد حتي كان الخبر الأبرز بين الصفحات الخبر الذي يتناول تضارب الأنباء حول "لقاح إنفلونزا الخنازير، فالعلماء أنفسهم منقسمين إلي قسمين بين مؤيد للعقار ومعارض له، وللحقيقة أن كلا الرأيين يسبب الهلع، فإذا كان تناول العقار خوفا من إنفلونزا الخنازير يفرض شكوكا عن العقار ومحتواه ونتائجه المستقبلية، خاصة وأن بعض وزارات الصحة في بعض الدول ومنها لبنان اعلنت عن عدم مسؤليتها عن العقار وأن قرار تناوله هو قرار شخصي من المواطنين• اما عدم تناول العقار خاصة علي المصابين بالإنفلونزا فإنه أشد خطورة لأن المصاب بالمرض يشبه الغريق الذي يتمسك بقشة، لذا فإنه سيرضي بأن يكون حقل تجارب مقابل شفاء قريب، علي أن يظل مريضاً في انتظار تعافي غير متوقع• حين وصلت بيروت، كنت أنتظر أيضا بوادر الخوف من الإنفلونزا، لكنني لم أجد أن هذا الأمر هو حديث الناس الشاغل، ربما لأنهم مشغولين أكثر بقضية تشكيل الحكومة، لذا بدا موضوع الإنفلونزا الجديدة حدثا جانبيا مقارنة بحوادث سياسية أخري اكثر أهمية• بدت الحركة في المولات والمقاهي والأماكن العامة طبيعية جدا، بل ربما بدا لي حذر الناس أقل بكثير من الطبيعي، ولعل في هذا أيضا ما يبعث علي القلق، فالشبان يدخنون الشيشة في الأماكن المغلقة، والمطاعم والمقاهي في المساء تكون مكتظة في حركة طبيعية للغاية، كنت أفكر ألم يسمع كل هؤلاء الناس بإنفلونزا الخنازير؟ ألا يخافون؟ لم أجرؤ طبعا علي التساؤل، أو نقل لهم شيئ من خوفي الذي لا أتحدث عنه• إذ في نفس الوقت عدم الإكتراث ليس دليلا علي عدم وجود المرض، وعدم الإعلان الدقيق عن الحالات أيضا لا يعني أنها غير موجودة • في داخلي كنت أثرثر بكل هذه الهواجس لكنني في الوقت عينه كنت مسرورة في تجاهل الناس لهذا المرض، في عدم تحوله لهاجس يسيطر علي حياتهم، بل تقبله كحدث أو كوباء عالمي من ضمن الأوبئة الكثيرة المنتشرة في العالم، وربما حقا لا يستحق الأمر أكثر من ذلك•