* عندما دخل البلطجى الحارة .. وجد أهلها ضعفاء مشرذمين .. ضحك على المثقف والغبى ؛ وضرب الغلبان والغنى ؛ وتطاول على كبار الحارة ؛ وتهكم على الشيخ والقسيس ؛ وتهجم على الأطفال والكهول والنساء ؛ ولوح ب "سنجته القذرة" فى وجه العُزّل والأبرياء ؛ لم يجد من يردعه ؛ فاختار المنزل الذى يحلو له واغتصبه بما فيه من خيرات ؛ وطرد سكانه منه ؛ وبطش بمن حاول الاعتراض ؛ فلم يقف سادة الحارة مكتوفى الأيدى .. ولكنهم شجبوا ونددوا وأدانوا .. بل وازدرأوا ؛ ولكن بقى البلطجى فى مكانه منعّما مترفا قامعا لكل من يقترب منه ؛ وظل سكان المنزل البسطاء فى العراء؛ بلا مأوى وبلا معين ؛ لايملكون إلا الدعاء للرحمن كى ينصرهم ؛ ويعيد لهم حقهم المسلوب ؛ ورغم يقين الجميع بأن "ما أُخذ بالقوة لايسترد إلا بمثلها " إلا أن وهم الخوف - من البلطجى ورفاقه والراعى الأكبر له - سيطرعليهم ؛ وجعلهم يتسولون عُشر حقهم ؛ ويفاوضون البلطجى ليسمح لهم بالاقامة "فوق السطوح أو حتى فى بير السلم" ! * كلنا مسئولون عما يحدث- من هوان - فى الأراضى العربية المحتلة وعلى حدودها ؛ كلنا مدانون .. كلنا طأطأنا الرؤوس ومصمصنا الشفاة ونحن نرى البطش والسحل والقهر والفُجر الصهيونى ضد أهلنا فى فلسطين الطاهرة ؛ كلنا صمتنا وأصاب لساننا الخرس ونحن نرى العهرالسياسى من حكامنا ؛ وتهاونهم وتفريطهم فى الحق العربى ؛ وركوعهم أمام البلطجي الأكبر فى البيت الأسود الأمريكى .. حامى حمى البلطجة الصهيونية فى تل أبيب ؛ كلنا خانعون خاضعون مائعون راجفون ؛ كلنا ظالمون لأنفسنا وأرضنا وعرضنا وشرفنا وتاريخنا وعروبتنا وكرامتنا .. كلنا مفلسون مفسلون مفلسون ؛ مسلمين ومسيحيين ؛ سنة وشيعة ؛ كاثوليكاً وأرثوذكساً ؛سلفيين ومعاصرين ؛ اخواناً وفُرقاءً ؛ كلنا - كشعب عربى واحد - مفتّتون متنابزون متناحرون ؛ متدثّرون بجهلنا ؛ متلثّمون بحمقنا ؛ متسربلون بوهمنا ؛ متقوقعون فى بقايا مجدنا ؛ كلنا ... فماذا فعلنا لقدسنا ! * عندما يضرب السوس فى الضرس العتيق يتألم الجسد كله ؛ ولايتذوق الانسان راحة الحياة لحظة واحدة ؛ وعند خلعه يشعر المرء بآلام رهيبة ؛ ويظل الألم وعدم الاتزان ملازما له - لساعات وربما آيام - حتى بعد خلعه ولحين التئام الجرح ؛ وهذا بالضبط هو حال المحروسة - الآن - بعد خلع النظام الفاسد من جذوره ؛ هذا النظام الذى أعياها طيلة 30 عاما ؛ و آلمها طيلة 18 عشر يوما – هى فترة خلعه - ؛ وأرهقها – ومازال – بعد خلعه ؛ فلنصبر قليلا حتى يلتئم الجرح ؛ ولنصمد أكثر حتى نطهر البدن من كافة الفيروسات العفنة التى نكأت جرحنا العميق ؛ ولانمنح الفرصة للمتطببين ومدعى العلم وفلول العلوج ليعلنوا أنهم ضحوا بالشعب والوطن ليحيا الرئيس.