واصلت عجلة المساعي العربية والدولية دورانها بشكل متسارع لاحتواء الأزمة اليمنية التي هيمنت عليها أجواء التصعيد بخطاب لافت للرئيس علي عبدالله صالح الذي أعلن قبل ساعات من وصول الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني إلى صنعاء، تمسكه بمنصبه حتى نهاية ولايته الرئاسية العام ،2013 ووقوع مواجهات شبه يومية بين المطالبين بإسقاط النظام ورحيل الرئيس أسفرت عن سقوط ثمانية قتلى في غضون يومين فقط في كل من صنعاء والحديدة وعدن، إضافة إلى سقوط مئات الجرحى . أحدث التحركات لمعالجة الأزمة اليمنية تلك التي بلورها وزراء دول مجلس التعاون الخليجي بعد مشاورات مكثفة مع أطراف الأزمة كافة، وصول الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني إلى العاصمة اليمنية صنعاء، حيث التقى فور وصوله الرئيس علي عبدالله صالح، وقدم له رؤية مكتوبة من قبل دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة، وهي خلاصة مشاورات وزراء “التعاون” مع طرفي الأزمة في البلاد، وهما المعارضة في جلسة خاصة في الرياض الأحد وجلسة أخرى مع الحكومة في أبوظبي الثلاثاء الماضي . وفي حين لم يصدر موقف رسمي يكشف تفاصيل المبادرة، مكتفياً بترحيب صالح ب “المساعي والجهود الخليجية” من دون الإشارة إلى كلمة “المبادرة”، كشفت مصادر مطلعة أن المبادرة تستند إلى رؤية توفيقية بين مطالب الطرفين، وتتلخص في انتقال السلطة من قبل الرئيس صالح إلى نائب يعينه في غضون ثلاثة أشهر تنتهي بانتخابات رئاسية . وبحسب ذات المصادر فإن الرؤية الخليجية تدعو إلى وقف الاحتجاجات فوراً وتقديم الرئيس علي عبدالله صالح استقالته في البرلمان في غضون شهر واحد من توقيع المبادرة، ونقل السلطات لنائب الرئيس، على أن يصدر الرئيس صالح قراراً بتسمية رئيس وزراء جديد يرأس حكومة وحدة وطنية برئاسة المعارضة تتشكل بنسبة 50% للجانب الحكومي و40% للمعارضة و10% للآخرين، في إشارة إلى بعض القوى السياسية غير المحسوبة على الطرفين والشباب المعتصم في ساحات التغيير . ووفقاً للرؤية الخليجية فإن على الحكومة تنظيم انتخابات رئاسية في غضون شهرين من استقالة صالح، وتشترط المبادرة أن تنتهي مظاهر الأزمة، أي انسحاب المتظاهرين من ساحات التغيير وإنهاء التمرد العسكري، بحسب الخطة، بعد تنحي صالح من السلطة، على أن يقدم الرئيس خلال 30 يوماً استقالته إلى مجلس النواب . ونسبت بعض المصادر إلى قيادة مرافقة لوفد “التعاون” قولها إن الزياني أبلغ الأطراف كافة أن تلك الرؤية هي الخلاصة التي توصل إليها الوسطاء الخليجيون، وأنها جاءت بعد مشاورات دقيقة مع قادة دول مجلس التعاون، والذين حصلوا على دعم مطلق لها من أصدقاء الخليج واليمن، بخاصة أنها راعت متطلبات الجميع . من جانبه جدد الرئيس صالح ترحيبه ب “الجهود والمساعي الخيرة التي يبذلها الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة في اليمن”، وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن صالح “أكد خلال استقباله أمين عام مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، التعامل الإيجابي مع هذه الجهود والمساعي ولما يحقق مصلحة اليمن وأمنه واستقراره ووحدته ويخدم الأمن والاستقرار في المنطقة” . وأشارت إلى أن الزياني “نقل رؤية وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة في اليمن على ضوء النقاشات التي أجروها مؤخراً مع كل من وفد المؤتمر الشعبي العام وحلفائه من أحزاب التحالف الوطني الديمقراطي في أبوظبي ووفد أحزاب اللقاء المشترك في الرياض” . وتواجه الرؤية الخليجية تعقيدات على الأرض، خاصة أن المعتصمين في ساحات التغيير ما زالوا يتمسكون بمطالبهم المتمثلة بالرحيل الفوري للرئيس صالح ومحاكمته ورموز نظامه، فيما تواجه المعارضة صعوبات شديدة لإقناع المعتصمين برفع اعتصاماتهم من الساحات إذا لم تكن هناك ضمانات حقيقية بتنفيذ بنود المبادرة وعدم الالتفاف عليها من قبل أطراف في السلطة وحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم . ومن بين التخوفات التي تبديها المعارضة تلك المتصلة بموقف حزب المؤتمر الشعبي العام داخل مجلس النواب، عندما يقدم الرئيس صالح استقالته إلى المجلس بحسب الاتفاق المبرم بين الجانبين، لأن ذلك سيتيح للرئيس صالح الانتظار لمدة ستين يوماً لتقديم استقالته من جديد، على أن تصبح سارية المفعول، سواء أقرها المجلس أم لا . وتتخوف المعارضة ألا يفي الرئيس صالح بأي من التعهدات التي تنص عليها الرؤية الخليجية، ويمكن الانقلاب عليها تحت أي مبرر .