السياسة في كثير من الأحيان تقبل الكر والفر والمفاوضات والمساومات وكل ما يقابل هذه الكلمات من مرادفات ،كما أنها تملك لغة " الضحك على الدقون " فى اقصر وقت فما اسهل ان يقنع مسئول مواطنا لايمتلك قدرا كافيا من التعليم بأنه يحلم به ليل نهار وانه فى قلبه ويعرف كافة مشاكله وما يواجهه من أزمات ويعده بحلها فى اقرب وقت ممكن ،فالكلام فى بلدنا "ببلاش " والوعود تحتاج الى اجهزة كشف الكذب !! وظلت الأنظمة المصرية خلال العقود الأخيرة تتعامل مع المصريين بمنطق الكذب والتضليل اعتمادا على قلة الوعى لدى الكثيرين منهم واتهمتها تيارات الاسلام السياسى فى ذلك الوقت بالكذب على الشعب واللعب بآماله وطموحاته من قومية عربية الى توزيع للثروات مرور بعصر الانفتاح الاقتصادى حتى وصلنا قبل ثورة يناير الى حلم توشكى والعبور الثانى فواجه الشعب هذا الكذب وان كان متأخرا بحراك حي متمثل فى ثورة يناير ليقول " كفا كذبا " لقد اكتفينا . وجاء الاخوان المسلمين ليصدروا لنا حلم "التيارات الاسلامية" التى تتبنى الصدق وتنفيذ الوعد ولو على الرقبة وتؤمن بالاختلاف وتقبل الآخر والتعدد السياسى والحريات وما الى ذلك من حقوق انسانية اكدوا انهم سيكونون فى حمايتها واستلهامها اذا ما تمكنوا من " حكم مصر " ؛لكن الحقيقة انه اذا ما استعرضنا حكم الاخوان فى موجز للاخبار سنرى سيلا من الاكاذيب التى لاتنقطع حتى انهم نجحوا مع الوقت بالالحاح والتكرار فى تحويل الاكذوبة الى حقيقة لنكتشف حاليا فى "منتصف نهايتهم" على ما اظن بانهم كأي فصيل سياسي آخر يمارسون الكذب للاستمرار فى الصعود ولمواجهة أي أزمة تواجههم سواء كانت امام فصيل معارض لسياستهم او حتى مهادن لانتمائه لنفس التيار ولنكتشف ايضا زيف وعودهم فى النهضة وحرية التظاهر والاعلام وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية. دكتور كمال الهلباوي المتحدث الرسمي السابق باسم جماعة "الإخوان المسلمون" في الغرب استقال من الجماعة مطلع العام الماضى مبررا استقالته بقوله نصا : انا مش ممكن أقعد مع الإخوان بعد اليوم بسبب كذبهم لأني لم أعهد عليهم الكذب أو أن يصبحوا أصحاب سلطة في غير موضعها وهذه الكلمات وان خرجت من واحد كان منهم لسنوات طويلة ادل تعبير على كشف " كذبهم الممنهج " اللانهائى منذ الوهلة الأولى المغلف باطار الاسلام من خلال قراءات رجعية لايفهمها العقل ويتبرأ منها التاريخ بهدف اقناع المجتمع بافكارهم النبيلة والحط من افكار الاخرين واتهامهم "كذبا " بالكفر والتضليل والزندقة والخروج على الملة فى بعض الاحيان وهو مايخالف جوهر الاسلام بالتأكيد الذى فسره الشافعى بقوله حول ثقافة الاختلاف "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب". والسؤال هنا كيف يمكن للشارع ان يصدق مرة اخرى هذه الكلمات المتدفقة من رموز الاخوان او من رئيسهم "مرشدا كان او مرسى" اوحتى ما يعقبها من دفاعات مستميتة من لجان الكترونية بارعة فى قلب الحقيقة تفتقر إلى الحس الأخلاقي و الديني الحقيقي الذي يؤكد على الأمانة والصدق , وكيف يمكن ان نتفاءل بالمستقبل فى ظل علاقات يحكمها دائرة الكذب التى بدأت بصعودهم علي أكتاف الثورة واقصاء الشركاء الحقيقين فيها فالازمة الحقيقية لا يمثلها تصريحات يتم التراجع عنها اوعبارات طائشةأو التنكر لها،لكن الازمة هي منهجية الإخوان فى الوصول بنا الى دولة اللادولة التى تبيح لهم ممارسة افكارهم علانية دون الاحتياج الى الكذب وتضييع الوقت . ونظل نحن الآن فى مرحلة حرجة وسط هذه الاشكالية الغريبة التى تحتاج الى اعادة النظر فى قراءة صحيحة لتاريخ هذه الجماعة واعادة التواصل مع مجتمعنا المصرى الذى اصبح جاهزا على ما اعتقد الى سماع افكارا جديدة واستقبال اعضاء فى المجتمع طالما طالتهم سيوف التيارات الاسلامية حتى نستطيع ان نعارض بحق ولاتحركنا دائرة السياسة مع الوقت الى كفتين لاثالث لهما اما دعاة للعنف او معارضة مزيفة تكتفى بالكلام والتصريحات الرنانة , وضرورة العمل على زيادة الوعى لدى المجتمع حتى يكون قادرا على كشف واكتشاف الكذب الذى يواجهه ليل نهار.