ادخل الرئيس محمد مرسى سياسة اقتصادية جديدة تتماشى بجانب الدبلوماسية التقليدية حيث اعتمد فى جولاته الخارجية على رجال الاعمال واحتلوا مواقعهم فى موائد المفاوضات خلال مباحثاته مع المسئولين الصينيين والايطاليين والاتراك والبلجيكيين . ويأتى هذا التحرك نظرا للحاجة الماسة لمصر إلى العمل الاقتصادي الممنهج الخلاق الذى يضيف إليها خاصة مع التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة التى تكاد تعصف باى اقتصاد هش لا يستند على قاعدة استثمارات شفافة ونزيهة بعيدا عن تلك التى وجدت لخدمة أشخاص بعينهم ومصالح ضيقة لاتسمن ولاتغنى من الجوع . ولقد خرج من رحم الثورة فكر اقتصادى جديد وتوجه صريح وجاد لاقامة قاعدة من استثمارات ومشروعات تحقق النمو والاستقرار لبلد كمصر نهبت ثرواته على مدى ثلاثة عقود وضرب الفساد فى جنباته فى كل اتجاه وفقا ل أ ش أ . ومن هنا يحسب للرئيس المصرى أنه أخذ زمام المبادرة وبدأأولى جولاته المكوكية منتهجا سياسة خارجية جديدة أكثر نشاطا وابداعا تعرف "بدبلوماسية رجال الأعمال" والمبنية على تحقيق الاستقلالية والتوازن ورعاية مصالح مصر الوطنية. والتى تعد امتدادا لدبلوماسية "البينج بونج"التى اتبعها الرئيس الامريكى السابق ريتشارد نيكسون فى زيارة الصين فى سبعينييات القرن الماضى لإذابة جليد العلاقات بين الصين وأمريكا،والتى ساهمت بشكل كبير فى تنشيط العلاقات بين البلدين . فكانت دبلوماسية رجال الأعمال فى ثوبها الجديد امتدادا لنهج سياسة الرئيس نيكسون وتهدف إلى تنشيط العلاقات الاقتصادية واستثمارها لصالح مصر سواء بجذب الاستثمارات وبتشجيع إقامة استثمارات مصرية بالخارج تكون عونا استراتيجيا لها. وفى هذا الإطار قام الرئيس المصرى محمد مرسى بثلاث جولات مكوكية بدات بزيارة ذلك العملاق الأسيوى الكبير الصين لخلق تعاون بناء مع هذه الدولة ومن بعد آسيا الصين توجه إلى أوروبا حيث زار كل من بلجيكا وإيطاليا ..واختتم زيارته بتركيا . قد أسفرت هذه الجولات المكوكيةالتى ضمت وفدا كبيرا من رجال الأعمال عن توقيع 8اتفاقيات اقتصادية في مجالات مختلفة إلى جانب بحث المشروعات التى يمكن أن تساهم فيها الصين في مصر سواء بنظام "البي.او.تي "أو غيره فى إطار من الشراكة في المشروعات الكبري التى أدرجت علي البرنامج الرئاسي للرئيس مرسي ومنها مشروعات كان موجودة بالفعل.. مثل مشروع غرب السويس الذى تم تنفيذ المرحلة الأولي منه ثم توقف نتيجة مشاكل جري بحث تفصيلها مع الوزراء المعنيين وازالة المعوقات لاستئناف مرحلة جديدة لاحقا في المشروعوالتى ستاهم بشكل كبير فى خلق فرص عمل جديدة وزيادة استثمارات فى هذه المنطقة . عن أبرز ماحققته زيارة مرسى لبكين هو منح مصر منحها قدرها 450 مليون يوان صيني يعادل 75 مليون دولار لدعم عدد من المشروعات خلال الفترة من 2012 الي 2015،إلى جانب طرح مشروعات اخري تهم المواطن المصري وسيكون لها مردود إيجابى فيما يتعلق بتوفير فرص عمل او ضخ مزيد من الاستثمارات ، ومنها مشروع وادي التكنولوجيا المتقدمة في شرق الاسماعيلية، ومشروع انشاء قطار فائق السرعة يربط القاهرة بالإسكندرية وأسوان.. لخدمة السياحة والاقتصاد. واما الجولة الثانية فكانت لإيطاليا والتي شهدت توقيع عدة اتفاقيات بين البلدين من بينها تسع اتفاقيات للتعاون بين القطاع الخاص بالبلدين بقيمة مليار يورو في مجالات السياحة والصناعات الغذائية ومواد البناء والنقل والمواصلات والتصميم الصناعي والمعارض، الى جانب ست اتفاقيات حكومية في مجالات التعليم والسكك الحديدية والمخابز والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. بالإضافة إلى توقيع عقد مع شركة (إيني) الإيطالية للبترول للتنقيب عن البترول في مصر باستثمارات تبلغ مليار و400 مليون يورو مما يجعل إيطاليا تتقدم في قائمة أكبر الدول المستثمرة في مصر حيث تحتل حاليا المرتبة الحادية عشر . كما تم التوصل إلى اتفاق مع شركة (سمنيس) الإيطالية للتمويل لتنشيط وتمويل الصناعات الصغيرة بحضور رئيسة الصندوق الاجتماعي للتنمية ورئيس البنك الأهلي المصري، كما تم الاتفاق مع شركة (ايتالشيمنتي)، التي تعد من أكبر شركات إنتاج الأسمنت في إيطاليا، للتوسع في إستثماراتها. وكانت الجولة المكوكية الثالثة لبلجيكا والتى تم خلالها اتفاق خوسيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية مع الحكومة المصرية على البدء في إقامة منطقة تجارة حرة بين مصر والإتحاد الأوروبي وزيادة حجم التعاون والتبادل التجاري بين الجانبين. وتم منح مصر 5 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي لدعم المشروعات الصغيرة في مصر،ودعم الميزانية بحوالي 2 مليار ونصف يورو،وذلك بالإضافة إلى دعم الاتحاد للاستثمارات في مصر حتي 2013 بمبلغ 449 مليون يورو في عدة قطاعات ،و 500 مليون يوروآخرى ستقدم عقب اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي و130 مليون يورو لخلق وظائف وفرص عمل جديدة. واختتمت الجولة بتركيا والتى أسفرت عن نتائج اقتصادية مهمة حيث تم التوقيع خلالها على حزمة المساعدات التركية للاقتصاد المصري والتي تشمل تقديم مليار دولار كاستثمارات في مشروعات البنية التحتية في مصر مع تقديم مليار دولار أخرى من تركيا لمصر على هيئة قرض مدته خمس سنوات بشروط ميسرة للغاية حيث تقل فوائده عن ستة من عشرة في المائة وهي نسبة لا تذكر مع فترة سماح للسداد تبلغ ثلاث سنوات. كما تم توقيع اتفاقية جديدة للاستثمار أثناء لقاء الرئيس محمد مرسي مع مجلس الاعمال المصري التركي بقيمة 160 مليون دولار، كما تم تفعيل مذكرة التفاهم التي وقعت بين البلدين في إبريل الماضي والتي تسمح بمرور الشاحنات التركية عبر الاراضي المصرية مما يسهم في زيادة حجم التبادل التجاري الذي يبلغ حاليا خمسة مليارات دولار والمطلوب مضاعفتها مستقبلا لتصل إلى عشرة مليارات دولار. إلى جانب زيادة استثمارات الخاصة ب 20 شركة تركية تعمل في السوق المصرية بإستثمارات تبلغ مليار وثلاثمائة مليون دولار، وكذلك بحث المشكلات التي تتعرض لها شركتان تركيتان في مدينة السادس من أكتوبر وتم التعهد بحل هذه المشكلات. ويرى المراقبون أن وتيرة الأداء والتوجه إذا سارت على هذا النحو وبهذا الزخم ستخرج مصر من كبوتها الاقتصادية وعثرتها التمويلية وستحقق النمو المنشود لاقتصاد تعرض لهزات موجعة أصابت الوطن والمواطن . ومن هنا تقع على رجال الاعمال فى مصر مسئولية ثقليلة فى تفعيل هذه الدبوماسية شرقا وغربا وشمالا وجنوبا مع كل دول العالم لان مصر فى حاجة إلى لملمة الجراح وتضميدها حتى تتعافى بواسطة رجال أعمالها ومواردها الكامنة التى تبحث عن المخلصين .