إقالة الرئيس محمد مرسى مدير جهاز المخابرات العامة، وغيره من الشخصيات الأمنية القوية فى أعقاب هجوم سيناء الدامى، أعطته بعض المصداقية على المدى القصير. استخدم مرسى بحكمة، هذه الفرصة السياسية لتهميش اثنين من أقوى أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإلغاء الإعلان الدستورى المكمل، الذى أعطى للجنرالات صلاحية التشريع. لكن مجلة «فورين بوليسى» تقول إن مرسى -على الورق- هو أقوى شخص فى مصر الآن. لكن القول بأن تحركه هذا خطوة مهمة تجاه صعود الدولة المدنية فى مصر، يسىء قراءة كل من القوة المستمرة وكذلك الدوافع بالنسبة إلى قيادة المجلس العسكرى الجديدة. المجلة تلفت فى تقرير لها أمس (الخميس) إلى أن نظرة عن قرب تكشف حدود سلطات مرسى، وتذكر بأن مرسى لم يرقّ ضباطا صغارا ليشغلوا المناصب التى خلت بعد الإطاحة بالمشير محمد حسين طنطاوى ورئيس الأركان، الفريق سامى عنان. وتوضح أن تعيينات مرسى كانت فى واقع الأمر «محافظة» وهو اختار قادة عسكريين كبارا لشغل المناصب الخالية. والأهم -حسب المجلة- هو أن مرسى ما كان ليتمكن أبدا من تهميش طنطاوى وعنان، من دون دعم قادة عسكريين آخرين. وهذه الخطوة كانت النجاح التكتيكى الأكبر بالنسبة إلى مرسى، فقد تمكن من بناء روابط قوية بما يكفى مع بعض أعضاء المجلس العسكرى، واستغل الخلافات الشخصية والانتهازية، لا الأيديولوجية. وقالت «فورين بوليسى» إن أعضاء المجلس العسكرى الكبار يريدون الاستفادة ماليا من مناصبهم وليسوا قوة دعم لعلمانية الدولة مثلما زعم بعض المراقبين، ومرسى تمكن من إقناع بعض القادة، مثل وزير الدفاع الجديد عبد الفتاح السيسى، بأنه سيكون من مصلحتهم أن يعلقوا حظوظهم على الإخوان لا الحرس القديم، حيث كان طنطاوى وعنان مرتبطين بقوة بنظام مبارك. سيحتاح مرسى -وفق المجلة- إلى تغذية تلك العلاقات، ففى حال شعر القادة الجدد بالخطر، فهم ما زالوا من القوة بما يكفى للتسبب للرئيس بمشكلات حقيقية. ونتيجة لهذا، تقول «فورين بوليسى»، فإن المعركة المتأرجحة على الصعود بين الإخوان والجيش سوف تستمر. التعايش بين الإخوان والعسكر انتهى الآن -حسب تعبير مجلة «الإيكونومست» البريطانية المرموقة- التى تقول فى عددها الصادر اليوم السبت، إن الجيش جرى تهميشه بشكل مؤثر بإعلان هادئ فى 12 أغسطس، أصدره محمد مرسى، الرئيس المنتخب حديثا، الذى يأتى من صفوف الإخوان المسلمين. لكن المجلة تقول إن الإطاحة بالرجلين النافذين، المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس العسكرى، والفريق سامى عنان، رئيس أركان الجيش، لم تجرد الجيش من كل سلطاته، فكما هو الحال فى عديد من البلدان العربية والإفريقية