عادت مسألة مغادرة مقر البنك الافريقي للتنمية للعاصمة التونسية لتطفو على السطح مجددا بعد أن أجلت لمدة ثلاث سنوات بمقتضى قرار مجلس إدارة البنك الذي اتخذ سنة 2008، حيث أصبحت عودة مقر البنك الافريقي للتنمية إلى العاصمة العاجية أبيدجان وشيكة خاصة بعد الزيارة الرسمية التي قام بها دونالد كابيروكا، رئيس البنك التي اختتمت في 28 نوفمبر الماضى الى ساحل العاج حيث عقد عديد المحادثات مع وزير الخارجية دانييل كابلان دونكان تواصلت ليومين و انتهت بتوقيع اتفاق يحضر لعودة مقر البنك إلى أبيدجان بعد أن غادرها سنة 2003 لاسباب أمنية. وبمقتضى هذا الاتفاق أصبحت هذه العودة مسألة وقت مرتبطة باستكمال بعض التفاصيل التي سيقع بحثها لاحقا. ويدافع المسؤولون الإيفواريون بشدة عن حق بلدهم في إسترجاع إستضافة مقر البنك خاصة بعد إستقرار الأوضاع الأمنية في البلاد وتنصيب رئيس للدولة، لكن يجمع الملاحظون أن المتضرر الوحيد من هذا الإجراء في صورة تحقيقه هو الدولة التونسية خاصة على ضوء وضع اقتصادي صعب. فبعد مغادرة عشرات الشركات وعشرات المستثمرين الأجانب تونس إلى دول أخرى كالمغرب بسبب توتر الأوضاع السياسية، ها هو البنك الإفريقي يستعد لمغادرة مقره الدائم في تونس والذي يعود إلى سنة 2003 . وإذا علمنا حجم الامتيازات التي تجنيها تونس جراء استضافة هذا المقر، ندرك الأثر السلبي الذي سيلحق بها بسبب هذه المغادرة الوشيكة، فوجود البنك الإفريقي للتنمية بتونس يعد استثمارا أجنبيا هاما في البلاد ويدر مداخيل هامة من العملة الصعبة على خزينة الدولة بحكم وجود عدد هام من موظفي وإطارات البنك بتونس بشكل دائم وبحكم النفقات اللوجيستية الكبرى التي يصرفها البنك والتي تعود بفائدة كبرى على خزينة الدولة، إضافة لما أصبحت تحظى به تونس من سمعة جيدة في مجال استقطاب المؤسسات المالية العالمية. كما ان إدارة البنك عادة ما تتساهل مع تونس في منح القروض التنموية الكبرى بحكم سهولة التواصل مع المسؤولين فضلا عن الهبات التي يمنحها البنك من حين لآخر للدولة التونسية، وكذلك تشغيل عدد كبير من التونسيين . لذلك فان مغادرة هذا البنك للبلاد التونسية سيعطي انطباعا خاطئا للمستثمرين الأجانب . لكن في المقابل يجب الاقرار أن أسباب هذه المغادرة في صورة حدوثها مرتبطة بعوامل خارجية متعلقة باصرار ساحل العاج على إسترجاع المقر رغم أن البعض يرجع ذلك ولو بصفة ثانوية إلى الوضعية الاقتصادية التي تشهدها تونس من عدم إستقرار سياسي وإقتصادي بسبب تواصل الاعتصامات وعدم تشكل الحكومة إلى حد الآن. وكان بول أنطوان بوهن بوابري وزير التخطيط والتنمية الإيفواري قد صرح : «على الايفواريين أن يطمئنوا لان بنكهم سيعود اليهم»، معبرا عن أمله في رؤية البنك الافريقي للتنمية الذي إنتقل إلى مقر مؤقت في تونس في عاصمة بلاده مجددا، مشددا على أحقية بلاده في إستعادة مقر البنك وفعل كل ما يلزم لدعم هذا المسعى من ذلك قيادة لوبي ايفواري داخل الاتحاد الافريقي يدفع نحو الضغط على إدارة البنك للعودة إلى ساحل العاج. لكن يبقى السؤال المهم : هل تستطيع تونس قيادة مسعى معاكس يمكّن من الحفاظ على مصالحها و الإبقاء على مقر البنك في بلادنا؟