تغليظ العقوبات ومضاعفة الغرامات ..هذا ما تحمله التعديلات الجديدة لقانون المرور فى محاولة للحد من حوادث الطرق ..فهل ستجدى هذه الإجراءات فى زحزحة مصر من المرتبة الأولى عالميا فى ضحايا هذه الحوادث بمعدل 13 ألف قتيل و60ألف مصاب فى 2013خاصة انها ليست المرة الاولى التى يتم فيها تعديل قواعد المرور ، ومازالت الحوادث مستمرة ولعل أبرزها وفاة11 طالبة فى منطقة الكوامل بسوهاج ،ثم تفحم 12 جثة فى حادث احتراق أتوبيس طلاب البحيرة. وبالتالى شملت تعديلات قانون المرور الجديد الذى وافق عليه مجلس الدولة ، تشديد العقوبات المفروضة على مرتكبى المخالفات المرورية ..فعلى سبيل المثال وفقًا للقانون الجديد ، سيتم الحبس مدة لا تقل عن عام للقيادة تحت تأثير المخدر، والسجن مدة لا تقل عن سنتين وغرامة عشرة آلاف جنيه إذا ترتب على ذلك إصابة شخص، وإن تفاقمت العواقب الى وفاة شخص أو عجز كلي تكون العقوبة السجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وغرامة 20ألف جنيه مع فرض غرامة من ألف إلى 3 آلاف جنيه على مخالفات السير عكس الإتجاه، بينما في حالة الانتظار الخاطىء يتم سحب رخصة القيادة مدة لا تقل عن شهر ،وعند قيادة المركبة ليلاّ بدون استعمال الأنوار الأمامية المقررة والأنوار الخلفية الحمراء أو عاكس الأنوار المقررة، يتم سحب رخصة القيادة مدة لا تقل عن ستة أشهر. نطرح القضية للنقاش مع الخبراء والمتخصصين وقائدى السيارات ، متسائلا:هل الحل فى العقوبات الرادعة فقط أم لابد من تنفيذ إجراءات إحترازية لتفادى الكوارث قبل حدوثها وما دور سائر الجهات المعنية فى تطبيق هذه التعديلات الجديدة بحسم ؟ . غياب الرؤية الشاملة المهندس عادل الكاشف رئيس الجمعية المصرية لسلامة المرور قال للموقع إن ملف المرور وسلامة الطرق يحظى حاليا بإهتمام القيادة السياسية خاصة بعد تفاقم معدلات الحوادث ولكننا مازلنا نحتاج الى تعاون الخبراء فى وضع رؤية شاملة لحل مشاكل المرور وفق دستور مرورى له آليات تطبيق فاعلة . وطالب الكاشف بالتنسيق بين الجمعية وكل الجهات المختصة بما فيها المجلس القومى لسلامة الطرق، الذى اجتمع مؤخرا لأول مرة ، بعد انقطاع لعدة سنوات منذ تأسيسه فى الثمانينيات سواء فى إجراء الدراسات الفنية ، أو صلاحيات إلزام الجهات المعنية بالمرور بتنفيذ السياسات المرورية والتعديلات القانونية الجديدة . ودعا الى تشكيل فرق عمل فى التخطيط والتنفيذ لدراسة الطرق الأكثر تعرضا للحوادث وأسبابها الرئيسية وطرق تفاديها مع تخصيص دورية راكبة بالتناوب على الطرق السريعة للابلاغ عن اى قصور فورا من أجل تخفيض معدلات الحوادث الجسيمة. واشار الى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة فى هذا المجال خاصة الدول العربية المشابهة والمزدحمة كالصين للتعرف على أحدث النظم المتبعة لمواجهة الحوادث المرورية، ونقل خبراتهم مع أهمية توظيف الوسائل الحديثة فى المراقبة، مثل الرادارات، وكاميرات المراقبة بالميادين، والشوارع، والطرق الرئيسية. إعادة النظر بالقانون ويرى المحامى بالنقض عماد عبد المقصود أن تغليظ العقوبات لن يحل مشاكل المرور لأن الأهم من العقاب هو تفادى المشكلات والحوادث وهوما يقتضى إعادة النظر فى بعض مواد القانون بحيث تعالج الأسباب المتكررة لوقوع الحوادث ، فعلى سبيل المثال حادث البحيرة الأخير لم يكن بسبب السير عكس الاتجاه وانما السبب الرئيسى لتفاقم الحادث يرجع لعدم وجود نقطة إطفاء سريع على الطريق الزراعى السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والأخطر أنه لايمكن استدعاء الاسعاف او المطافىء عن طريق الموبايل حيث ترد رسالة بالاتصال من رقم التليفون الارضى واستئذان القيادات . وطالب المستشار القانونى عماد عبد المقصود بضرورة التمييز بين قواعد ومخالفات القيادة داخل المدن وعلى الطرق السريعة وإعادة النظر فى شروط إقامة مدارس على الطرق السريعة لعدم تعريض أرواح التلاميذ للخطر وتساءل عبد المقصود :اذا كانت مركبات النقل الثقيل منعت من السير نهارا داخل المدن فقط .. فماذا يفعل من يسير بجوارها ليلا أو على طريق سريع خاصة ان الشاحنات والمقطورات على الطرق السريعة واختلاطها بالمركبات الصغيرة المختلفة فى الحجم والسرعة ، وراء 40% من نسبة الحوادث وحوالي50% من أعداد القتلى. وأكد أنه من المهم إعادة تخطيط الطرق وتخصيص حارات منها حارة اقصى اليمن للنقل الثقيل واخرى للنقل العام مثل الكثير من الدول ،فالسعودية مثلا تخصص دوريات راكبة تحمل رادارات متحركة لإيقاف المخالف ولاتكتفى بالرادارات الالكترونية الثابتة لأن السائقين عادة يبلغون بعضهم البعض لتفاديها . مخاوف ومطالب السائقين أما عن ردود فعل عينة من السائقين والركاب ، فقال شريف حسين قائد سيارة تاكسى فى الخمسين من عمره ان السائق مظلوم لأنه عند وقوع أى خطأ بسيط قد يكون خارجا عن إرادته يصبح مهددا بالحبس مع المجرمين وهذه العقوبة لن تحل المشكلة بالنسبة للمدمنين لأنهم لن يكونوا أساسا فى وعيهم لكنها ستمثل ضغطا على أعصاب السائقين الملتزمين بدرجة قد تجعلهم يتورطون فى مخالفات مثل عدم استخدام حزام الأمان أو الحديث فى التليفون المحمول لأى طارىء وساعتها قد توقع على السائق غرامة 300 جنيه ان لم يكن حبسا 6 أشهر. وأضاف سائق التاكسى أن مضاعفة الغرامات لم تراع ظروف سائقى الأجرة خاصة من عليهم أقساط يسددونها لصاحب السيارة الذى سيرفض الدفع بحجة انه لم يكن سائقا للمركبة وقت حدوثها أو يقوم بخصم قيمة المخالفة . سائق اخرلميكروباص ، تساءل :هل التعديلات عقوبات وغرامات فقط دون وضع محاذير واحتياطات مثل إصلاح شبكة الطرق ومعالجة المطبات العشوائية وترميم الكبارى وإصلاح السيارات المتهالكة والصيانة الدورية والكشف الدورى على السائقين وقائدى السيارات أيضا وتوفير نقاط اسعاف واطفاء وورش على الطرق السريعة . وطالب بأن يوضح القانون وضع سائقى التوك توك والدراجات البخارية وضوابط استخدامها فى الشارع المصرى والميادين الرئيسية محذرا من استغلال الدراجات التى لا تحمل لوحات معدنية فى أعمال السرقة والفرار. وأكمل متبرما "قائدو السيارات أيضا منهم من لايلتزم بقواعد وآداب المرورو ، ومنهم المدمن ، ناهيك عن الرعونة فى القيادة، وهناك سائقو سيارات نقل يتعاطون المواد المخدرة، لتنبيههم حتى يواصلوا السير لساعات طويلة، فاذا تم سحب رخصهم من سيعمل بدلا منهم فى ظل نقص عدد السائقين المدربين ؟. والتقط خيط الحديث عبد النبى محمد عبد الستار سائق يعمل مع أخيه على جرارى مواد بناء ليشكو من تضرره من تبعات قرار حظر سير النقل الثقيل داخل المدن نهارا مما يعرضه لخسائر مادية ومخاطر كثيرة قد تجعله مدمنا أو تاجر مخدرات . وطالب بتعديل القرار ليسمح لهم بالسير من السادسة مساء حتى 11 صباحا بحيث يتمكنوا من دخول المحاجر وتخليص الاجراءات نهارا قبل ازدحام المواصلات فترة الظهيرة وبالتالى لن يتسببوا فى اختناق مرورى أو حوادث . وأوضح أن وجوده لساعات ليلا فى قلب الجبال يجعله محاصرا بتجار المخدرات ومطاريد الجبل ولايمكنه الخروج للطريق تلافيا للمخالفات فضلا عن ان المكاسب تراجعت فى وقت ينفقون فيه على تغيير إطارات الجرار وهناك من يسدد "كمبيالات " ب7 آلاف جنيه شهريا غير قيمة المخالفات . وتساءل عبد الستار: أين الخدمات التى يحصل عليها السائق مقابل ما يدفعه عند وزن الحمولة والمقدر ب 500 جنيه واذا لم يدفع لا يدخل المدينة وتوقع عليه غرامة تصل 1400 جنيه ..فهل هناك طرق ممهدة ونقاط إسعاف وإطفاء وأعمدة إضاءة كافية ؟. أين عقوبة المرتشين ؟ اما أيمن السيد مهندس يعانى من متاعب قيادة سيارته وسط الفوضى والزحام بالشارع المصرى ، فقال "العقوبات ستطبق على السائقين وقائدى السيارات فقط وأين تشديد عقوبات المرتشين الذين يستخرجون رخصا لمن يدفعون دون ان يكونوا مؤهلين للقيادة أصلا وربما لديهم إعاقة ثم ان هناك غقوبات مبالغ فيه مثل غرامة وحبس لاستعمال المحمول وهناك شروط متعسفة بتجديد حقيبة الاسعاف او المثلث العاكس للرؤية رغم كونها صالحة فى كثير من الاحوال . وطالب بتشديد عقوبة طمس أرقام لوحات السيارات لأنها تجعل صاحبها يتهرب من المخالفات والغرامات وربما يرتكب حادثا دون ان يستدل عليه أحد علما بان ذلك يحدث من شخصيات ذات نفوذ ..فهل سيتم تطبيق القانون على الجميع ؟. بينما يشكو عبد المنعم اسماعيل صاحب معرض سيارات بالمهندسين من أن تعديلات قانون المرور الجديد توقع الغرامات والحبس على مالك السيارة وليس قائدها..متسائلا :ما ذنب المالك الذى يؤجر السيارة لاخر دون أن يعلم ما ارتكبه من مخالفات قد تصل الى القتل الخطأ ؟. وطالب اسماعيل مجلس الوزراء بتعديل هذه الإشكالية في القانون الجديد بتوقيع الغرامة على قائد السيارة وليس مالكها قبل التصديق النهائى على التعديلات . وتساءل :كيف تعاقب الحكومة سائقا يسير عكس الاتجاه أو ينتظر فى مكان خاطىء قبل أن توفر له اللوحات الارشادية والاشارات الواضحة وجراجات الانتظار؟. ترحيب ركاب الاجرة فى حين يرحب كثير من الركاب بعقوبات قد تواجه فوضى مواقف وسيارات الاجرة، إن طبقت، فينص القانون على فرض غرامة من 300 الى 1500جنيه فى حالة طلب أجرة أكثر من المقرر أو نقل عدد من الركاب يزيد عن الحد الأقصى المقرر أو نقل الركاب من غير مواقف الانتظار المخصصة (بالنسبة للمركبات الأجرة). أما عند مخالفة خط سير المركبة الأجرة المحدد أو السير بالسيارة الأجرة بعطل العداد أو عدم وجود مثلث عاكس للرؤية أو حقيبة إسعافات أولية بالسيارة تكون العقوبة سحب رخصة القيادة مدة لا تقل عن شهر. بينما يتخوف احمد كمال طالب وعضو بجمعية اصدقاء المرور من أن يترتب على تشديد العقوبات عدم تطبيقها، او تطبيقها حسب الحالة وفى توقيت دون اخر لتهدئة الرأى العام . وايد التدرج فى تطبيق العقوبة ،وفقا لحجم الضرر والخسائر المترتبة على المخالفات ، فخطورة السير عكس الاتجاه تتفاوت بين القيادة على الطرق السريعة و الطرق داخل المدن أو على الطرق الجانبية. وعلق على وضع جهاز محدد للسرعات بمركبات السياحة، ونقل الركاب والنقل بنصف مقطورة لا يتيح فنياً لقائدي تلك المركبات تجاوز السرعات المقررة لها،بأن اختراق الأجهزة وارد والحيل الالكترونية ممكنة وقد يتم تعطيل الجهاز . ونبه لوجود إهمال بصيانة المركبة سواء فى الإطارات، أوالفرامل، أو فوانيس الإضاءة، أو ماسحات المطر دون مبالاة بأن تهالكها قد يتسبب فى وقوع كارثة على الطريق. أما المحامى جمال الشافعى ، فطالب بمراعاة البعد الاجتماعى لقرار حظر سير النقل الثقيل وتعويض المتضررين مثلما تم استثناء ناقلى السلع الاستراتيجية خاصة ان هناك اتجاها لإلغاء المقطورة وبالتالى ماذا يعمل السائقون عليها بل قد يضطرون للتجارة فى المحظورات لتعويض الخسارة ؟!. وطالب بتسجيل بيانات السائقين المسحوبة رخصهم على قاعدة بيانات تنفيذ الأحكام حتى لايتحايلون على القانون بعمل محضر "فقد رخصة" لاستكمال مسيرة القيادة مع توقيع عقوبة التزوير والتحايل على من يتم ضبطه . حلول جزئية حاسمة ويرى اللواء مصطفى درويش مدير الادارة العامة للمرور أن تشديد العقوبات فى قانون المرور، قد لا ينهى الحوادث ولكنه يساعد فى حل المشكلة جزئيا، مؤكدا أن زيادة الغرامة إلى 20 ألف جنيه والحبس الوجوبي، فى تعديلات قانون المرور الجديد، وإلغاء الرخصة، عقوبات رادعة للمخالفين ،وسيتم تطبيقها بكل حسم، ودون تهاون. وأضاف مدير المرور أن معدلات مخالفات السير عكس الاتجاه أو الانتظار الخاطئ ورفع السيارات المتهالكة والمتروكة فى الشوارع تتراجع مع تكثيف الحملات وتطبيق العقوبات بلا تهاون ، وهناك حملات للكشف عن متعاطى المواد المخدرة أثناء القيادة. وأكد انه تم تكثيف الرادارات والكمائن المرورية على مختلف الطرق، لمراقبة السرعات العالية، وضبط التجاوزات وقت وقوعها، حيث يعمل نحو 40راداراً طوال اليوم فضلا عن رادارات ثابتة على الطرق الدائري، وتم شراء 40 راداراً جديداً، لتغطية كل الطرق بالمراقبة للحد من الحوادث المرورية، ومواجهة السرعات العالية، التى تؤدى لكوارث المرور. ومازلنا فى انتظار النتائج الملموسة على أرض الشارع والتى تحتاج منظومة متكاملة من الإجراءات الحاسمة .