" مجتمع اللقطة لا الحقيقة ".. بقلم/ أ.د. أيمن تعيلب ..استاذ النقد وعميد كلية الآداب الأسبق لدى جامعة السويس

دائما فى حياتنا العربية،نقتات الوهم،ونجتر الزيف،نحن نكذب طوال الوقت،نحن طغاة فاسدون مفسدون وماشاعت فينا الخرافات والأوهام والزيوف إلا بسبب طغياننا وفساد نا،نحن طغاة مستبدون نقضى كل يوم على قداسة السماء الطاهرة بدناسة الأرض الموبوءة.
نقدس أشخاصا ونظما ونظريات وأفكارا وننسى الحق والحقيقة،نقدس كبارنا الظلمة،ومناهجنا المرتبكة،ونظرياتنا المنقوضة،وهزائمنا المتكررة،ونسلم تماما لآبائنا وأمهاتنا وعائلاتنا المزيفة،نحن نصدق مخاوفنا الجاثمة،وترهاتنا السائدة.وقدريتنا الكاذبة،وخضوعنا الذليل،وسلبيتنا الملتصقة بالتراب،نحن جزر منعزلة،جوارنا وهم،وحوارنا خداع،استنضبنا فى أرواحنا النخرة كل مواريث الطهارة والقداسة.نحن لاتاريخيون بامتياز.نحن خرافيون بجدارة،نحن اتكاليون لاعقليون بصورة مذهلة.نحن مكررون سقيمون،الطرق نفس الطرق،والسكك نفس السكك،والطغاة نفس الطغاة،نحن مشعوذون موتورون.لذلك كله سنظل ندور حول الحمى دون أن نقع فيه.
المجتمع العربى مجتمع شكليات،فسيفساء مرصوصة بإحكام وهمى، حياتنا شعارية وهمية،تفرغ منها العلاقات الإنسانية والاجتماعية والثقافية من محتواها الحقيقى الأصيل،علاقاتنا يملؤها القش والغبار والوهم،علاقات السادة والعبيد ،الأسود والأرانب،سطوة الأسود لا كبرياؤهم،وهرولة الأرانب لا حنوهم.أن تعيش فى مجتمع عربى فهذا يعنى أنك مشروع ضحية طول الوقت،الحياة مشروع شخصى فردى تماما،مهما تعللنا بالظروف والأحوال فلن يكون الآخرون خلاصنا أبدا،خلاصنا دائما يقع فى المسافة المتوحشة الضارية الراقدة فى الخفاء بيننا وبين الآخرين.
للأسف نحن نعيش المجتمعات الشبيهة بنفسها،المجتمات الشبيهة بالحقيقة لكنها ليست من الحقيقية فى شىء ولايحزنون.مجتمعات تسمى النفاق أدبا،والرشوة إحسانا،والامتثال للظالم ذكاء ونبلا، فيختلط الحابل بالنابل،ثم ترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن وهم الزيف شديد.
هذه مجتمعات اللغو لا اللغة،الطلاء لا البناء،الوهم لا الحقيقة، النسخة لا الأصل، اللقطة لا الوجود.