"فاقد الشيء لا يعطيه" مقوله بدرت إلي ذهني عندما أعتذرت صديقتي عن نسيانها إحضار كتاب أستعارته مني متعلله بأن ذاكرتها مثل " ذاكره الاسماك". فكيف للاسماك التي يعد تناولها سببا لزيادة النشاط الذهني للانسان وتقوية ذاكرته أن تكون هي نفسها ذات ذاكره ضعيفه ؟ هذا ما تنفيه الدراسات الحديثة مؤكدة تمتع الاسماك بذاكره قويه وهو ما يعني أن مقولة (فاقد الشيء لا يعطيه ) أثبتت صحتها في عالم الأسماك. فقد تبين أن الدلافين على سبيل المثال تتشابه ذاكرتها مع ذاكره البشر فهي تستطيع أن تتذكر أصواتا أعتادت علي سماعها بعد ان ابتعدت عنها لمدة طويلة كما انها تستطيع أيضا التعرف علي رفاق من جنسها فرقتهم تجارب العلماء لقرابه 10 سنوات ولذلك فقد جعلت قوة الذاكرة من الدولفين بطلا استعراضيا علي المسارح المائية التي يتسابق الناس لمشاهدتها . كذلك حال الذاكرة عند أسماك القرش فقد أتضح أنها تستطيع تذكر الأشكال بعد مرور عام كامل من رؤيتها حيث اوضحت دراسه ألمانيه ان القرش يستطيع التمييز بين الاشكال الهندسيه.ليس هذا فحسب بل أن مخ اسماك القرش لايصاب بالشيخوخه أبدا وهذا ما يفتقر اليه البشر . و قوة الذاكره لا تقتصر على الاسماك ذات الحجم الكبير فقط لكن الأسماك الصغيره هي الأخرى تتمتع بذاكره قويه ففي جامعه MacEwan بكندا أجريت دراسات علي أسماك السيكيلد الإفريقيه حيث تبين أن لها ذاكره تمكنها من التوصل لمكان الطعام حتي بعد أسبوعين من توقف التدريب . وفيما يخص بطله هوليوود الشهيرة السمكه الذهبيه فقد استحقت أن تظهر في بعض أفلام ديزني كنموذج سينمائي مبهر حيث أثبتت الدراسات التي أجريت عليها أن ذاكرتها تمكنها من ممارسه بعض المهارات المميزة مثل تعلم الضغط علي رافعه خاصه للحصول على الطعام وليس هذا فحسب بل تبين أن لها قدرة أيضا علي إستشعار الوقت حيث تذهب الأسماك يوميا في نفس الموعد للحصول على وجبتها الشهيه . كما يوجد بعض أنواع أخري من الأسماك التى تملك حسا يمكنها من تمييز نغمات الموسيقي التي كانت تعزف خلال فتره تدريبها وبمجرد سماعها مرة أخري تتجمع الاسماك في نفس المكان الذي اعتادت عليه. وكما تتفاوت قوه الذاكرة عند البشر فهي تتفاوت أيضا بين أفراد النوع الواحد من الأسماك فنجد أن منها من يمتلك ذاكرة قوية وأخرى قد تخونه ذاكرته . لكن هل سيقتصر إستغلال ذاكرة الأسماك علي العروض الاستعراضيه الشيقه التي تجذب الكبار والصغار وعلى الأفلام الهوليودية ؟ لا يبدو الأمر كذلك فالعلماء يقومون بالعديد من الأبحاث والدراسات لتطويع هذه المنحه الالهيه بما يخدم البشريه .ففي مجال الطب يعكف الباحثون علي محاربة مرض "الزهايمر" عند الانسان مستغلين التشابه التشريحى بين مخ الانسان وسمكه القرش وهو ما يبشر بتطور طبي كبير في هذا المجال أما في مجال الثروة السمكية فتشير الدراسات الى إمكانية استغلال ذاكره بعض أنواع الأسماك في مجال الإستزراع السمكي حيث يمكن تدريبها بطريقة تسمح بسهولة رعايتها وإكثارها مما يوفرالجهد والوقت والمال. ولعل أكثر فائدة تقدمها الأسماك على المستوى الشخصي هي أن تتبع صديقتي نصائح الخبراء وتتناول 100 جرام من الأسماك مرتين علي الأقل في الأسبوع وهو ما سيساعد على تقوية ذاكرتها بصورة قد تسمح لي باستعادة كتابي المفقود يوما ما .