تعرف على طريقة إبلاغ الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية عن الجرائم المرورية والجنائية    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاثنين 7-7-2025 في محافظة قنا    هيئة التأمين الاجتماعي توضح شروط الحصول على معاش ربات البيوت    تعرف على خطوات التصالح في مخالفات البناء وفقا للقانون    القانون يحدد نسبة تشغيل الأجانب في المنشآت الصحية.. التفاصيل    تحت شعار كلنا أيد واحدة.. وزارة البيئة تطلق مبادرة لتنظيف الشواطىء من المخلفات في الإسكندرية    انفجارات عنيفة في محافظة الحديدة بغربي اليمن جراء غارات إسرائيلية    حكومة غزة: الاحتلال ارتكب 59 مجزرة خلال 100 ساعة أدت لسقوط 288 شهيدا بينهم ضحايا من طالبي المساعدات    "الجارديان": من المرجح التوصل إلي وقف إطلاق النار في غزة قريبًا.. وهذه هي الأسباب    وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره البريطاني المستجدات في المنطقة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مواقع تابعة لحزب الله في لبنان    وزير خارجية فرنسا لنظيره الإيراني: نطالب بالإفراج الفوري عن مواطنينا المحتجزين    الشريعي: عبد الناصر محمد لم يغادر إنبي.. والزمالك لم يتواصل معنا    أمير هشام: جون إدوارد نجح في تجديد عقد السعيد ب35 مليون لمدة موسمين    خالد الغندور: تحركات إدارية جديدة في الزمالك بطلب من عبد الناصر محمد    عاجل| «أديس» تواصل البحث عن المفقودين الثلاثة في حادث غرق البارجة «أدمارين 12»    نقابة البترول تلغي احتفالاتها حدادًا على أرواح ضحايا القطاع    منى الشاذلي بعد جدل اللوحات التي نسبتها مها الصغير لنفسها: نحترم المبدعة الحقيقية الفنانة الدنماركية    أصالة تُحيي سهرة غنائية في مهرجان جرش أغسطس المقبل    إدوارد يكشف تفاصيل إصابته بالسرطان    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 7 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    «نقل الكهرباء» توقّع عقد إنشاء محطة محولات بلبيس الجديدة    اليوم .. «حماة الوطن» يعقد الاجتماع التنسيقي الثاني للأحزاب ضمن القائمة الوطنية    دنيا ماهر: لا يشغلني التريند.. ومستعدة للزواج مرة آخرى    الداخلية تواصل تطوير خدماتها: منافذ جديدة وتقنيات ذكية لتيسير الإجراءات على المواطنين | فيديو    جهاز تصفيف الشعر السبب في حريق صالون حريمي بالشروق    حالة الطقس اليوم الإثنين 7 - 7 - 2025 بمحافظة البحيرة    تفاصيل موافقة النواب على تعديلات قانون الرياضة    على طريقة غادة والي.. فنانة دانماركية تتهم مها الصغير بسرقة لوحاتها    سان جيرمان يبدأ تحضيراته لمواجهة ريال مدريد فى قمة مونديال الأندية.. صور    وكيل مالكوم يؤكد استمراره مع الهلال السعودي ويكذب شائعات الرحيل    سرقوا توكتوك وصاحبه تحت الإكراه .. محاكمة لصوص مدينة نصر أمام الجنايات    وفاة فتاة عشرينية متأثرة بإصاباتها في حادث طريق "بلبيس - مسطرد"    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة فيديو الجيزة المثير للجدل    المرور في ثوب جديد.. تطوير شامل وتحول رقمي لخدمة المواطن    الأهلي ينتظر وصول عرض رسمي يتخطى ال10 مليون دولار للموافقة على بيع وسام أبو علي    قبل جوتا.. 4 أندية تقرر حجب رقم قميص لاعبها    مع اقتراب نصف النهائي.. ترتيب القوى في مونديال الأندية 2025    مي عمر جريئة و سارة سلامة داخل سيارتها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    25 صورة من عزاء المطرب الشعبي أحمد عامر    يوتوبيا: قصة المدينة الفاضلة التي وُلدت كبديل للطغيان والفساد    عن "دار العلوم" العزيزة أتحدث    تراجع مفاجئ لنقابة المحامين عن الإضراب الشامل.. ضغوط سياسية أم مناورة تكتيكية؟    تعرف على مواصفات اختبارات القدرات 2025 بكلية الفنون الجميلة    "سينما 30" و"مرسل إلى" يحصدان أفضل عرض بالمهرجان الختامي للفرق المسرحية    يتحدث 5 لغات واهتم بمتابعة الأهلي.. 20 معلومة عن يانيك فيريرا مدرب الزمالك الجديد    اختراق وآلام شديدة.. أطباء يستخرجون «ثعبانا» من بطن مريض (صورة)    أمين الفتوى يوضح حكم إخفاء معلومات عن شريك العمل: خيانة للأمانة ومخالفة شرعية (فيديو)    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    أمين الفتوى: يجوز التبرع بنفقات العمرة لشخص.. وهذا من أبواب البر والإعانة على الخير    تجهيز مركز طب أسرة الزهراء بطور سيناء استعدادًا لبدء التشغيل (صور)    تأثير التونة على الكوليسترول- تزيده أم تخفضه؟ "فيديوجرافيك"    المغرب    أمين الفتوى: 6 حالات توجب الغُسل على المرأة.. 3 منها مشتركة مع الرجل و3 تختص بها النساء    دعاء السفر.. اللهم احفظنى فى سفرى وارزقنى السلامة    19 مرشحًا لانتخابات مجلس الشيوخ يخضعون للكشف الطبي في أسيوط    ما موقف طالب الثانوية العامة المتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات 2025؟    "معلومات الوزراء" يكشف تفاصيل أول جهاز تنفس صناعي مصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحبة الهاتف المشغول...ميسون أسدي
نشر في الواقع يوم 02 - 12 - 2011


بقلم : ميسون أسدي
امتد حديثنا معًا إلى آخر الليل في الليالي الرائقة. استمعت إلى تعبيراتها المرهفة والبليغة. امتلأت أجواؤنا بنسمات المحبة. زرنا معًا الأصدقاء بمودة صافية. ترنحنا بخطواتنا في المجمعات التجارية. كانت لنا غوايات وعذابات في ترددنا إلى الأماكن الرسمية. ما زال داخلي يضطرم عشقا بها. قريبة إلى جسدي كروحي، أعبدها وأفضلها على الجميع منذ طفولتي.
بتُ حزينة ومسجونة بدونها. تمنيتُ أن أعود لأقضي معها بعض الوقت كما كنا في السابق، لكن هاتفها سرقها منّي. تتحدث يوميا بالهاتف ساعات طوال قد تصل بها إلى حدود الفجر. وإن لم تفعل ذلك تبقى عصبية المزاج، حامية الطباع، منفعلة. تهدأ حينما يرنّ الهاتف الذي تعشقه ولا تمل من هذا الصديق الجامد الذي أشغلها عني وبدأت تفضله عليّ.
غضبت منها بداية. شعرت بالغيرة من هاتفها. تمنيت أن أكون أنا هاتفها النقال لتحبني، كما أحبها وكما هي تحب هاتفها. بدت عليها ظواهر غريبة. لست معتادة على أن تبدر منها مثل هذه التصرفات. باتت انطوائية وانزوائية وعدوانية بعض الشيء. تثور لأتفه الأسباب وتتصرف بصبيانية لا تلائم سنها. تخرج من البيت وتعود مع الغروب. أتصل بها ولكن هاتفها مشغول دائما، أصبحت تتردد على المراكز التجارية وحوانيت الملابس وحدها. تدخل غرفتها وتغلق الباب وراءها. تختلي بنفسها. تدخل إلى الحمام ولا تخرج منه. تتجنب المجالس التي اجتمعنا فيها وتمتعنا بها سابقا. فقدت حياة التوق والشوق معها.
أصبح هاتفها نور اليقين بالنسبة لها. إذا رن وأمسك به أحدنا، فالويل له، تصرخ وكأنها تعاني أهوالاً، محذرة إيانا بعدم الاقتراب من الهاتف ولمس روحها الحيرى.
شعرت بالوحدة لفقدانها. ليس سهلا عليّ التغاضي عن تسعة عشر عامًا وأنا برفقتها. فضلتني على نفسها. لم تبخل عليّ بشيء. وتربعتُ دائما على سلم أولوياتها. لم أعد أسمع رنة هاتفها النقال. أخفضت رنينه العالي، جعلت صوته خافتاً مبحوحا. يهتز ويرتج في جيبها منبهًا إياها وحدها، مراعية عدم إزعاج من حولها.. خاصة أنا! شعرتْ بصدمات الأيام على جبيني.
في أحد مجالسنا النسوية، وفي حضرة عمتي علياء وخالتي صبحية، ارتجّت صاحبة الهاتف المشغول مع ارتجاج هاتفها.. لفتت انتباه الجميع خاصة عمتي علياء. مرت رنة الهاتف على مسمع صاحبة الهاتف المشغول وكأن عاصفة اجتازت روحها بيننا. هبّت من مكانها وارتسمت ابتسامة جميلة على محياها والخجل يفيض من عينها. آوت إلى ظل شجرة في باحة الدار، وأسندت رأسها تحت فيئها الوارف. تتحدث بصوت منخفض عبر الهاتف. وعندما شعرتُ بالنظرات المتشككة نحوها، تركتُ النسوة ولحقت بها لأحميها منهن. في ذات الوقت، لم أقترب منها كثيرًا حتى تنال القسط الوافر من حريتها في حديثها، ومهما حاولت استراق السمع لمكالمتها، لم أنجح بالتقاط كلمة واحدة من حديثها، كما يبدو هناك إشارات ودلالات لا يفهمها أحد سواها وهاتفها. أنهت مكالمتها، ورجعتُ معها إلى الديوان، حيث تجلس العمة علياء الحرباء، التي أخذت تغمز وتلمز حول التغيير الذي طرأ على صاحبة الهاتف المحمول، والتي توردت وجنتاها، وابتسامة طيبة وحنونة ارتسمت على شفتيها، ورعشة سعيدة صغيرة غمرت جسدها، وأكثرت من الالتفات حولها.
رأيت الهدوء في نظرات صاحبة الهاتف وكأنها تخشى شيئًا ما، أو تنتظر أحدًا. راقبت جيدًا خبث وشماتة عمتي علياء، التي لا يفوتها شيئا. إنها كالرادار تلتقط كل شاردة وواردة. ترصد الآخرين بِشَرَهٍ وشغف. تترقب أن يقع أي شخص حولها لتصطاده بمكائدها وحيلها ويقع في شباكها وتستهزئ منه في مجالسها.
وجهت عمتي علياء أنظارها صوب صاحبة الهاتف المشغول، والأذن المشتعلة من حرارته. ومطت شفتيها شبرين وأكثر، رقّصت حاجبيها ونخرت بأنفها معلنة لمن حولها بأنها غير راضية عن صاحبة الهاتف المشغول، التي لا تعير العمة علياء أي انتباه، حتى عندما تركت هاتفها وانضمت إلى مجلس العمة علياء والتزمت الصمت ولم تتفوه بحرف واحد. وإذا تحدثت فكلامها منمق من دون إسراف في زخرفة الكلام.
هاجني زعيق العمة علياء ورفيقاتها بالاستهزاء من صاحبة الهاتف المشغول وحياتها القلقة، لن أرضى بالهمز واللمز من الشامتين حولها، والمتواجدين في كل زاوية. ينتظرون سقوطها في الهاوية. لم أنجح بالتواصل معها بعد أن فضّلت الهاتف عليّ. أحسست بروحي تنسحب من ضلوعي. فكلنا خراف ضعيفة في حظيرة هذه الحياة ولنا كبواتنا الخاصة.
طرحت عني بعض حذري. جلستُ بقربها. التصقت بها. وضعت كف يدي الباردة على أذنها لتمتص حرارة هاتفها، وأبرد لها أذنها وأثلج صدرها. نظرت إلي بحنو بالغ وعلى وجهها الابتسامة ذاتها التي باتت باهتة بعض الشيء ومتعبة. ضمتني إلى صدرها وقبلت جبيني. شعرت بنبضات قلبها السريعة والنار المشتعلة في جسدها.
سرت في اتجاه المطبخ لأحضر لها كاس ماء يطفئ لهيب قلبها. صدفة، سمعت عمتي علياء تحيك وتطلق الإشاعات السخيفة عنها لخالتي. صرختُ في وجهيهما: أمي أشرف نساء العالم.
(حيفا)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.