حسين حبرى الرئيس التشادى السابق واستراتيجى الصحراء الذى قاد قمعا فى بلاده على مدى سنوات حكمه الثماني ، يحاكم اليوم فى السنغال بعد 25 عاما من الاطاحة به بتهمة جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وجرائم تعذيب ، فى سابقة تاريخية هى الأولى من نوعها في العالم، حيث تقاضي محكمة بلد رئيسا سابقا لبلد آخر ، محاكمة تطيح بالتعبير المصرى الشهير "محاكمة القرن "، وتستبدله " بقرن المحاكمة " لكثرة القادة والرؤساء الذين مثلوا فى هذا القرن أمام المحاكم والقضاء بتهم مختلفة أغلبها انتهاك حقوق الأنسان. حبرى الموقوف منذ عامين في السنغال التى لجأ اليها بعدما أطاح به الرئيس التشادي الحالي إدريس ديبي اتنو، يلاحق وعدد من معاونيه بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجرائم تعذيب أثناء فترة حكمه التى امتدت مابين 1982 و 1990، تتعلق بقتل وتعذيب نحو أربعين ألف شخص بحسب منظمات الدفاع عن حقوق الانسان ، حيث يحاكم اليوم أمام محكمة الغرف الإفريقية الاستثنائية، وهي محكمة خاصة أنشأها الاتحاد الإفريقى بموجب اتفاق مع السنغال، بقضاة سنغاليين وأفارقة بينهم البوركينابى جبيرداو جوستاف كام الذي سيرأس الجلسات. أدخلت السنغال تعديلات على قوانينها لتبني الصلاحية العالمية التي تجيز لها مقاضاة أجنبي على أعمال ارتكبت خارج أراضيها، وفى الوقت نفسه أجازت تشاد لقضاة المحكمة التحقيق داخل ترابها ، ومنذ بدء التحقيق القضائي فى هذه القضية قبل عامين ، شكلت أربع لجان إنابة قضائية ، و أجازت الاستماع إلى حوالي 2500 ضحية وحوالي ستين شاهدا ، واتخذ أكثر من أربعة آلاف ضحية "مباشرة أو غير مباشرة" صفة الادعاء الشخصي في المحاكمة التى تبلغ ميزانيها الخاصة نحو تسعة ملايين و150 ألف يورو تمولها دول مانحة عدة، منها فرنسا وبلجيكا وهولندا والولايات المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وتشاد. وفي حال إدانة حبرى تبدأ مرحلة جديدة ينظر فيها في مطالب جهات الادعاء الخاصة بالتعويضات ، وقد يحكم على حبرى بالسجن مع النفاذ حتى 30 عاما سجنا نافذا مع الأشغال الشاقة المؤبدة، ، ويمكنه إمضاء عقوبته في السنغال أو أي بلد آخر عضو في الاتحاد الإفريقي، لكن ليس هناك "أي إجراء لتخفيف العقوبة"، لا عفو ولا إسقاط عقوبة حسب المدعي العام للمحكمة مباكي فال ، فى الوقت الذى لا يعترف الرئيس التشادي السابق حسين حبري (72 عاما) بقانونية وشرعية هذه السلطة القضائية. وينتظر التشاديون بشغف كبير انطلاق محاكمة رئيسهم السابق الذى حكم البلاد لسنوات بيد من حديد، سنوات خلفت في نفوسهم آثار قمع لم تندثر رغم مرور ربع قرن وهو ماعكسه روايات الذين خرجوا أحياء من أقبية "مديرية التوثيق والأمن" المرعبة ، التى كانوا بعذبون فيها ، وقد دشن مغردون على موقع "تويتر"، هاشتاج يحمل اسم رئيس تشاد السابق "حسين حبري "، مع بدء محاكمته ، ووصلت عدد التغريدات فيه حتى الان إلى 125,594 تغريدة . رئيس تشاد الأسبق حسين حبري، كان خبيرا إستراتيجيا بارعا في حرب الصحراء، استولى على السلطة بقوة السلاح في عام 1982 ، وسرعان ما طبق نظاما قمعيا مروعا ساد سنوات حكمه الثماني ، وكان الرئيس الثالث لتشاد المستقلة ، ولد حبري في 1942 في فايا لارجو (شمال) تشاد وعاش في الصحراء بين الرعاة البدو ، وفي نهاية عام 1990، غادر حسين حبري نجامينا بسرعة بعدما افرغ الخزائن مما فيها ، هربا من هجوم خاطف شنه متمردو إدريس ديبي (الرئيس التشادي الحالي) الذي كان أحد جنرالات الجيش وانشق قبل 18 شهرا ، ولجأ حبري إلى دكار ، وفى مذكراته ، روى الرئيس السنغالي السابق عبدو ضيوف أنه واجه صعوبات هائلة في إقناعه بإعادة الطائرة التي نقلته إلى دكار، إلى الدولة التشادية. وفي السنغال، خلع حبري لباسه العسكري ليرتدي عباءة ملونة حيث عاش بهدوء لأكثر من عشرين عاما ، وتمكن من بناء "شبكة حماية" له في السنغال ، حيث لقى هذا المسلم الممارس للشعائر الدينية تقدير جيرانه الذين يؤدي الصلاة معهم وكان سخيا بمشاركته في بناء مساجد ، وفي صيف 2011 أعلن الرئيس السنغالي عبد الله واد فجأة أنه يريد ترحيل حبرى وتسليمه إلى نجامينا، تظاهر سكان حي واكام تعبيرا عن تأييدهم لحبري وأكدوا أن لديه زوجة وأطفالا سنغاليين ، وفي نهاية المطاف، أوقف في 30 يونيو عام 2013 في دكار واتهمته محكمة خاصة أنشأها الاتحاد الأفريقي بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وجرائم تعذيب". وأودع الحبس المؤقت.