على مدى ما يقرب من خمسة عقود أخذت عائلة "بوش" فى صعود سلم السلطة فى الولاياتالمتحدة شيئاً فشيئاً، إلى أن وصلت لسدة الحكم غير مُكتفية بنفوذها فى مجال المال والأعمال والاستثمارات النفطية حتى أصبحت من العائلات القوية فى التاريخ الأمريكى التى تجمع بين نفوذ السلطة والثروة. تُقدر ثروة عائلة "بوش" ب60 مليون دولار استطاعت العائلة العريقة جمعها على مدار عقود بفضل رجال الأعمال والمصرفيين الذين ينتمون للعائلة، وتحديداً "سامويل بريسكوت بوش"، أحد أقطاب الصناعة وتحديداً النفط بالولاياتالمتحدة، ووالد "بريسكوت بوش" جد الرئيس الأمريكى "بوش الأب". ومع ذلك فإن صناعة النفط تُعد مجرد واحدة من مجالات عديدة تستثمر فيها عائلة "بوش" فمن ضمن تقاليد العائلة المستمرة حتى يومنا هذا، هو السعى لتحقيق ثروات من خلال الاستثمار فى الخدمات المصرفية والمشاريع التجارية فى أوقات الحرب. وقد بدأ "سامويل بريسكوت بوش" المزج بين السياسة والثروة عندما كُلف بإعادة تشكيل مجلس الصناعات الحربية والذى كان من أبرز الهيئات الأمريكية التى كانت معنية بتنسيق عمليات شراء مؤن الحرب أثناء الحرب العالمية الأولى إذ كانت جزءاً لا يتجزء من اقتصاد الحرب. تحتوى عائلة "بوش"، التى تحتوى على أصول إنجليزية وألمانية، على عضوين فى مجلس الشيوخ وقاضى بالمحكمة العليا للولايات المتحدة وهي أعلى هيئة قضائية فى البلاد، واثنان حكام للولايات ونائب لرئيس أمريكا ثم رئيسان للولايات المتحدة هما "جورج هربرت واكر بوش" و"جورج بوش الابن". ومع بدء حاكم فلوريدا "جيب بوش"، الأبن الأصغر ل"بوش الأب" والشقيق الأصغر ل"بوش الأبن"، اليوم فى تدشين حملته الانتخابية باعتبار أن الحزب الجمهورى سيكون الأوفر حظاً للفوز فى الانتخابات الرئاسية عام 2016، يبدأ مشوار السعى نحو إعادة رئاسة الولاياتالمتحدة لأحضان عائلة "بوش". وُصفت عائلة "بوش" بأنها "أكثر السلالات السياسية نجاحاً فى التاريخ الأمريكى"، فقد اختارت العائلة الانتماء إلى الحزب الجمهورى ليبدأ "جورج هربرت واكر بوش" خوض غمار العمل السياسى بعد عودته من الحرب العالمية الثانية تاركاً وراءه استثماراته النفطية ليشغل منصب سفير أمريكا فى الأممالمتحدة، ثم رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهورى ثم سفير الولاياتالمتحدة فى الصين ثم مديراً للمخابرات المركزية ثم رئيساً للولايات المتحدةالأمريكية خلفاً للرئيس "رونالد ريجان" ليصبح بذلك الرئيس ال41 لأمريكا بانتخابات ديمقراطية. ورغم أن ولاية "بوش الأب" لم تسير على ما يرام نظراً للمشاكل المحلية والاضطرابات على صعيد السياسة الخارجية سواء فى بنما أو الإتحاد السوفيتى أو حرب الخليج أو الحرب الأهلية الصومالية، غير أن ذلك لم يمنع نجله "بوش الأبن" من الترشح لرئاسة الولاياتالمتحدة بل والنجاح فى الانتخابات ليكون الرئيس ال43 للولايات المتحدة، وها هو "جيب بوش" يركض نحو الرئاسة الأمريكية مُخلفاً وراءه إرث أخيه السىء بدايةً من هجمات 11 سبتمبر التى استتبعها الحرب على الإرهاب وغزو أفغانستان وغزو العراق والعقوبات على سوريا والإدانة التى وجهها لرئيس كوريا الشمالية "كيم يونج أون" واصفاً إياه بأنه ضمن "محور الشر" وغيرها من كوارث خلفها وراءه. والآن ورغم الجدل الذى أثارته عائلة "بوش" على مرّ تاريخها، إلا أن مسيرة الانتصار لا تزال حافلة على الجانبين المالى والسياسى، ولم يتردد "جيب بوش"، 62 عاماً، فى إعلان ترشحه للانتخابات الأمريكية، بل وإثارة الجدل بتصريحاته حول تأييده ل"الحرب على العراق".