واجهت مصر على مر العصور العديد من التحديات واستطاعت التغلب عليها بالمساندة الشعبية منذ عهد محمد على باشا حتى يومنا هذا. فكانت التحديات والعقبات التي واجهت محمد علي الكبير عند بنائه الدولة الحديثة في مجال الاقتصاد والتجارة والضرائب.. إلي جانب تهديد المماليك واللصوص والمحترفين للطرق والتجارة والأسواق.. ومؤامرات خصومه التي تستهدفه. فاستطاع مواجهة تلك التحديات بتحطيم القوي المعارضة له وبناء اقتصاد متنوع ومستقل امتد من الزراعة إلي الصناعة بإصلاحات إيجابية وفورية انعكست عليها إيجاباً.. وذلك من خلال الدعم الذى حصل عليه من الشعب فى ذلك الوقت. أما بالنسبة لزعماء الوفد مثل سعد زغلول والزعيم مصطفى النحاس باشا وفؤاد باشا سراج الدين فإن ذلك قد يكون أدعي ما يكون لاستلهام الثبات من تاريخها النضالي. وقد لا يملك المرء في معرض الإشارة إلي فرادة زعامة سعد أفضل مما ذكره المؤرخ عبدالرحمن الرافعي بقوله «إن الأمة وضعت في سعد ثقتها المطلقة وتأكدت زعامته بشكل غير مسبوق من قبل أن يكون له أي منصب رسمي أو سلطان إلا سلطان المحبة في القلوب والمساندة الشعبية». أما مصطفي النحاس فكان، علي ما تتفق المصادر، رسولاً للوطنية ونبياً للحرية وخاض معارك نضالية للدفاع عن الدستور، واستقلال الإرادة الوطنية فضل طوال 25 عاماً يكافح من أجل الاستقلال والدستور والوحدة بين مصر والسودان، ودور سراج الدين الرائع في إحياء سيرة الوفد ووقوفه في وجه الفساد وتم ذلك أيضاً بمساندة شعبية واسعة كانت السبب فى كراهية الملك فؤاد وبعده الملك فاروق لحزب الوفد حيث ورث فاروق عن أبيه كرهاً كبيراً لحزب الوفد ومصطفي النحاس، فسعي إلي تفتيت القاعدة الشعبية للوفد بالتدريج، وعمل علي استقطاب العمال والطلبة الذين يشكلون أساس شعبية الوفد، كما ضغط علي الوفد لتفكيك فرق القمصان الزرقاء من الطلبة التي يستخدمها الوفد لتحريك القاعدة الشعبية لصالحه ضد القصر. وبلغت المواجهات بين رئيس الوزراء مصطفي النحاس والملك فاروق ذروتها بعد تولي فاروق سدة الحكم بخمسة أشهر فأقدم علي إقالة وزارة مصطفي النحاس في 30 ديسمبر 1937م، معتمداً علي شعبيته الكبيرة التي كان يتمتع بها في الشارع المصري. أما بالنسبة للزعيم أنور السادات فبعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر في 28 سبتمبر 1970 وكونه نائباً للرئيس أصبح رئيساً للجمهورية واجه العديد من التحديات حيث اتخذ في 15 مايو 1971 قراراً حاسماً بالقضاء على مراكز القوى في مصر وهو ما عرف بثورة التصحيح، وفي نفس العام أصدر دستورًا جديدًا لمصر. وقام في عام 1972 بالاستغناء عن ما يقرب من 17 ألف خبير روسي في أسبوع واحد، ولم يكن خطأ استراتيجياً ولم يكلف مصر الكثير إذ كان السوفييت عبئاً كبيراً على الجيش المصري حيث لم يكن لهم أي دور عسكري فعلي خلال حرب الاستنزاف على الإطلاق وقام بنصر أكتوبر الذى يعتبر معجزة وفقاً لجميع المدارس العسكرية وتحرر من النظام الاشتراكى وحرر الاقتصاد باتباع سياسة الانفتاح الاقتصادى وقام بتوقيع معاهدة السلام.. كل ذلك تم بمساندة الشعب للرئيس. أما بالنسبة للرئيس عبدالفتاح السيسى واستلامه قيادة مصر اعتبره بداية استقرار للأوضاع السياسية والاقتصادية في بلادنا وعهد جديد أتوقعه أن يكون مليئاً بالعمل لمواجهة التحديات التي تعرضت لها مصر في حكم الإخوان الذين وفروا المناخ المناسب للإرهاب الغاشم والفساد الذي سقط بسببه ضحايا أبرياء من المواطنين ورجال القوات المسلحة والشرطة. إن تولى «السيسي» حكم مصر جاء برغبة شعبية خالصة وتابع العالم أجمع عند حلف القسم الذي أداه أمام المحكمة الدستورية في أجواء من الديمقراطية والشفافية واستعادة لهيبة الدولة التي فقدناها في عهد المعزول وأنصاره الذين دمروا الأخضر واليابس. ولذلك فإنه استطاع مواجهة التحديات بسبب التأييد الشعبى له. والخلاصة أن أى حاكم لا يعتمد على مساندة شعبه ويقوم بتحقيق رغباتهم وأحلامهم يفقد شرعيته.