في الساعة السابعة والنصف صباح الأربعاء 23 يوليو 1952 كان الإذاعي الشاب في ذلك الوقت فهمي عمر جالساً في ستوديو الهواء بمبني الإذاعة بالشريفين دخل عليه البكباشي محمد أنور السادات عضو مجلس قيادة الثورة وطلب منه ترك الاستوديو، لإذاعة بيان الثورة ووقع عليه اللواء محمد نجيب. وكان محتواه: اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم وكان لهذه العوامل تأثير علي الجيش وتسبب المرتشون والمغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين، أما فترة ما بعد هذه الحرب فقد تضافرت فيها عوامل الفساد وتآمر الخونة علي الجيش وتولي أمره، إما جاهل أو خائن أو فاسد حتي تصبح مصر بلا جيش يحميها وعلي هذا فقد قمنا بتطهير أنفسنا وتولي أمرنا داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم، ولابد أن مصر كلها ستتلقي هذا الخبر بالابتهاج والترحيب». كان هذا البيان المقتضب بداية لدخول مصر في عصر جديد تماماً حمل علي مدي 59 عاماً الكثير من الانكسارات وقليل من الانتصارات.. وجاءت ثورة 25 يناير لتقضي علي نظام مكث علي صدر مصر 59 عاماً. عندما اخترقت «الوفد» ستوديو الهواء الذي انطلق منه هذا البيان الخطير وجدنا الاستوديو لا يحمل أي شيء من القديم، تم تغيير كل شيء حتي الميكروفون تم نقله إلي مكتبة الإذاعة بماسبيرو. الاستوديو يبدو محدود المساحة، ولكنه ستوديو تاريخي بكل المقاييس وتم إنشاؤه عام 1934 حينما تم الافتتاح الرسمي للإذاعة المصرية. وبسبب بعض العيوب الهندسية أعاد الرئيس الراحل السادات بيان الثورة بصوته بعد عام من قيام الثورة.. وكان أول مذيع يقرأ بيان الثورة بصوته هو صلاح ذكي، كما أذاعه جلال معوض في نشرة الثامنة والنصف مساء نفس اليوم، فيه ما يوحي بأنه ستوديو ثورة 23 يوليو، التي أثرت في أجيال متعاقبة سلباً وإيجاباً. هذه الاستوديوهات الإذاعية العريقة يجب أن تتحول لما يشبه المتحف لأنها شاهدة علي تغيير وجه مصر في منتصف القرن الماضي. بقي أن نقول: إنه للأسف داخل وخارج الاستوديو ليس هناك أي شيء يدل علي أن هذا الاستوديو ألقي منه بيان الثورة التاريخي، لا توجد لوحة أو صورة للرئيس الراحل، خارج الاستوديو أو داخله تدل علي شيء.. الاستوديو عادي جداً جداً.