رغم تأكيدات الرئيس عبد الفتاح السيسي أنه لن يشكل حزباً سياسياً ولن يسعى إلى ذلك إلا أن قوى سياسية وحزبية لاتزال تواصل محاولاتها لدفع «السيسي» إلى تشكيل حزب سياسي، مبررين ذلك بأن الرئيس في حاجة الى ظهير سياسي يساند قراراته ويدافع عنها وسط الجماهير، ويخوض الانتخابات البرلمانية بهدف الفوز بالأغلبية لتشكيل الحكومة تتناغم مع أداء الرئيس. ومع تواصل هذه المحاولات يصبح السؤال: إلى أي مدى يمكن أن ينجح هؤلاء في تغيير قناعات الرئيس السيسي ودفعه لتشكيل حزب سياسي؟.. والسؤال الأخطر هل تأسيس الرئيس حزباً سياسياً في صالح مصر وفي صالح الرئيس نفسه؟ طرحت السؤالين على أحمد عودة نائب رئيس حزب الوفد، قال: إن كل انسان حر في إرادته ولا يستطيع أحد منع الرئيس عبد الفتاح السيسي من تأسيس حزب سياسي إذا أراد ذلك.. ولكن فكرة انشاء حزب ليكون ظهيراً سياسياً للرئيس، خاطئة وفاشلة. وأضاف عودة: عندما أفرج حسني مبارك في بداية حكمه عن الدفعة الأولى من معتقلي سبتمبر 1981 والتقى بهم في قصر العروبة قال له فؤاد باشا سراج الدين وقد فوضه جميع الحاضرين لكي يتحدث باسمهم، لا داعي لرئاسة الحزب الوطني حتى تصبح رئيساً لكل المصريين، إلا أن مبارك رفض النصيحة فكانت نهايته ونهاية حزبه كما رأينا جميعاً في ثورة 25 يناير. وأشار عودة الى أن الوفد رحب بترشيح الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئاسة الدولة لأنه رجل له موقف بطولي مع الشعب المصري.. وليس له انتماءات حزبية أو اتجاهات سياسية سوى الحرص علي مصلحة الوطن.. ولهذا فلا داعي لتشكيله حزباً سياسياً حتى لا تتكرر مأساة الحزب الوطني.. وحتى يظل يحترمه كل المصريين بغير انحياز لأي اتجاهات سياسية. وفي ذات الاتجاه أكد محمد عبد العليم داوود، وكيل مجلس الشعب السابق ومساعد رئيس حزب الوفد، أن الشعب المصري عاني كثيراً من رئاسة الحاكم حزباً ما، وقال: تشكيل الرئيس عبد الفتاح السيسي حزباً ليتخذ منه ظهيراً سياسياً هو في النهاية تكرار للخطيئة الكبرى لحسنى مبارك عندما تولى رئاسة الحزب الوطني.. فرئاسة الرئيس للحزب في أي عهد مرت به مصر كانت وبالاً على الوطن، ولأن قيادات حزب الرئيس يتخذون من رئاسته لهذا الحزب غطاء لممارسة أعمال السرقة والنهب والاحتكار والفساد.. وليس ببعيد عنا جميعاً أن رموز الحزب الوطني في عهد السادات عندما صنعوا له حزبا يكون ظهيراً سياسياً له كان من العناوين الرئيسية للفساد.. وعندما جاء مبارك وتولى رئاسة الحزب الوطني نما الفساد وترعرع وقام كثير من رجاله بسرقة الاراضي وتسقيعها واحتكار السلع الاستراتيجية وتهريب الأموال الى خارج البلاد.. بل امتد الأمر أيضاً الى جرائم في حق البشر وخير شاهد العبارة السلام التي كان يمتلكها ممدوح اسماعيل عضو مجلس الشورى الأسبق عن الحزب الوطني، الذي كان رموزه سبب الفساد التي ابتليت به مصر وجرف ثروات ومقومات الشعب. وواصل عبد العليم داوود: الحزب الذي سيتخذ منه الرئيس ظهيراً سياسياً سيهرول إليه أصحاب المصالح ولن يكون إلا سبوبة يبحث عنها كل فاسد ومحتكر وحملة المباخر ومستشاري السوء الذي نبتلي بهم في كل نظام وفي كل عهد حيث يصور هؤلاء لرئيس الدولة إنه لكي يحافظ على الكرسي عليه أن ينشئ حزباً سياسياً.. ولكن في حالة انشاء حزب سياسي سيكون مسماراً في نعش النظام بالكامل. وواصل داوود: أنصح الرئيس بإبعاد مستشاري السوء وحملة المباخر عن اتخاذ مواقع اتخاذ القرار. رئيس للجميع وقال الدكتور رمضان بطيخ، أستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس، إنه من حق أي شخص أن يؤسس حزباً سياسياً إذا ما توافرت الشروط التي نص عليها القانون لتأسيس حزب.. ولكن من المفترض أن يكون رئيس الدولة رئيساً لكل المصريين حتى يتعامل مع المصريين بحيادية ولا يميل لحزبه على أحزاب أخرى. وأشار بطيخ إلى أنه إذا أسس الرئيس عبد الفتاح السيسي حزباً سياسياً سيكون من أكبر الأحزاب في مصر لأن الانسان بطبعه يميل الى حزب الحاكم كما أن أي قرار سيصدره رئيس الدولة الذي هو في نفس الوقت رئيس حزب ما سيكون مشكوكاً في أي تصرف يقدم عليه لأنه سيكون في مصلحة الحزب الذي يقف على رأسه. أما الدكتور أحمد رفعت، أستاذ القانون الدولي ورئيس جامعة بني سويف السابق، فيرى أنه لا يجوز لرئيس الدولة أن يشكل حزباً سياسياً ويجب أن يكون فوق كل الأحزاب لأننا لسنا في أمريكا.. وقال: أعتقد أن الرئيس السيسي لا ينوي تأسيس حزب وإذا ما حدث سيكون هناك جدل واسع ونعود إلى أيام الحزب الوطني. وأوضح رفعت أنه لو كان رئيس الدولة ينتمي لحزب قبل انتخابه فيجب بمجرد اعلان النتيجة أن يستقيل منه حتى لا يكون هناك أفضلية لحزبه عن الأحزاب الأخرى لأنه أصبح رئيساً لكل المواطنين. وأضاف رفعت: إن السادات عندما كان رئيساً لحزب الوسط كان معظم قيادات الدولة أعضاء فيه، وعندما قرر تأسيس الحزب الوطني استقالوا وانضموا لحزب الرئيس وحدث اندماج بين الحزب والدولة، وأصبحت الدولة تدار بحزب رئيس الدولة.. ونواب البرلمان يدافعون عن الرئيس.. والآن يجب أن ينأى الرئيس بنفسه عن أي انتماءات حزبية. أما وحيد الأقصري، رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، فيقول: إن الرئيس عبدالفتاح السيسي لم يعلن رسمياً عن تأسيسه حزباً.. ولو صح هذا الكلام أعتقد أن الامور ستحتاج لمراجعة من قبل الرئيس لأن هذا لا يجوز بعد أن ثارت مصر كلها ضد الرئيس مبارك وحزبه في ثورة 25 يناير وضد الرئيس مرسي وحزبه في ثورة 30 يونية. ويضيف الأقصرى: أتوقع أنه إذا أسس الرئيس عبد الفتاح السيسي حزباً سياسياً سيكون هناك معارضة شديدة.. وسترفض الأحزاب ذلك.. فليس في مصلحة الرئيس، وأعتقد أن الرئيس السيسي يدرك ذلك جيداً ولهذا لن يسقط في هذا الفخ.