تستفزني بشدة المحاولات الدؤوبة التي يبذلها «فلول» مبارك وأعوانه لمحاولة غسل سمعة الرجل وتبييض صفحته، وتقديم الرجل في صورة الحمل الوديع الذي جنت عليه مصر وخانت العيش والملح، حين انقلبت عليه، وبالتالي وصف ثورة الشعب عليه في 25 يناير علي أنها مؤامرة صهيوأمريكية لإزاحة الرجل بعد أن وقف كالأسد ضد مصالحهم واملاءاتهم وأطماعهم. بل إنني شعرت بأن هؤلاء المضللين إنما يريدون منا أن نذهب جماعة وفرادي إلي مستشفي المعادي العسكري - حيث يقبع مبارك - لنقول له في نفس واحد إحنا آسفين يا ريس! بل إن بعض القنوات التي يمتلكها مجموعة من الفلول استعانت بمجموعة من المذيعين «الأمنجية» والذين تربوا وترعرعوا في حضن الأجهزة الأمنية قبل الثورة ليتولوا غسل سمعة الرجل بأحدث أنواع المنظفات والمساحيق، حتي إن أحدهم صرخ في ضيف برنامجه «محدش يقول علي مبارك مخلوع في برنامجي» وللأسف نجد بعض الناس وقد خدعوا وانطلت عليهم اللعبة الشيطانية، فصدقوا أن مبارك بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وأنا هنا قد ألتمس العذر لهؤلاء علي جهلهم وقلة معرفتهم، لكن لا يمكن علي الإطلاق أن أسامح شلة المضللاتية الذين يزيفون وعي الناس ويستغلون جهلهم ظناً منهم أن ذاكرة المصريين كذاكرة السمك لا تظل المعلومة فيها أكثر من ثوان معدودة! وأنا هنا سأحاول أن أوضح للبسطاء سبب تعاطفهم مع المخلوع لأنهم باختصار تعرضوا لما هو أسوأ منه تماماً تماماً كما لو أنك تسكن في شارع، وكنت تتعرض كل يوم لقطع الطريق من بلطجي ومعتاد إجرام، فكان يقطع الطريق علي سكان الشارع ويستولي علي ما معهم من نقود ومتعلقات ورحل البلطجي وجاء للشارع بلطجي آخر فكان يقطع الطريق علي السكان ويستولي علي متعلقاتهم وممتلكاتهم كما كان يفعل البلطجي الأول تماماً، لكنه أضاف لإجرامه جريمة جديدة، وهو أنه كان يغتصب نساء الشارع! فما كان من أهل الشارع إلا أن يترحموا علي البلطجي الأول الذي رحل، بل وأصبحوا يتغنون بشهامته ومروءته ورجولته لأن بلطجته كانت تقتصر علي سرقة الأموال والمتعلقات دون أن تمتد لجرائم الاغتصاب وهتك العرض كما يفعل البلطجي الآخر! هذا باختصار هو حال الشعب المصري الآن.. فمن يترحم علي مبارك وعهده والأمن والأمان والاستقرار التي كنا ننعم بها في عهده، هم تماماً كمثل أهل الشارع مع البلطجي الأول الذي كان يصون العرض والشرف ويقتصر إجرامه علي الأموال. فلا مبارك يستحق منا الرحمة والترحم علي عهده ولا مرسي أيضاً.. بل لا أبالغ بأن ظلم مبارك وفساد عهده هو الذي أتي بمرسي وعصابته للحكم! فإذا كان مبارك قد جوع الشعب وأفقره ونشر المرض في شعبه حتي أصبحنا نحتل المركز الأول في نسبة «الكبد الوبائي سي» وكذلك السرطان، كما أن ظاهرة أطفال الشوارع والذي اقترح أستاذ جامعي مريض إعدامهم ما هم إلا نتاج لعهد مبارك والفقر الذي وزعه بالعدل والقسطاط علي شعبه وترك «البغاشة» لعصابته وأعوان ابنه، بل وصل به الحال في آخريات أيامه للظن أن مصر ما هي إلا عزبة ورثها عن أجداده فسعي لتوريثها لأولاده. فليس معني أننا جربنا الأسوأ بعد مبارك وهو مرسي وعصابته أن نترحم علي مبارك وعهده وفساده فكما يقول المثل الشعبي «ما أسخم من سيدي إلا ستي»! فلا مبارك ملاك بجناحين ولا نحن مطالبون بالاعتذار له عن خلعه ولن يأتي أبداً اليوم الذي نقول له آسفين يا ريس. انظر حولك لتري جرائم مبارك في كل مكان من فقر وجهل ومرض وأكثر من ثلاثة ملايين من أطفال الشوارع الذين وجدوا حضن الشارع أحن عليهم من حضن الدولة.. حسبنا الله ونعم الوكيل في كل من يضلل الشعب ويزيف أفكاره ويلعب بعقله!