بدأت كتابة هذا المقال بعد أن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات إغلاق باب الترشح لرئاسة الجمهورية، وانحسار السباق الرئاسى بين مرشحين اثنين فقط، وبعدما سمعت ملامح البرنامج الانتخابى لأحد هذين المرشحين. ومع كل التقدير والاحترام لشخص هذا المرشح لدوره النضالى على مدى اربعين عاماً!! إلا أن المتتبع لحراك الشارع السياسى فى مصر يلحظ أن بوصلة الرأى العام المصرى تحولت بنسبة 180 درجة فى اتجاه معاكس تماماً، وأثر ذلك باتت فرص ذلك المرشح للفوز فى الانتخابات ضئيلة إن لم تكن منعدمة تماماً، والدليل على ذلك أن هذا الرأى غدا رأى أبرز مناصريه ومريديه الذين تحولوا فى اتجاه آخر لدعم ومساندة منافسه. جدير بالذكر أن هذا المرشح كان قد أعلن – فى وقت سابق – (انه سوف يدعم أى مرشح يتماشى برنامجه مع الثورة!! وأنه لن يحسم مساندته لأى مرشح آخر ألا بعد التعرف على برنامجه الانتخابى وإذا كان يتماشى مع اهداف الثورة أم لا، وكذلك معرفة الفريق الرئاسى المتوقع اختياره مع هذا المنافس!!) وخلال طرح ملامح برنامجه الانتخابى، تم توجيه العديد من الأسئلة التى تهم الشعب المصرى، ولاحظ الجميع – بمن فيهم مقدمو البرنامج التلفزيونى – تزايد وتيرة الشعارات الجميلة والأحلام الوردية والوعود الجوفاء فى الخطاب السياسى لذلك المرشح حيث ردد – أكثر من مرة – امتلاكه لرصيد نضالى بارز طيلة أربعين سنة!! وهنا يجدر التساؤل ما حصيلة هذا الرصيد النضالى على ارض الواقع؟؟ وما تأثيره الإيجابى لصالح الشعب المصرى؟؟. كما ردد كذلك – أكثر من مرة أيضاً - أنه غير راغب فى أى سلطة أو منصب يتولاه بالتعيين، وأنه طيلة تاريخه النضالى لم يتول أى منصب دون انتخابات يخوضها ويفوز فيها، كما ذكر أنه رفض – فى عهد الرئيس السابق – منصب نائب رئيس الجمهورية لرفضه العمل مع الإخوان.. والواقع أن هذا الرفض – من جانب المرشح المحتمل إن صح – فأنه يعود إلى انه ادرك أن نظام الإخوان زائل أو بمعنى آخر آيل للسقوط !!. وهنا ينبغى طرح التساؤل الآتى إذا كان المرشح الرئاسى قد رفض – بدافع الوطنية – منصب نائب رئيس الجمهورية فى عهد الرئيس السابق، فما الذى يدفعه لتكرار هذا الرفض فى عهد الرئيس القادم بعد زوال نظام الإخوان؟ وكان الأجدر بالمرشح الرئاسى أن يتأسى بالموقف البطولى الرائع للسيد عمرو موسى والمتمثل فى «الإيثار» وتغليب مصالح الوطن العليا على المصالح الشخصية، ناهيك عن الدور الوطنى الرائع له فى قيادة سفينة الدستور المصرى إلى بر الأمان. وعن ملامح البرنامج الانتخابى للمرشح المذكور، أجاب – خلال الحوار التلفزيونى – عن مجموعة من الأسئلة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما أسباب ودوافع الترشح لرئاسة الجمهورية؟ وكان الجواب فى عدة نقاط منها ( رغبته فى الانتصار لجموع الفقراء لتحقيق العدالة الاجتماعية، ومساعدة الأجيال الشابة فى تحقيق طموحها، حاجة الأمة العربية له لمواجهة الأخطار المحدقة بها، رغبته فى بناء نموذج لدولة عصرية ناجحة، إيمانه الأكيد بأنه الأكفأ لتحقيق الأهداف وقيادة مصر). ما أول قضايا يسعى لحلها؟ وكان الجواب (الأمن ووضع رؤية شاملة لمواجهة الإرهاب تشمل إنتاجاً حقيقياً يعيد للاقتصاد المصرى تماسكه من خلال مشروع قومى للمشروعات الكبيرة والصغيرة والمتناهية الصغر، دولة القانون من خلال ترسيخ واضح وفاعل للقانون). وفى المقابل لم يشأ المرشح الآخر عبد الفتاح السيسى أن يتحدث عن برنامجه الانتخابى على الرغم من استجابته لنداء جموع الشعب المصرى وقراره خوض الانتخابات الرئاسية. وربما يتمشى ذلك مع الحكمة التى تقول: «لاتقل لى شيئاً ولكن دعنى أرى»، تلك الحكمة التى أطلقها الزعيم الخالد جمال عبد الناصر – فى أعقاب النكسة سنة 1967 – عندما كان يتحدث عن الجهود المبذولة لإعادة بناء القوات المسلحة تمهيداً لإزالة أثار العدوان. حقاً لم يشأ المرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى الحديث عن شىء ولكنه أنجز فى « انقاذ البلاد» من خطر الأهل والعشيرة ذلك الخطر الذى وضح فى ثلاثة أمور وهى: (تقسيم مصر – الحرب الأهلية – الإرهاب).