ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الفتاوى ذات الطابع السياسي، خاصة الفتاوى المنحرفة المتطرفة والتكفيرية التي تهدد وتروع وتشعل الفتن وتدعو إلى القتل، وللتصدي ل «فوضى الفتاوى» من غير المتخصصين وانتقالها من الاجتماعي إلى السياسي لخدمة مصالح خاصة. حذرت دار الإفتاء المصرية مرات عديدة من مخاطر تلك الفتاوى المتطرفة، مؤكدة أنها من أهم أسباب صناعة الإرهاب في مصر، وشددت علي ضرورة مواجهتها بكل حزم وقوة.. وبادر الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، بإنشاء مرصد لمواجهة الفكر التكفيرى منذ شهور يعمل علي مدار 24 ساعة لمتابعة ومراقبة الفتاوي المنحرفة والتكفيرية التي يتم نشرها وبثها عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية، والرد عليها، ونشر الردود باللغات المختلفة. ورصد مرصد دار الإفتاء أكثر من 150 فتوي تكفيرية في أول تقرير له بعد إنشائه بشهور.. وكشف التقرير تصاعد حدة الفتاوى السياسية الصادرة من غير المتخصصين منذ ثورة 25 يناير 2011.. وأكد التقرير من خلال رصده المتتابع للأحداث ظهور فتوى دينية مصاحبة لأى بيان أو تصريح سياسي بالتأييد أو المعارضة.. وأوضح التقرير أن نتيجة تلك الفتاوى سقوط الكثيرين من أفراد الجيش والشرطة شهداء وضحايا عمليات إرهابية جاءت استجابة للفتاوي المضللة. وأكد تقرير مرصد الإفتاء أن من يطلقون تلك الفتاوي غير مؤهلين علمياً ولا عقلياً، لافتقادهم أدنى المعايير العلمية المعتمدة في إصدار الفتاوى الشرعية، فضلاً عن جعلهم التكفير مدخلاً شرعياً للقتل واستباحة الدماء والأعراض، وعرض التقرير عدداً من الفتاوى السياسية التي ساهمت في تعزيز حالة الانقسام المجتمعي في مصر، والتحريض على الاقتتال، وتخريب البيوت.. ورصد التقرير على سبيل المثال لا الحصر الفتوى بإهدار دم المتظاهرين الذين خرجوا في مظاهرات 30 يونية 2013 ضد حكم الرئيس السابق محمد مرسي، وأخرى تحرّم الخروج عليه قبل مظاهرات 30 يونية، والإفتاء ببطلان محاكمته، مروراً بتحريم المشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، وفتاوى تبيح قتل المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع السابق باعتباره مرتداً عن الإسلام، انتهاء بفتوى تبيح قتل قوات الشرطة والجيش وحرق سيارات ومقرات الشرطة والاعتداء على بيوت الضباط وممتلكاتهم أكد الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية أن فتاوى التكفير تلقي بآلاف الشباب إلي التطرف والقتل والانفجار طلباً لما يزعمون من الشهادة، فيسارعون إلى سفك دماء الأبرياء وترويع المواطنين داخل البلاد وخارجها. وأضاف إن من أهداف مرصد التكفير التصدى لظاهرة فتاوى التكفير والآراء المتشددة فى مختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية، وتقديم معالجات فكرية ودينية للظاهرة وآثارها، لتقديم تصور لعلاج الظاهرة والمرتبطين بها، مؤكدًا أن مهمة المرصد العمل على تحسين صورة الإسلام.. وأوضح أن 30 باحثاً من خلفيات متنوعة يشاركون في عملية رصد وتحليل ودراسة الفتاوى والآراء التكفيرية والشاذة، ويقدم معالجة شرعية لها. وقال الدكتور مجدي عاشور، أمين الفتوى بدار الإفتاء: إن من يطلقون الفتاوى التكفيرية من هواة الشهرة والسلطة، يقدمون مصلحتهم الشخصية على مصلحة الناس.. وشدد علي أن الفتاوى أصبحت إحدي أكثر القضايا التي تحتاج إلى مزيد من الضبط والتأصيل في ظل «فوضى الفتاوى» التي تضع المجتمعات فوق بركان يتطاير شرره في خضم الواقع السياسي المتصارع، مؤكداً أن سبيل الخروج من حالة البلبلة الناجمة عن فتاوى غير المتأهلين هو التخصص ويعني أن يكون من يتعرض للإفتاء قد دَرَس الفقه والأصول وقواعد الفقه دراسة مستفيضة، مع مشاركته في باقي علوم الشريعة وممارسته لكتب العلم وقدرته على استخلاص المعلومة منها، ومعرفته بالواقع.