أكد د . محمد صابر عرب وزير الثقافة، على ضرورة أن تكون الثقافة هى الأهم فى برنامج الرئيس القادم لمصر، لأن مصر اكتسبت دورها بثقافتها وفكرها من خلال المعلم والكتاب والموسيقى والسينما ولابد أن تكون الثقافة هى العنوان الأكبر فى المرحلة القادمة. جاء ذلك خلال افتتاح وزير الثقافة، ويرافقه د . سعيد توفيق رئيس المجلس الأعلى للثقافة، د . عبد الناصر حسن رئيس دار الكتب والوثائق القومية، د . صلاح فضل د . على حرب، للمؤتمر الدولى السادس لجمعية النقد الأدبى بعنوان" تحليل الخطاب " والذى أقامته الجمعية المصرية للنقد الأدبى بالتعاون مع وزارة الثقافة وجامعة عين شمس وذلك بالمجلس الأعلى للثقافة ويستمر حتى 24 أبريل الحالى، يرأس المؤتمر د . صلاح فضل، وبحضور د خالد زيادة سفير لبنان فى القاهرة، د . أمانى فؤاد، ولفيف من المثقفين والإعلاميين والصحفيين. وأضاف عرب أنه إذا كنا نريد أن نؤسس لحوار جديد ورؤية جديدة لابد وأن نتصارح أنه فى غيبة الجماعة الثقافية والذين اهتموا بالكتابة والتنظير لم يدركوا أنهم يتعاملون مع جماعة غفيرة من الشباب وتغافلوا مع هذا البحر الهائج وتحاوروا بعيدا عن الشباب إلا أننا فوجئنا بالانفجار الكبير الذى قام به الشباب من خلال الثورات، ومازلنا نعيش هذا البحر الهائج، ومن الضرورى التحاور لنكون أكثر قدرة للحوار، مضيفًا أن التنظير مهم ولكنه يحتاج إلى العناية بالخطاب السياسى والدينى. وأشار عرب إلى ضرورة إعادة النظر فى الخطاب الدينى وخصوصا كتابات القرن الثالث الهجرى لاعتمادها على كتابات تنافى العقل ويعتمد عليها فى مداهمة العقل الجمعى فى أوطاننا من خلال لغة خطاب دينى لم يكن يتخيل محمد عبده فى القرن التاسع عشر وبعد تجديده أن يتم فتح تلك القضايا مرة أخرى فى الألفية الثالثة. وأضاف عرب أننا مازلنا نمارس نفس الخطأ بابتعادنا عن الشباب الذين انحرفوا إما يمينا أو يسارًا ولكن الوعى بالمعنى التاريخى والدينى والأوطان والخوف على الهويات من أهم أولويات المثقفين فى المرحلة القادمة، طارحًا عرب سؤال حول حدود الحرية والإبداع والضوابط الاجتماعية والمنطقية ولابد من تأسيس فكر جديد لحرية الإبداع ومن جانبة قال د . سعيد توفيق أنه شارك فى أول مؤتمر للنقد بعد دعوته من مؤسسه د . عز الدين إسماعيل. وأشار إلى أن موضوع تحليل الخطاب النقدى بالغ الأهمية لأن الخطاب لابد أن تتخلله شتى مناحى المعرفة من الخطاب الفلسفى ومرورًا بالخطاب السياسى والدينى والاجتماعى، والخطاب السائد الآن معاد للتأويل ومن ثم معاد للإبداع، لأنه يؤمن بتعدد التفسيرات ونسبية الحقيقية ولكن المسألة ليست مقصورة فى الخطاب الدينى فقط، ولكن البنية المعرفية التى تحكم رؤيتنا وفهمنا لموضوع ما، لذلك فالثقافة العربية تدهورت بغياب التأويل مع رحيل ابن رشد وابن عربى لأنه ارتبط بغياب الحضارة العربية. وقال د . عبد الناصر حسن إن تدشين المؤتمر السادس للنقد الدبى والذى يعقد كل عامين؛ والذى يفرض كتاباته على كل الأطياف النقدية فإنه اختار عنوان تحليل الخطاب النقدى، مشيرًا إلى أن ضيق المصطلح يؤدى إلى اتساع المفهوم مما يتيح الثراء فى الكتابات. وأشار إلى محاور المؤتمر وتجليات مفهوم الخطاب ونظريات التحليل التى تسعى للتأصيل بدء من التعريفات الفلسفية وهو استخدام للغة من منظور خاص ولكنه محصور فى الفروق المختلفة بين الرؤى، مما يؤدى فى النهاية إلى محاولة التفرقة بين الخبر والإخبارية والمساحات اللغوية بين المفهوم والمصطلح. وقال صلاح فضل رئيس المؤتمر إن حياتنا لا تستقيم إلا بالنقد سواء كان معرفى وثقافى وسياسى وسعيًا نحو المزيد من المعرفة، مشيرًا إلى أن محور هذه الدورة هو تحليل الخطاب النقدى وهى نقطة تقاطع بين الخطابات المختلفة، وأشار إلى التداخل والخلط بين الخطابات واختلاطها وخصوصًا فى الخطاب السياسى والديني، فالخطاب الدينى يفرض تعصبه على الخطاب السياسى ومن ثم ضرورة فصل الخطاب كما نادت به الكتب المقدسة، مشيرًا إلى أن هذه الدورة تتمتع بسمتين الأولى أنها تأتى نتيجة لتعاظم دور الكتابات الافتراضية على مواقع التواصل الاجتماعى وفتح فضاءات جديدة؛ والذى يلقى بظله على هذا المؤتمر، الثانى أن من استجابوا لدعوة المؤتمر جاءوا بالرغم من تهويلات الإعلام بأن مصر غير آمنة. وأضاف فضل أنه لابد من طرح عدد من الأسئلة ليست سياسية فقط، ولكن حول طرائق التعبير عن الحرية وضرورة توسيع الخطاب الأدبى مع المنتج الحديث، وطرح إنشاء مجلة رقمية ومطبوعة للنقد الأدبى لتحقق فكرة وحدة النقد. وألقى د . على حرب كلمة الضيوف العرب حيث أشار إلى شوقه إلى القاهرة بعد غيابه عنها ثلاث سنوات قائلًا إن القاهرة مدينة أليفة دافئة جاذبة، مشيرًا إلى منظارة محمد عبده مع فرح أنطوان فى بدايات عصر النهضة وظهور الليبرالية فى العصر الإحيائى والحداثى، وإلى كتابات لاقت كثيرًا من النقد مثل "الشعر الجاهلى" لطه حسين ثم كتابه الآخر الأشد أهمية "مستقبل الثقافة فى مصر" . وأضاف أن دور مصر لم يكن فقط فى الأدب والثقافة والعلوم بل فى دورها الريادى فى دعم حركات التحرر، واستطرد حرب أنه حدث نوع من الانكفاء والركود فى مصر فى الفترة الماضية؛ مما جعلت العلم العربى كله ينكفئ سواء سياسيًا أو ثقافيًا، واليوم لابد وأن تنجح الثقافة فيما فشلت فيه السياسة، فبعد أن حدث الانفجار بالثوارت العربية ولم يستطع المثقف المنظر أن يتنبأ بانتفاضة الشعوب العربية، وكان لابد أن لا ينظر أصحاب العين النقدية بضحالة إلى الخطابات الحالية لما تحمله من مخادعة وتناقض، وهذا ما تجلى فى خطابات الساسة والحكام الذين تعاملوا بشكل كأن السياسة ملكهم ورجال الدين الذين تعاملوا وكان الدين ملكهم، وحتى المثقفين الذين تعاملوا، وكان الثقافة والمعرفة والتاريخ ملكهم.