بداية أنا صعيدي من قنا.. بل وأنتمي لواحدة من أشهر قبائلها التي دخلت لسنوات طويلة في سباق الدم والنار.. ومن هنا فعندما أتحدث عن فتنة أسوان فأنا أتحدث عن أهلي.. ومن موقع العالم ببواطن الأمور في شئون القبائل.. وكيفية إدارتها صراعاتها ومعاركها.. ولست من خبراء التوك شو.. والذي يفتي الواحد منهم في شئون المذبحة الأسوانية دروبها رغم أن جنابه لم يغادر الحي القاهري الذي نشأ وترعرع فيه. فأولا: لابد أن نبحث عن جذور الخلافات بين قبائل الصعيد والتي تقف لعنة السياسة وراء أكثرها.. فجميع فتن القبائل تبدأ بسبب السياسة والانتخابات سواء كانت انتخابات البرلمان أو حتي انتخابات العمودية في القرية، وكم من الأرواح أزهقت، وكم من الدماء سالت.. وكان وراءها «فيروس» السياسة، بل إن الحزب الوطني الملعون كان يلعب علي هذه الفتنة ويؤججها، فمثلا يأتي في قنا ويختار مرشحا هواريا أي ينتمي لقبيلة الهوارة ويتجاهل قبيلتي الأشراف والعرب، أو العكس فيختار مرشح من قبيلة العرب ويتجاهل الهوارة والأشراف فتشتعل المعارك وتدوي طلقات السلاح الآلي في سماء المحافظة وقد تخلف المعركة الانتخابية قتلي وجرحي ودماء تنزف لسنوات في قضايا الثأر بين القبائل. بل كان أعضاء الحزب الوطني من المرشحين يلجأون في سبيل فوزهم بالمقعد البرلماني الملعون الي اللعب علي أوتار العصبية والجهل والقبلية التي تعلو عند الصعيد علي الوطن أوالدين.. ليس مهما أي شيء في سبيل مقعد البرلمان الذي يضفي المزيد من الجاه والسلطان علي الفائز بمقعد البرلمان ولكل أبناء قبيلته، ومن أجل ذلك يهون كل شيء! هذا الوضع تجده في كل محافظات الصعيد.. صورة طبق الأصل سواء في أسيوط أو سوهاج أو قنا أو أسوان.. الكل في الهم سواء.. لا فرق بين متعلم أو جاهل.. بل إنني كنت أري رجال قضاء مشهورين وضباط شرطة يقودون هذا الصراع القبلي ويستخدمون علمهم وذكاءهم في الإيقاع والكيد للقبائل الأخري.. رغم أن رؤوسهم ستكون الهدف الأول في قضايا الأخذ بالثأر.. لكن كل شيء يهون من أجل عيون القبيلة ورفع رايتها! والآن دعونا نضع مذبحة أسوان علي طاولة التشريح والبحث ففي البداية لعبت السياسة دورها القذر في إذكاء نار الصراع وإشعال نار الفتنة.. فإحدي العائلات تؤيد الرئيس المعزول محمد مرسي.. والعائلة الأخري تناصر «السيسي» وثورة 30 يونية، وكل عائلة تناصر ما تؤيده وتجاهر بذلك فينشأ عن ذلك عشرات التحرشات خاصة بين الشباب الطائش من كلتا العائلتين خاصة طلاب مدرسة الصنايع التي يغيب عنها الجانب الثقافي في الغالب، إذن الخلاف ليس كما يصوره بعض الساسة وخبراء التوك شو عن معاكسة فتاة وأمثال هذه الأسباب التافهة، كل هذه الأجواء المشحونة والمتأججة كانت بمثابة الفرصة الذهبية لمدرس إخواني معروف بالاسم فقام بدور الشيطان علي أكمل وجه.. مما أشعل نار الفتنة وكانت عباراته الشيطانية بمثابة عود الثقاب الذي أشعل نار الفتنة حتي سقط من جرائها أكثر من 23 قتيلا بخلاف أكثر من ثلاثين مصابا.. ونجح الشيطان الإخواني في تدبيره، والآن ما هو الحل يا سادة لإيقاف نزيف الدم في أسوان وفي غيرها من محافظات الصعيد؟! أولا: لابد من حملة جادة لجمع السلاح الذي أصبح متاحا حتي لأطفال لا تزيد سنهم علي 15 عاما.. وكذلك لابد من تحرك عقلاء القبائل وتشكيل مجلس عقلاء لإطفاء نار الفتنة في مهدها، وكذلك علي الأحزاب السياسية عدم اللعب علي الصراعات القبلية بين القبائل المتصارعة، وينبغي إذا ما كان هناك قوائم في الانتخابات القادمة أن يضم كل حزب في قائمته ممثلين لكل القبائل الكبيرة في الدائرة.. هذه بعض مواد الإطفاء إذا ما رغبنا في إطفاء حرائق الطائفية في الصعيد.