هل طبيعى أن يعمل مواطن دون أن يتقاضى أجراً؟!.. وهل من المنطقى أن يستمر هذا لعدة شهور؟!.. الغريب أن هذا يحدث لعمال يعملون فى الحكومة.. وما أقوله هذا ليس كلاماً فى الهواء ولا من باب السخرية أو الاستهزاء وإنما هو واقع بالفعل لآلاف العاملين بإدارة الميكنة الزراعية التابعة لوزارة الزراعة.. الحكاية أن هؤلاء العمال عملوا بعقود مؤقتة لمدة سبعة عشر عاماً، وحققوا إنتاجية متزايدة، وطالبوا بتعيينهم رسمياً أو ما يطلق عليه تثبيتهم، وتمت الاستجابة لمطالبهم بعد طول معاناة، وأقام هؤلاء العمال الأفراح والليالى الملاح, فقد تحقق حلم حياتهم بالتعيين والتثبيت رسمياً منذ شهر يناير الماضى.. كانت الطامة الكبرى أنهم منذ تعيينهم وتثبيتهم، فقدوا راتبهم يعنى كان التعيين فى مقابل عدم الحصول على أجر، هذه ليست فزورة وإنما هو واقع فعلى لآلاف العمال الذين يرعون أسراً كثيرة, فمنذ هذا التاريخ أى منذ قرابة ثلاثة شهور لم يتقاضوا رواتبهم، فلا هم حصلوا على رواتبهم السابقة ولا رواتبهم بعد التثبيت والتعيين والحجة فى فى ذلك هى أن الدرجات المالية من وزارة المالية لم تأت بعد، وحفى هؤلاء العمال ما بين وزارتى الزراعة والمالية!!! والحق فى ذلك أن وزارة الزراعة طالبت مراراً وتكراراً المالية بحصول هؤلاء العمال على درجاتهم المالية لصرف الرواتب دون جدوى.. وبات يلعن كل عامل اليوم الذى صدر له فيه قرار التعيين رغم العمل لمدة سبعة عشر عاماً بعقد مؤقت، وفى خلال هذه المدة وحتى الآن اضطر العمال الى الاستدانة، وبيع ما يملكون من متاع قليل حتى يأكلوا ويشربوا ويواجهوا ضروريات الحياة اليومية.. كل الجهات المعنية أدارت ظهورها لهؤلاء العمال الذين يعملون فى تخصص مهم وهو إدارة الميكنة الزراعية المنوط بها تجهيز الأراضى واستصلاحها ويحققون أرباحاً كثيرة للدولة. وأعتقد أن وزارة المالية لن تغلب فى حل هذه الأزمة الخطيرة، وكنت أعتقد أن هؤلاء العمال يجب أن يستمروا فى صرف رواتبهم القديمة قبل التعيين، ثم تتم التسوية لهم بعد التعيين، لكن ماحدث أنهم لا طالوا راتباً قبل ولا بعد التعيين.. والواجب يقتضى هنا أن تسعى المالية لإيجاد حل لهذه الأزمة وفى أسرع وقت فالعمال الذين التقيت بهم وصلوا الى حد الانفجار، لأنه من غير الطبيعى أن يستمروا فى العمل ثلاثة شهور والرابع على الأبواب بدون راتب كما أننى لدى قناعة فى أن الوزير الدكتور أيمن فريد أبوحديد وهو يمتلك قلب إنسان وأعرف عنه ذلك لن يتوانى أبداً فى إيجاد حل لهذه الأزمة، خاصة أن هؤلاء العمال يمثلون قطاعاً كبيراً ولهم دور مهم فى وزارة الزراعة ولا غنى عنهم خاصة أنهم حققوا أرباحاً كثيرة للوزارة من خلال عملهم.. وبالمناسبة راتب الواحد من هؤلاء العمال لا يتعدى خمسمائة جنيه.. بما أن الزراعة قامت بتعيينهم وتثبيتهم فلابد أن يكون هناك حل لهذه الأزمة.. لقد التقيت عدداً من هؤلاء العمال فى مكتبى ورووا حكايات ومآسى معيشية لهم يشيب لها شعر الرأس، وأعتقد أن وزارتى المالية والزراعة لا يمكن أن تتغافلا عن هذه المشكلة أكثر من ذلك..ولدى أمل فى أن وزيرى المالية والزراعة سيحققان هذا المطلب المشروع والعادل، فالعمال لا يطلبون منحة ولا زيادة فى حوافز وإنما يطلبون أجراً على عملهم.. وإنا لمنتظرون.