تنظر السلطات السويسرية خلال فبراير القادم في تجديد أو ربما إلغاء قرارها بتجميد أموال الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه و29 شخصا آخرين من مسئولي النظام السابق. يأتي ذلك بعد أن قررت السلطات القضائية في سويسرا تعليق التحقيقات حول هذه الأموال، بزعم افتقار القضاء المصري إلى الاستقلال والاستقرار، حيث قررت المحكمة الجنائية الفيدرالية تعليق التحقيقات في ديسمبر من عام 2012، بينما علق مكتب العدل الفيدرالي هذه التحقيقات في يناير الماضي، كما تتهم السلطات القضائية في سويسرا مصر بالتخاذل عن تقديم المعلومات والأدلة المطلوبة بشأن التحقيقات حول الأموال المصرية التي تبلغ 750 مليون فرنك سويسري. حياد القضاء المصري أكدت سوزان كاستر نائب مدير قسم المساعدات الدولية في مكتب العدل الفيدرالي أن المحكمة الجنائية الفيدرالية رفضت منذ 18 ديسمبر 2012 السماح لمصر بالاطلاع على السجلات والمستندات بشأن هذه القضية من خلال الملف الجنائي الذي يتولاه مكتب النائب العام في سويسرا. وأضافت ان مكتب العدل الفيدرالي علق التحقيقات حول قضية الأموال المصرية المودعة في البنوك السويسرية في يناير الماضي، وحذرت من مخاوف من أن تحكم المحكمة الجنائية الفيدرالية لصالح مالكي الحسابات في حال تقديم التماسات ضد بعض القرارات. وأرجعت كاستر خلال لقائها مع عدد من الصحفيين المصريين في بيرن تعليق التحقيقات إلى افتقار السلطة القضائية في مصر إلى الاستقلال والاستقرار. وأضافت أنه لا يمكن السماح لمصر بالاطلاع على التحقيقات السويسرية في ظل الأوضاع المتوترة التي تشهدها، مشيرة إلى أن وزارة الخارجية السويسرية ومكتب العدل الفيدرالي يراقبان الأوضاع في مصر، آملين في تحسنها. ونوه السفير المصري في سويسرا ساهر حمزة إلي ان تغيير النائب العام في مصر وضع القضاة في حالة من عدم الاستقرار، حيث يتعين التأكد بأن النظام الذي يدفع بهذه القضايا ليس له توجهات سياسية ، فالجانب السويسري تشكك خلال فترة الرئيس السابق محمد مرسي حول المعلومات التي سيقدمها وإن كانت ستستخدم بشكل إيجابي أم سلبي،أو إن كان استخدامها سيقتصر على خصوم النظام الحاكم، وإن كان النظام محايداً في قراراته أم لا. تخاذل السلطات المصرية تتهم السلطات القضائية السويسرية مصر بالتخاذل عن تقديم المعلومات أو الأدلة المطلوبة في هذه القضية، ملمحة إلى مسئوليتها عن تأخر إجراءات استرداد الأموال.. أكدت كاستر أن مصر لم تقدم الحقائق والبراهين المطلوبة لاسترداد هذه الأموال رغم أنها قدمت الكثير من الطلبات لاستعادتها، فلا بد أن توضح السلطات القضائية المصرية نوع الجريمة والعلاقة بين الأدلة التي لديها ومطالبتها بتجميد الأصول البنكية في سويسرا. وأوضحت كاستر أن سويسرا جمدت الأموال المصرية في بنوكها بقرار سياسي، ولكن الإجراءات القضائية مختلفة ، حيث كان يتعين على مصر إجراء تحقيقات مع الشخص المشتبه به لتثبت أنه ارتكب جريمة جنائية، ثم تقدم السلطة القضائية المصرية طلبا لتجميد أمواله توضح فيه العلاقة بين الإجراءات الجنائية المطلوبة والمطالبة بتجميد حسابه، والهدف من الإجراءات الخارجية، بالإضافة إلى تقديم تفاصيل دقيقة وكاملة عن الشخص المشتبه فيه، ويتعين على مصر أن تعرف بعض المعلومات حول الأصول في الخارج، والمعلومات البنكية المتعلقة برقم الحساب ، وصاحبه، ويمكن للسلطات السويسرية التعاون إن كانت مصر لديها بعض التفاصيل. وأضافت أن سويسرا جمعت مستندات بنكية عندما جمدت أموال مبارك، ولكننا لم نتخذ قرارا لمواصلة التجميد أو الكشف عن هذه المعلومات، وتفترض السلطات السويسرية أن التحقيقات في مصر ستقود إلى معلومات ومستندات. وأكد ساهر حمزة خلال لقائه مع عدد من الصحفيين المصريين في بيرن أن إحدي الإشكاليات هو وجود أكثر من جهة تحقيق في قضايا الفساد في مصر، وقد ترد نفس المعلومة إلى السلطات السويسرية من جهات مختلفة، ومعنى ذلك عدم وجود جهة مركزية، وتضارب الاختصاصات. وأضاف أن أحد المشاكل هي أن مصر تكتب الأحكام بطريقة معينة في عدد ضخم من الأوراق، ويتعين على الحكومة المصرية ترجمتها قبل تقديمها،وهذا الأسلوب لا يتناسب مع القضاء السويسري، الذي أرسل خبيراً قانونياً إلى مصر لتوحيد الأوراق حتى يسهل استخدام المعلومة، فعلى سبيل المثال الجانب السويسري قد لا يريد إلا الحكم وحيثياته والنتيجة النهائية. وأوضح أن أحد الإشكاليات هي أن النائب العام المصري قد يبرئ شخصاً، بينما تحقق معه جهة قضائية أخرى، والسفارة أبلغت السلطات المصرية بجميع هذه الإشكاليات. وأضاف السفير حمزة أنه وفقا للقانون السويسري، يتعين على مصر إثبات الواقعة الجنائية،بمعنى إثبات أن الشخص مدان بالتربح أو الفساد أو الرشوة، وأن الأموال المرتبطة بهذه الجريمة مودعة في بنوك سويسرا ،ويمكن تنفيذ ذلك من خلال التعاون بين أجهزة مختلفة من البلدين. ويتعين صدور حكم نهائي من القضاء المصري حتى تبدأ السلطات السويسرية عملها لإعادة هذه الأموال، مشيرا إلى الاتفاق بين البلدين على التعاون من خلال تبادل المعلومات فقد يحصل الجانب المصري على معلومة مختلفة من سويسرا، وفي هذه الحالة يتعين عليه التأكد منها. فمثلا إن كان لدي مصر معلومات عن حصول شخص متهم على رشوة من شركة ، ففي هذه الحالة ، تتبع سويسرا مسار هذه الأموال، للتأكد من ارتباطها بالجريمة. وأشار إلي أن سرية الحسابات في سويسرا تعد جزءاً من استرايجية النظام ولا يمكنه الكشف عن هذه المعلومات المتعلقة بالحسابات البنكية، ولديه سمعة دولية لإيداعات الأموال أو الاستثمار. وأشارإلى أن مصلحة سويسرا تقضي بإثبات أعدم وجود أموال غير شرعية على أراضيها، فمصالح مصر وسويسرا مشتركة. وأكد أن قضية الأموال هي الملف الرئيسي الذي تعمل عليه السفارة المصرية في سويسرا . وأكد السفير حمزة أن استعادة الأموال التي تبلغ قيمتها 750 مليون فرنك سويسري سيستغرق إجراءات طويلة، فالنظام السابق جعل الرأي العام يعتقد أن هذه الأموال ستأتي غدا، وحدث نوع من أنواع التضخيم. وأوضح أن فترة تجميد أرصدة مسئولي النظام السابق تنتهي في فبراير القادم ، والحكومة السويسرية ستنظر في قرار التجميد لتجديده أو إلغائه، ففي البداية كان قرار التجميد لمدة عامين تبدأ من 11 فبراير 2011وتم تجديده. الحملة الشعبية وأوضح أن الحملة الشعبية لاسترداد أموال مصر المنهوبة استهدفت مخاطبة الشعب السويسري ، والتعبير عن استياء الشعب المصري من تأخر إجراءات استرداد الأموال لتوعية الشعب السويسري وخلق نوع من الضغط على السلطات، ويتعين أن تنتشر الحملة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي حتى تعمل القناتين الرسمية والشعبية معا. وأرجع الوزير المفوض عمرو عبد الوارث تأخر إجراءات استرداد الأموال بسبب أن الإجراءات القانونية معقدة جدا، ووجود إجراءات مضادة من محامي أصحاب الحسابات المصرية مقابل أي إجراء يتخذ الجانب المصري لاستعادة هذه الأموال، وسويسرا ملتزمة بالنظام القضائي والقوانين لا يمكن تغييرها.