يبهرك ويضعك أمام تفاصيل شخصية لم ترها من قبل بجرأة محسوبة بخبرات السنين، صلاح السعدني حمل مخزونه الإبداعى وعاد ألينا فى شهر رمضان هذا العام بشخصية مثيرة للاشمئزاز فى مسلسل «القاصرات»، «الكبير عبد القوى» شخصية تجمع بين الجبروت والفكاهة وضعنا أمام قضية تمثل أزمة ثقافة عامة فى المجتمع، بحوار محكم ينقلنا لمرارة الواقع فى العلاقة بين الرجل الستينى والطفلة التى لم تتخطى ال9 أعوام، العمدة يتألق هذا العام وكان لنا معه هذا الحوار: «عبدالقوى» شخصية متناقضة سادية مكروهة.. لماذا قررت المغامرة بتجسيدها هذا العام ؟ - صعوبة الشخصية تكمن فى مدى كراهية الناس لها، فالقضية خطيرة وجريئة وكنت متخوفا من تقديمها من أن يكرهنى الجمهور، لأن بها جرعة ميلودراما فظيعة فهى شخصية مقرفة ولذا حاولت التوازن وتقديم النقيضين بالجمع بين الفكاهة والقوة بشرط ألا تثير عطف الناس، فالكاميرا مثلا فى مشهد ليلة الدخلة صورت الشخصية كجبار أما فى مشهد خطوبته للطفلة مى وهى تسبه كانت شخصية كوميدية تضحك فالشخصية صعبة فى تناولها النفسى والشكلى فهى سادية شديدة العدوانية وهذا يتطلب جهدا حقيقيا واستعنت فيها بخبرات ال50 عاما من الفن من مختلف الشخصيات التى قدمتها حتى أصل الشخصية للناس فى حدود أن يسمح بتقبلها. تألقت في دور العمدة على مدى السنوات الماضية.. لماذا تقدمه مرة ثانية؟ - البحث عن عمل جديد صعب بالنسبة لى لأننا ظللنا عامين ونصف العام فى ظروف سياسية سيئة للغاية فنحن نواجه ظروفا غير عادية والتفكير فى تقديم شخصية تجذب نظر الجمهور وقضية تسبب لهم أزمة فى ظل ما نعيشه من أحداث أمر صعب، وعندما عرض علي نص «القاصرات» شعرت بجنون لأنه موضوع شديد الحساسية ومنتشر فى الصعيد ومصر بين البدو وفى الدول العربية والغريب أن من يفعلها يجد لها مبررات دينية ويصفونها أنها شرع الله. كيف ترى تقديم الأعمال الصعيدية بعد الراحل أسامة أنور عكاشة ومرض محمد صفاء عامر؟ - عندما قدمت لى المؤلفة سماح الحريرى السيناريو كنت متخوفا فى البداية لأن صفاء عامر هو مدخل الصعيدى الى قلوب المصريين والأمة العربية وهو الرائد ولكنى وجدت ان سماح خلقت حالة شديدة التميز فى العمل جعلتنى أقدم الشخصية رغم قسوتها وتخوف أى ممثل منها ولعبت على الجانب الإنسانى وهذا ما يميز المؤلف الجيد فى ذكر التفاصيل. أسلوبك فى أداء الضحكة والغضب مختلفة عن أى شخصية قدمتها؟ - أحب التجديد من نفسى فى كل عمل أقدمه فأنا أقدم أداء مختلفا بعيدا عن أداء صلاح السعدنى وهذا ما يميز أسلوب أى فنان فأنا أذهب الى الشخصية ولا أحب أن تلبسنى، وأتمنى أن يكون أكرمنى الله فى تقديم شخصية معقدة بهذا الشكل. قبل كل زيجة يقف عبد القوى أمام المرآة ويقول لنفسه لابد أن أغير البضاعة. فى تخيلك: هل مازال الفقر هو السبب الحقيقى لبيع البنات كبضاعة؟ - هذا من جماليات السيناريو الرجل العجوز السادى ينظر الى البنات كبضاعة لا يفرق معه شعورهن وهذا الجمال فى الحوار بين البنات نفسها وهو حوار طفولى رغم أنه يقول لها انتِ عجوزة، للأسف مازال المجتمع فى الصعيد يتعامل مع الفتاة على انها بضاعة ولا ننكر أن هناك قهرا للسيدات فى المجتمع الصعيدى ولا يمكن أن نخبأ رأسنا فى الرمال، وهذا المسلسل وضع له فى البداية اسم «وأد البنات» من قسوة التعامل معهم، فكان من ينجب فتاة فى الصعيدة يئدها، وغيروا اسمه ليصبح اخف فى المعنى. هذا العام لجأ بعض المخرجين لكتابة عبارة «للكبار فقط» رغم أن رسالة العمل أساسا موجهة للأطفال ويشارك فيه ممثلون أطفال.. لماذا؟ - لم نلجأ لتلك العبارة لأننا نقدم مشاهد أو ألفاظا تخدش الحياء، لكن الموضوع نفسه صعب وعندما قرر المخرج مجدى أبوعميرة أن يضعها فى بداية كل حلقة حتى تكون الأسرة مستعدة لأى سؤال من الأطفال، خاصة أن الرسالة فى المسلسل للكبار الذين يجنون على أولادهم ويزوجونهم فى سن البراءة، فهناك تفاصيل كان لابد من استخدامها عن العلاقات بين الرجل الكبير والأطفال الذين لا يفقهون شيئا فى الحياة سوى اللعب وأعتقد أن عقل الجمهور أصبح أكثر وعيا فى تقبل جمله للكبار فقط. ما نقاط التماس بين شخصية عبدالقوى وصلاح السعدنى؟ - لا أنكر أن السبب الحقيقى وراء قبولى الدور هو مرورى بالتجربة شخصيا، فوالدتى انجبت وهى فى عمر ال12 عاما ولكن والدى كان فى سن ال15 عاما على عكس ما يحدث فى المسلسل، ففى الريف كان الآباء هم من يجنون على بناتهم، والغريب أن شقيقتى كانت مثلها وتزوجت فى نفس عمرها لدرجة انها أنجبت أبناءها أكبر منى سنا والجميع توفى بمن فيهم اشقائى وأنا الوحيد الباقى من أسرتى لأننى اصغرهم. كيف تقيم تجربة المسلسل بعد مشاهدته على الشاشة؟ - سعيد بالمسلسل والسيناريو وأرى انه يمثل طفرة للأطفال فيظهر ذلك فى لمستى لملك أحمد زاهر والتى تتعامل بموهبة متميزة فيها خوف يعطى إحساس الطفلة من الرجل العجوز وأيضا منة عرفة ومى الغيطى رغم أنه اول ادوارها كانت متميزة للغاية ولعبت الدور بإحساسها وهذا دليل على أن مصر ولادة بالإضافة الى ان العمل يجمع جيل الكبار معى رضوان توفيق وسميرة عبدالعزيز وجيل الوسط داليا البحيرى وياسر جلال ومع جيل الشباب فهى تجربه غنية. كيف تقيم الموسم الدرامى هذا العام؟ - العديد من المسلسلات حققت ردود فعل طيبة منذ اللحظات الأولى خاصة مسلسل «بدون ذكر أسماء» لوحيد حامد ومسلسل «اسم مؤقت» لأحمد جلال ومسلسل «ذات» لكاملة أبوذكرى كلها أعمال بها طفرة فنية، هناك أعمال أخرى تحقق نجاحا والناس رغم كل الظروف التى تمر بها فهناك جهد كبير فى الدراما. كيف تقيم مشهد رابعة العدوية الآن؟ - أرجو لمصر السلامة لأن ما حدث بعد ثورة 25 يناير أدي لانقسام مصر على نفسها وأتمنى أن ينجح الله الجهود التى تدعو لعمل نوع من المصالحة لأن مصر لا يمكن أن تنقسم بهذا الشكل. وهل ترى الأزمة فى الناس أم القيادات؟ القيادات هى سبب الأزمة والقيادات الإسلامية يتعاملون مع جزء من التيارات الدينية الأخرى على أنهم كفار وهذا ليس طبيعيا، الله هو من يحكم بين الناس والقرآن الكريم قال: «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» حتى يأتى من يعلمنا الايمان، اخناتون وصل الى فكرة وجود إله واحد للكون قبل نزول الديانات، فمصر بلد مؤمنة بالفطرة وأقباطها مؤمنون بالله، رغم كل العصور العصيبة التى عاشتها مصر لم تشهد فترة انقسامات وكراهية بين الناس مثلما يحدث الان ولكنى متفائل لأن مصر ذكرت فى القرآن 5، ومصر خرجت من هذه الفترة الحرجة القبيحة، والسياسة هى من تحاول أن تسقطنا فى الوحل، «الله يخرب بيت السياسة» كرهت الناس فى بعضها. ما الحل من وجهه نظرك؟ - مصر يجب أن تكون دولة قانون ومؤسسات ويخضع الجميع لذلك، فالشباب فى رابعه العدوية طيبون وليس لهم ذنب وأعتقد أن قادتهم هم من يحثونهم على ذلك وأغلبية الناس مرغومة من هذه القيادات التى تحض على العنف، فتطبيق القانون هو الحل.