تحت عنوان مخيف يعود بنا إلى عصور الظلام, والدول التى لا تعترف بالأديان فتندلع بها ثورة تمثل صحوة للامة كى تنشر الدعوة الى الدين الإسلامى, أطلق عدد من المحسوبين على تيار الإسلام السياسي مصطلحا جديدا على الشارع المصرى وهو الثورة الإسلامية, مهددين بتغيير ملامح الدولة المصرية لجعلها دولة تطبق الشريعة وتكون إسلامية خالصة. تنوعت الدعوات الى هذه الثورة الاسلامية فى تحديد موعدها ما بين العاشر من رمضان الى 17 و18 رمضان, فى اطار استغلال شهر رمضان الكريم الذى شهد على غزوة بدر التى قام بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فضلا عن استغلال انتصار اكتوبر المجيد فى رمضان عام 1973. وهو ما قوبل بالاستهجان من الطرف المعارض للتيار الدينى معبرين ان الامر مجرد منازعة ما قبل الموت, ومصر لا تعرف معنى للثورة الإسلامية خاصة أن المعركة الجارية بين مؤيدى عزل الرئيس مرسى ومعارضيه لم يكن الدين فيها طرفا وإنما هى سياسية بحتة, ولكن هناك إصرارا من جانب الاسلاميين على تحويل القضية الى قضية دينية لكسب تعاطف الشارع المصرى ولكنها محاولة بائسة ولا جدوى منها فى ظل انصراف المواطنين عن تصديق قادة الأحزاب الإسلامية فى مصر بعد فشلهم فى تنفيذ أى رؤية سياسية فى الحكم على مدار عام كامل وهو حكم الرئيس مرسى وهذا بحسب محللين سياسيين. ومن بين طيات كتب التاريخ نجد أن هناك ثورات إسلامية اندلعت وأشهرها الثورة الايرانية التى يصفها بعض كتاب العالم أنها التطرف الذي يعقبه الاعتدال التدريجي ثم التطرف مرة أخرى والذي يحوي في طياته بذرة انتهاء الثورة. وفى نفس السياق أثارت تصريحات الإسلاميين بشأن اندلاع ثورة إسلامية مصرية قريبا سخط وسخرية السياسيين معتبرين ان هذا الأمر بعيد للغاية عن المجتمع المصرى المعروف بتدينه واعتداله إسلاميا وانه ليس بحاجة الى ثورة دينية لأنه بالفعل مجتمع إسلامى قويم, واشاروا الى ان ما يقوم به المحسوبون على التيار الإسلامى مجرد تضييع وقت ومناورات سياسية لتحقيق مكاسب والخروج من معركتهم الخاسرة بأقل الخسائر, فضلا عن أن هذه محاولات لا فائدة منها ولن تغنى ولا تثمن من جوع وخاصة فى ظل وعى الشارع المصرى وتكاتف مؤسسات الدولة ضد الاخوان وانصارهم لرفضهم مطالبهم. وفى نفس الإطار أدان الناشط السياسى سعد عبود فكرة الثورة الإسلامية التى روج لها بعض قادة التيار الإسلامى, مشيرا الى أن هذه الفكرة لا تنطبق على الدولة المصرية لأنها بالفعل دولة إسلامية ودستورية تتبع الهوية الإسلامية وشعبها حريص على الإسلام ويحافظ على الدين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين, وأشار الى أن الشعب المصرى ليس مسئولا عن فشل الجماعة الإخوانية فى إثبات قدراتهم على تغيير وجه العالم او تحقيق مشروعات أثبت الواقع وهميتها, وأن الشعب منحهم فرصة عام كامل لم يحسنوا فيها القرار. ووصف «عبود» تصريحات الجهاديين بأنها نزاع ما قبل الموت, وأنه متوقع من جماعة مسلحة خسرت الحكم بعد فشلها فيه, فضلا عن أن هذه التصريحات والتهديدات لا فائده منها لأنها مجرد فرقعة إعلامية ومحاولات بلا جدوى لعودة كسب ود الشارع المصرى الذى أفاق من غيبوبة الإخوان المسلمين والتيار الدينى الذى أثبت فشله عندما خلط الدين بالسياسة. واضاف: إن خطوات الإسلاميين فاشلة وهو ما يؤكد أنهم فاقدون للتنظيم المتماسك على أرض الواقع وتحركاتهم وتهديداتهم بائسة ويائسة. كما أكد الدكتور وحيد عبدالمجيد رئيس مركز الأهرام للترجمة والنشر، ونائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام وعضو جبهة الإنقاذ الوطنى ان مصر لا تعرف ما يسمى بالقيادات الإسلامية حاليا لأن هؤلاء ليسوا قيادات إسلامية وإنما تجار دين لا يعرفون معنى الثورات ويقتصر عملهم السياسى فقط على الصفقات. وأضاف عبدالمجيد: إن التيار الإسلامى حاليا يلجأ الى العنف والترويع فى الشارع عندما خسرت تجارتهم فيتم تعويضها بالإرهاب, نافيا أن يكون هناك ما يسمى بالثورات الإسلامية لأن الأمر لا يعدو لو فرضنا جدلا سوى تجارة بالإسلام وهو ما لم يقبله عقلية الشعب المصرى الذى تحرر من هذا الفكر البدائى والضحك عليه فهم شعب متدين وليس متأسلما وهذا بحسب قوله. فيما قال الكاتب صلاح عيسى: إن تجربة الثورات الإسلامية أقيمت فى مراحل كثيرة بالتاريخ وأبرزها إيران وبعضها حقق نتائج ايجابية وبعضها فشل فى ذلك إضافة الى ان بعضها أقيم عبر غزوات إسلامية مثل الدولة العثمانية. واعتبر عيسى ان ما يصرح به قادة الفكر الإسلامى مجرد تهديدات وصفها بالفارغة تصدر من تنظيمات غير مؤثرة ولا تعدو عن كونها عمليات ازعاج لن تؤدى الى أى نتائج ايجابية لهذه الأطراف. وأشار عيسى الى أن هذه عمليات تستهدف إثارة البلبلة فى مصر عقب تلقيهم هزيمة منكرة فى 30 يونية ولن تؤدى الى أى نتيجة ومن الصعب التنبؤ بنجاحها أو التوهم به لأن الجماهير ليست معهم على الإطلاق. ووصف الجماعات المؤيدة لمرسى بالأقلية والجبهة الأخرى لهم هى الأقوى لأنها تضم الجيش والشرطة والشعب ومؤسسات الدولة الأخرى. واضاف: إن التيار الإسلامى مازال يستخدم الدين للوصول الى أهدافه من خلال ترويج بعض المصطلحات كالثورة الاسلامية وغزوة دينية وغيرها, وإعلانهم ان العاشر من رمضان سيكتب تاريخ جديد وستكون 17 و18 رمضان غزوة بدر جديدة, وذلك من خلال تسريبات عن طرق غير رسمة وربما تكون وهمية لإثارة القلق فى نفوس الطرف الآخر.