سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الكاتب الصحفى أيمن الصياد المستشار السابق لرئيس الجمهورية أمام معهد الدراسات السياسية: الحرية لم تعد اختياراً.. وتفكيك الوطن أصبح نموذج العمل فى دوائر صنع القرار
قال أيمن الصياد الكاتب الصحفي المستشار السابق لرئيس الجمهورية إنه يقرأ يوميا تصريحات «مغلوطة» منسوبة اليه وبعضها لا أساس له من الصحة ولكنه رغم ذلك يدافع عن حرية الاعلام لأن دروس التاريخ تقول ان المصلحة المتوافرة من الانفلات الاعلامي أكبر أحياناً من تلك المتحققة من محاولات تقييده، جاء ذلك خلال محاضرة له ألقاها في معهد الدراسات السياسية بالوفد بحضور الدكتورة كاميليا شكري عميد المعهد ومساعد رئيس الحزب. وكشف الصياد في بداية المحاضرة عن اسباب استقالته من منصب مستشار الرئيس محمد مرسي من خلال عرض خطاب الاستقالة الذي قال فيه: ندرك ويدرك الجميع أسباب استقطاب حاد باتت تضرب أطناب الوطن وتهدد بتفككه ونستشعر للأسف الاستهانة بالأمر في دوائر صنع القرار، كما لا نستشعر اهتماما جدياً في مساعدتنا في معالجة داء نراه لا يضرب ثورة «كل الشعب» في جوهرها الأصيل فقط بل سيضرب وحدة الشعب في الصميم، ولابد أن تكون لدينا شجاعة الاعتراف بالفشل الذي نحن متأكدون أنكم تعلمون أسبابه خاصة وقد أوضحناها أكثر من مرة وكنا الداعين لحوار، أردنا أن يكون حقيقياً وفعالاً، إلا أنه لم ينجح لأسباب «منهجية» واضحة تجاهلناها، فالعبرة تظل دائما في حقائق الأشياء بغض النظر عما نطلقه عليها من أسماء، كان هدفنا ولم يعد لنا هدف غيره أن نعود بمصر الى لحظة وحدتها الحقيقية العبقرية عشية الحادي عشر من فبراير 2011 يومها سمعت بأذني مسيحيين مصريين يرددون دعاء التهجد خلف الشيخ محمد جبريل واليوم أسمعهم يبحثون عن تأشيرة خروج بلا عودة، وكتبت السطر الأول في هذا الخطاب يوم خروج رئيس مصر لا ليخاطب شعبه كله، بل ليخاطب جماعته «نقدرها» من جماعات الوطن حشدوا لتأييده على باب قصر كنا نريده قصراً للوطن كله لا لجماعة مهما كان تقديرنا لها أو لدورها، وكتبت السطر الثاني في الخطاب يوم دعت الجماعة - في خلاف كان ينبغي أن يظل سياسيا - إلى مليونية لنصرة شريعة الله وشرعية الرئيس، ولم يكن هذا الرابط مما يحتمله إيماني كما أفهمه، وكتبت السطر الأخير يوم فشلنا مع «زملائي» في إقناع الجماعة بأن تعدل عن ارسالها شبابها الى حيث يمكن أن تكون هناك فرصة لإراقة الدماء وإزهاق أرواح، نعم أن هدم احجار الكعبة «لا القصر» حجراً حجراً أهون عند الله من ازهاقها، ولا أحد يجادل في شرعية الصندوق، وليس على هذا نعترض ولكن ما يجري من تصوير الأمر على أنه تصويت على شرعية الله بعد أن تم ربطها بشرعية الرئيس فأعرف أنك توافقني على أن هذا ما كان ينبغي له أن يكون مهما كانت حسابات الصناديق وتحالفاتها، وأن تصوير الأمر على أن من يعترضون على قرارات الرئيس مهما كانت «وهما كان» هو اعتراض على شريعة الله فيه تجاوز ما بعده تجاوز. وأكد الصياد الدور الذي يلعبه الاعلام في المراحل الانتقالية إذ يصبح هو مؤسسة المحاسبة والمساءلة الوحيدة عندما تغيب مؤسسات المحاسبة التقليدية «البرلمان مثلاً» إضافة الى أنه بحكم طبيعته وتنوعه يتحرر من قيود «الالتزام الحزبي» للأغلبية البرلمانية التي تحول أحياناً بين المجالس النيابية وبين أن تقوم بدور حقيقي في المساءلة. وأوضح الصياد أنه لابد أن نحدد المقصود بمصطلح «الإعلام» حين نتصدى للحديث عنه هجوماً أو دفاعاً، فالاعلام تعريفاً يشمل جميع الصحف والقنوات على تنوعها بما فيها تلك الحكومية وتلك المحسوبة على الجماعة الحاكمة ومناصريها، وبالتالي يستغرب أن يشن البعض هجوماً على الاعلام هكذا بالمطلق غير منتبه عن ماذا بالضبط يتحدث، وأضاف: إن تعريف الاعلام يشمل أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت مثل تويتر وفيس بوك، والتي واقعياً أصبحت المصدر الأول للأخبار لدى كثيرين، وهذه الظاهرة تجعل من كل مواطن مشروعاً اعلامياً، ويصبح معها الحديث عن الإعلام بالطريقة التي يتحدث بها لأنه حديث قاصر يحتاج الى مراجعة. وفي اجابته عن أسئلة الحاضرين لم ينف الصياد الاتهامات الموجهة للاعلام بالتجاوز أو بعدم دقة المعلومات أو باستخدام لغة غير لائقة، وقال: هى صحيحة في كثير من الأحيان، ولكن صحيح أيضاً أن الاتهامات تطال الجميع، بما فيها من وسائل اعلام وصحف محسوبة على النظام الحاكم وجماعته ومؤيديه، وذلك أن الأسباب هنا وهناك، وأن الأداء أيضاً واحدة هنا وهناك، فالاعلام هو في نهاية المطاف «ابن لمجتمعه» والاعلاميون هم خريجو هذه المدارس، وأبناء هذه الثقافة، وهى ثقافة للأسف لا تحترم الأرقام ولا تجد غضاضة في التهويل والمبالغة يتساوى في ذلك المسئول الذي يدلي بتصريحات تعتمد على أرقام تعوزها الدقة، والصحفي الذي لا يكلف نفسه جهداً في البحث والتنقيب تدقيقاً لخبراً أو توثيقاً لرقم في قصته الصحفية. ووجه الصياد في محاضرته نصيحة إلى اولئك المعنيين بالاعلام «تنظيما وتقنينا» قائلا: عليهم أن يدركوا ان حقائق العصر لم تعد تسمح بالتفكير في حجب أو منع، فسحب ترخيص قناة ما لن يمنعها من أن تبث في اليوم التالي من قبرص أو غيرها، كما أن محاولة حجب مواقع الانترنت هى محاولة «مع تكلفتها العالية» يعلم المتخصصون كم هى فاشلة. وفي نهاية المحاضرة أشار الصياد الى تاريخ الاعلام في النصف الثاني من القرن العشرين حيث إنه عرف مدرستين متباينتين لدور الاعلام في مجتمعات ما بعد الحرب، أصحاب المدرسة الاولى تصوروا أن الاعلام الوطني ينبغي أن يكون «تربوياً وتعبوياً» وأن دوره يتلخص في خدمة الدولة ومساعدتها في «تحقيق أهدافها» السامية» وكان هذا في حينه خيار الاتحاد السوفيتي ومن نهج نهجه بغض النظر عن الأيديولوجيات، وعلى الناحية الاخرى يقول الصياد كانت هناك مدرسة مغايرة اتجهت الى اعتبار الاعلام «مراقبا» للدولة ومؤسساتها ومحاسباً لرموزها ومحققا بمعارضة التوازن المطلوب في المجتمع، وكلنا يعرف النتيجة، سقط الاتحاد السوفيتي وانهدم جدار برلين وانتصرت المجتمعات الحرة التي سمحت لصحافتها بأن تخرج رئيس أكبر دولة في العالم من البيت الأبيض بعد أن كشفت عن فضيحة «ووترجيت» مذكراً بان الاعلام الحر هو الذي سمح لنا بأن نعرف ما جرى في سجن أبو غريب وأن نشهد فظائع مذبحة صابرا وشاتيلا. وتساءل الصياد: ماذا يقصدون بأن الاعلام فاسد، فالحالة السياسية في مصر بعد ثورة 25 يناير وفي كل المنطقة التي شهدت ثورات تغيرت ونحن نعيش لحظات من الانفجار السياسي قبل الثورة، كنا نجد من بين كل 1000 شخص، مواطناً له اهتمام بالشأن العام وبعد الثورة كان باعة الفاكهة يبيعون الدستور، والناس يتناقشون في مواده وهذه طاقة سياسية هائلة حدثت مع التغيير وهذه الطاقة لابد تستوعب، والأحزاب السياسية في العالم العربي نتيجة التجريف السياسي لم تستوعب هذه الطاقة والقنوات هى البديل الطبيعي للاحزاب في ذلك، ومشاكل الحرية والديمقراطية لا يعالجها الا مزيد من الحرية والديمقراطية، وأن الحرية لم تعد اختباراً بل أصبحت إجباراً. وأضاف الصياد: إن النظام لم يسقط والمأزق الأساسي في ثورة 25 يناير أنه اختلفت النظرة اليها وكان هناك ثلاثة مداخل، أولها المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومشكلته أنه كان يرى منذ سنوات قبل الثورة الصبي الصغير جمال مبارك كيف يكون قائداً أعلى له فلما حدثت الثورة اعتبر القادة العسكريون الأمر جاء بعيداً عنهم من الشعب، أما الاخوان فنظروا الى ثورة 25 يناير بعد عقود من الزمن كانوا فيها لا يستطيعون الترشح في الانتخابات ويريدون أن يخوضوها ولا شىء آخر أمامهم سوى الصناديق أما الشعب فقد نزل الى الشارع يريد تغيير النظام والنظام لا يعني ترك مبارك للحكم. «للديمقراطية ثمن ولا يمكن أن تأكل العسل دون أن يلدغك النحل» بتلك العبارة أنهى أيمن الصياد محاضرته.