تابعت عن كثب ما جري طوال اليومين الماضيين في امبابة من أحداث راح ضحيتها عدد من القتلي والجرحي، علي خلفية اشاعة مغرضة كادت أن تجر البلاد الي حرب أهلية، يحترق بنارها المسيحي والمسلم في هذا البلد. الغريب في الأمر أن روح الثورة التي رأيناها في 25 يناير وما بعدها بميدان التحرير قد بدأت تتلاشي تماما، وسرعان ما انتهت حالة الصفو الموجودة ليحل مكانها الاحتقان والتطرف، وهذا نتاج طبيعي للعصر البائد الذي كان يتعمد حل هذه المشكلات بمسكنات مهدئة لا تطيب الجرح ولا تشفي العليل، ولكنها تسكنه للحظات ليعود بعدها الي حالة من الهياج. وبذلك يتضح أنها ليست ثورة مضادة ولاهي مؤامرة من فلول النظام السابق، وليست مخططا خارجيا يهدف الي الوقيعة والفتنة كما يدعي البعض، ومن الصعب الآن أن نتحدث عمن حرض ومارس العمل الاجرامي بالضبط، فهذا الأمر متروك للتحقيق ولرجال النيابة العسكرية لكن يجب القول إن المناخ العام الذي نعيشه بات مشجعاً علي هذا السلوك، فما حدث هو جريمة في حق المجتمع وفي حق القانون تتطلب تدخلاً حاسما من جانب المجلس العسكري والحكومة للحفاظ علي ثورتنا العظيمة بيضاء غير ملطخة بدماء الأبرياء، ولابد من الضرب بيد من حديد علي كل ماهو من شأنه اثارة الفوضي والقلاقل وتكدير الأمن والتلاعب بمستقبل الوطن، وحسنا فعل المجلس العسكري بأن أعلن في بيانه الأخير أنه سيضع حدا للعبث بسلطة الدولة والقانون، لأن من فعلوا هذا التخريب لم يتورعوا عن اشعال حريق مدمر يأخذ مصر في فتنة كبري. ومن هنا يا اخواني تأتي الدعوة الي التهدئة والاستماع لصوت العقل والحكمة، وهذا ليس ضعفا من طرف علي حساب الآخر ولكنه حب لمصر التي لو أغرقناها فإنما نغرق أنفسنا، ولو أحرقناها فإنما نشعل في أنفسنا، وبذلك نهلك جميعا المسلم قبل المسيحي، ومن هنا ينبغي الاشارة الي وحدة الأمة مسلميها ومسيحييها وهناك تاريخ طويل يشهد علي ذلك من منطلق شراكتنا في هذا الوطن فما لنا هو لهم وما علينا فهو عليهم في الحياة كلها حلوها ومرها، وأعتقد أن الشعب المصري العظيم أكبر من هذه الفتنة، وأنه لن يسمح لأحد أيا كان أن يفرق وحدته أو يشق صفوفه أو يحاول العبث في أمنه واستقراره. إن حادث امبابة هو الأكبر من نوعه في مسلسل الفتنة الطائفية منذ قيام الثورة وهو يضعنا جميعاً أمام خطر حقيقي في ظل حالة الانفلات الأمني وحالة التراخي التي تعيشها مصر خلال الفترة الحالية، وأظن أنها فترة تتطلب منا جميعاً التكاتف والتآزر وأن نبقي يداً واحدة تبني وتعمر من أجل مستقبل مصر ومستقبلها. إن ما حدث في منطقة امبابة ياسادة هو جرس انذار يتطلب منا جميعاً الانتباه، وان نجعله علامة فارقة تنهي هذه الفوضي العارمة وتضع حداً للعبث بسلطة القانون وهيبة الدولة، وبات الخيار الوحيد أمامنا الآن إما أن نكون أو لا نكون.. فهل نستسلم لدعاوي العنف والتطرف ونحرق مصر بأيدينا.. هذا هو السؤال؟!!