قابلتها لأول مرة فى مكتب أستاذنا مصطفى أمين.. كانت تعرض عليه مشروعاً مميزاً يرمى إلى إنشاء نوع جديد من المدارس.. مدارس تبنى الإنسان من الحضانة إلى الجامعة.. كانت فكرتها تقوم على زرع قواعد وأصول الأخلاق الحميدة فى الإنسان.. وقبل التعليم. فقد راعها أن مدارسنا لم تعد تهتم بالأخلاق رغم أن أستاذ الجيل أحمد لطفى السيد أول رئيس للجامعة المصرية ترجم أول كتاب له عن «الأخلاق». وأخذت أتابع فكرتها وأعمالها.. ونجحت فكرة مدرسة الحضانة «بيبى هوم» حتى ذاعت شهرتها ليس فى مصر وحدها.. بل فى العالم العربى.. وهو ما جذب إليها أبناء يطمعون فى العلم والأخلاق معاً.. حتى صار لها تلاميذ وأبناء فى معظم الدول العربية وبين الأسر الكبيرة.. وتوسعت، كان هدفها أن تكمل منظومتها التعليمية بكل مراحلها.. إلى أن رأت ما أصاب تعليمنا الجامعى من انهيار.. فتجرأت.. ودخلت هذا المجال العظيم.. وصار لها أبناء هم الآن نماذج رائعة في مصر وفي العالم العربي وصار الكل ينادونها «ماما نوال». وعندما أرادت دخول مجال التعليم الجامعى اختارت الجديد فى هذا التعليم، اختارت العلوم الحديثة.. وابتعدت عن الكليات التقليدية.. ودخلت هذا المجال «بقلب جامد»، واختارت أن تكون جامعتها بكل كلياتها فى احدى المدن الجديدة.. 6 أكتوبر.. وهناك فوجئت بأن الأرض لا تصلح كلها للبناء. إذ بها منطقة رملية لا تتحمل بناء الكليات.. كانت كثباناً رملية.. ولم تكن بعيدة عن أرض المقابر!! وكانت مقلباً للقمامة.. هناك على طريق الواحات، أى تبعد عن مدخل المدينة بأكثر من «7 كيلو مترات».. وطلبت ماما نوال أرضاً بديلة.. ودفعت مليون جنيه تحت حساب تخصيص الأرض الجديدة.. وبعد ثلاث سنوات قالوا لها إن الأرض المطلوبة مخصصة لآخرين.. وأن تخصيصها لجامعتها تم بطريق الخطأ!! وقبلت نوال الدجوى الأمر الواقع. وانطلقت في عملية توصيل المرافق وتمهيد الأرض.. إلى أن أقامت أول جامعة عصرية تهتم بعلوم العصر وأقامت «8» كليات حديثة بمعنى الكلمة.. كليات وجامعة تفخر بها مصر..وتذكرنا بالجامعة الأم جامعة القاهرة التى كانت بداية التعليم الجامعى الحقيقى فى مصر منذ عام 1908. وبعد أن أثبتت جامعة نوال الدجوى وجودها وتفوقها.. وقامت بتعمير هذه الأرض وحولتها من مجرد مقلب للقمامة إلى مركز للعلم والتعليم.. جاء من يطالب بثمن جديد لهذه الأرض، ورغم أنها حصلت عليها بسعر أكبر مما حصلت عليه جامعة أخرى فى موقع أفضل بمدخل المدينة ودفعت الدكتورة نوال سعراً يزيد «11٪» علي سعر الجامعة الأخرى.. بل إن الحكومة باعت أرضاً بعد ذلك بعامين بسعر يقل عما باعت به لجامعة نوال الدجوى. وما يضحك بل يبكى أن جاءت الحكومة الآن تطلب الحصول على فرق كبير.. جاءت لتطالبها اليوم بحساب ثمن الأرض الآن وليس عندما كانت مجرد كثبان رمال، الجزء الأكبر منها لا يصلح للبناء.. فأى منطق فيما حدث؟! ورغم ذلك دفعت هذه السيدة العصامية.. دفعت كل ما طالبوا به حتى مع أنها ترى أنهم ظلموها.. دفعت وهى فى قريرة نفسها تقول انها تدفع لمصر.. وهى التى لم تبخل على مصر. ولكن السؤال المحير: كيف نحاسب الناس على الأرض بعد سنوات وبعد أن حولتها من مقلب للقمامة إلى صرح تعليمى رائد فى المنطقة العربية كلها.. ولكن ما يجرح هو قرار ظالم صدر بمنعها من السفر.. وما أكثر مثل هذه القرارات الظالمة، التى تصدر دون حساب أو هدف إلا الإساءة لبعض الناس والتشهير بهم.. إذ بدلاً من أن تشكرها الدولة على جهودها الرائدة هذه.. وعلى مشوارها التعليمى الذى يزيد على 55 عاماً ولا عن السمعة الطيبة لها ولمدارسها وجامعتها بين العالم العربى، وداخل مصر.. بل وتعرف قيادات عربية قدرها وقيمتها.. بدل كل ذلك، تجد هذه السيدة هذا القرار غير المدروس بمنعها من السفر. وإذا كانت نوال الدجوى تعتبر أن ما دفعته وهو يزيد على عشرة ملايين جنيه.. ما هو إلا تبرع لمصر..فإن قرار المنع من السفر جاء خنجراً ليس فى قلبها.. بل فى كل ما أقامته لمصر وللعرب. إننى أرى نوعاً من التشفى فيما جرى. فهل هي محاولة لإزاحة رائدة التعليم الخاص فى مصر هو أن يتم لصالح أفراد من فصيل معين له أيضاً مدارسه ومعاهده وكلياته؟.. ألا يذكرنا ذلك بما جرى للاقتصادى الرائد طلعت حرب الذى أجبروه على ترك «بنك مصر» لهم ليجلسوا مكانه أحد رجال القصر الملكى المدعم من الإنجليز. هل هكذا نجازى المصلحين البنائين الذين يضيفون لهذا البلد.. بينما هناك من كل نشاط يتركز فى السلع الاستهلاكية والتجارة فيها بينما هى تعمل فيما يدوم ويبقى وينفع الأمة كلها. قلبى مع سيدة هى فى نظرى: سيدة بألف رجل.