تحل علينا اليوم ذكرى وفاة سيد الخلق سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم، أحسن الناس خلقا وخُلقا؛ إذ توفي في الثامن من شهر يونيو عام 632م. اقرأ أيضًا.. في ذكرى وفاة النبي.. رحيل المصطفى من أعظم المصائب التي وقعت على المسلمين وكانت وفاة النبي -صلى الله عليه وسلّم- في المدينةالمنورة، في حُجرة السيدة عائشة رضي الله عنها، بل جاء بالخبر الصحيح أنه قُبض عليه الصلاة والسلام ورأسه على فخذ عائشة رضي الله عنها. وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنه صلى الله عليه وسلم كان أزهر اللون صافيه، مع إشراق واضح فيه، ليس شديد السمرة، ولا بالأبيض الأمهق أي: شدة البياض والبرص، وإنما يخالط بياضه حمرة؛ فعن سيدنا أنس رضي الله عنه يصف النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان ربعة من القوم، ليس بالطويل ولا بالقصير، أزهر اللون، ليس بأبيض أمهق ولا آدم...» أخرجه البخاري، وعن سيدنا أبي الطفيل رضي الله عنه قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما بقي على وجه الأرض أحد رآه غيري». جماله وجلاله وقال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سراج الدنيا وضياءها، وبهجة الأرض وبهاءها، أحسن الناس منظرا، وأجمل الخلق مظهرا، وأطهر البرية مخبرا، وصفه أصحابه فجاء الوصف مبهرا؛ فعن سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: سألت خالي هند بن أبي هالة -وكان وصافا- عن حلية النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به، فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخما مفخما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر» أخرجه الترمذي في الشمائل. إدامته للذكر في كل أحواله كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الذكر على كل حال؛ فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه» أخرجه مسلم. حسن صلاته كتب الله عز وجل الإحسان على كل شيء، وجعل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة، وأسوة طيبة في كل شيء، فكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وخلقا، وأحسن الناس صلاة وعبادة لله تعالى، وإذا صلى بغيره رحم الأم والصغير والضعيف وذا الحاجة؛ فقد سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا لا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثا، قالت عائشة: قلت: يا رسول الله، أتنام قبل أن توتر؟ فقال: «يا عائشة، إن عيني تنامان ولا ينام قلبي» متفق عليه. دوام تبسمه وبشره وبشاشة وجهه كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستقبل الناس بوجه طليق، وصدر رحب، حتى ليخيل إلى كل صحابي أنه أقرب الناس إليه، وأنه أحب الناس إلى قلبه، فقد وسع ببشره الناس جميعا؛ فقد قال سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما: سألت أبي عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائه، فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق» أخرجه الترمذي في الشمائل. وعن سيدنا جرير بن عبدالله رضي الله عنهما قال: «ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا ضحك» متفق عليه. وعن سيدنا عبدالله بن الحارث بن جزء رضي الله عنهما قال: «ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم» أخرجه الترمذي. عرقه يتولد نورا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السراج المنير، الذي ملأ الكون نورا؛ قال تعالى: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا} [الأحزاب: 45، 46]. وعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كنت قاعدة أغزل والنبي صلى الله عليه وسلم يخصف نعله، فجعل جبينه يعرق، وجعل عرقه يتولد نورا، فبهت، فنظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مالك يا عائشة بهت؟! قلت: جعل جبينك يعرق، وجعل عرقك يتولد نورا، ولو رآك أبو كبير الهذلي لعلم أنك أحق بشعره. قال: «وما يقول أبو كبير؟». قالت: قلت يقول: ومبرإ من كل غبر حيضة وفساد مرضعة وداء مغيل فإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل قالت: فقام إلي النبي صلى الله عليه وسلم وقبل بين عيني، وقال: «جزاك الله يا عائشة عني خيرا، ما سررت مني كسروري منك» أخرجه البيهقي في السنن الكبرى. بكاؤه من خشية الله تعالى البكاء من خشية الله تعالى، والخشوع والخضوع له جل جلاله دليل على معرفة العبد بربه سبحانه وتعالى، وهذا هو حال أفضل عباد الله وأكرمهم عليه صلى الله عليه وسلم؛ فعن سيدنا عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: «أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء» أخرجه أبو داود، والمعنى: أن له صوتا كغليان القدر. وعن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ علي». فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: «إني أحب أن أسمعه من غيري». قال: فقرأت سورة النساء حتى بلغت: {وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} [النساء:41]. قال: فرأيت عيني رسول الله تهملان. متفق عليه. حياؤه صلى الله عليه وسلم لما كان الحياء من الإيمان، كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الناس حياء؛ فعن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه» متفق عليه. ومعنى "العذراء في خدرها": أي البنت البكر في سترها. شربه الماء قائما وقاعدا، وعدم تكلفه لم يكن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم متعسفا ولا متكلفا، بل كان سهلا في كل شيء، حتى في مشربه صلى الله عليه وسلم؛ فكان يشرب قائما أو قاعدا، فعن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم» متفق عليه. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا» أخرجه الترمذي. موازنته بين الدين والدنيا علمنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا يشغلنا جانب عن جانب، وأن نوازن بين الحقوق والواجبات، فقد قال سيدنا الحسين -رضي الله عنهما: سألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «كان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء، جزءا لله، وجزءا لأهله، وجزءا لنفسه...» أخرجه الترمذي في الشمائل. ودخل نفر على سيدنا زيد بن ثابت رضي الله عنه فقالوا له: حدثنا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ماذا أحدثكم؟! كنت جاره، فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إلي فكتبته له، فكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا، فكل هذا أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم» أخرجه الترمذي في الشمائل. حسن صورته، وكمال خلقته كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس صورة، وأتمهم خلقة، وأجملهم هيئة، لم ير قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم؛ فعن سيدنا البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا، مربوعا، بعيد ما بين المنكبين، عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه اليسرى، عليه حلة حمراء، ما رأيت شيئا قط أحسن منه» متفق عليه. وعن سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بالطويل ولا بالقصير، شثن الكفين والقدمين، ضخم الرأس، ضخم الكراديس، طويل المسربة، إذا مشى تكفأ تكفؤا كأنما ينحط من صبب، لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم» أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح. مساعدته لأهله ليس من العيب أن يخدم الإنسان نفسه وأهله، بل إن هذا يعد شرفا كبيرا للإنسان؛ لأنه بهذا يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة، والقدوة الطيبة؛ حيث سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: «كان يكون في مهنة أهله...» أخرجه البخاري. وفي رواية قالت: «كان بشرا من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه» أخرجه أحمد. ومعنى يفلي ثوبه: أي يتتبعه وينظر أفيه شيء من الحشرات فينظفه. شكره على القليل والكثير، وتعظيمه للنعمة وإن دقت كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم الذكر لله تعالى على كل حال، فهو خير من حمد الله تعالى وشكره؛ فعن سيدنا أبي أمامة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفعت المائدة من بين يديه يقول: «الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، غير مودع ولا مستغنى عنه ربنا» أخرجه الترمذي والنسائي. وعن سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: سألت خالي هند بن أبي هالة - وكان وصافا- فقلت: صف لي منطق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئا...» أخرجه الترمذي في الشمائل. حسن عشرته وصدق معاملته كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الناس خلقا وخلقا، وأسهلهم معاملة، كل من خالطه معرفة أحبه، وسيرته صلى الله عليه وسلم خير شاهد على ذلك؛ فقد كان سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "...أجود الناس صدرا، وأصدق الناس لهجة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم" أخرجه الترمذي، وهذا حديث جامع، يبين كمال أخلاقه، وجمال صفاته، وحسن عشرته، وصدق معاملته صلى الله عليه وسلم. لمزيد من أخبار قسم دنيا ودين تابع alwafd.news