طوال سنوات ثورة يوليو الأولى لم يحدث احتكاك واضح بين البابا شنودة وبين الكنيسة، بل لعل الأقباط كان وحدهم الذين نجوا من حملات الاعتقال التي دشنتها الثورة طوال سنوات الخمسينيات والستينيات, وطالت كل التيارات والاتجاهات بما فيها الشيوعيون والإخوان المسلمين. لم يكن للأقباط - كتجمع ديني - أي طموح سياسي بعد قيام ثورة يوليو على عكس الحال مع باقي التيارات الأخرى التي اصطدمت رغباتها مع طموح رجال الثورة، لكن الأمر اختلف في السبعينيات بعد أن تولي الرئيس "أنورالسادات" الحكم. كان البابا "شنودة" قد سجل رفضه لاتفاقية السلام مع إسرائيل، ورفض الذهاب مع الرئيس "السادات" في زيارته إلى إسرائيل عام 1977، وأوجد هذا الموقف حالة "عدائية" من السادات تجاه البابا، لأنه لم يتصور أن يخالفه أحد في قرارته بعد الحرب. بات الصدام وشيكا، في ظل اتهامات متزايدة من الأقباط بأن الدولة تغذي العنف تجاههم من قبل الجماعات الإسلامية، وعندما قام الرئيس "السادات" بزيارة إلى أمريكا كان الصدام، إذ نظم الأقباط في أمريكا مظاهرة مناهضة ل"السادات" رفعوا فيها لافتات تصف ما يحدث للأقباط في مصر بأنه اضطهاد, وطلب السادات وقتها من معاونيه أن يتصلوا بالبابا ليرسل من يوقف هذه المظاهرات. ولكن قرار إيقاف المظاهرات جاء متأخرا بعض الشيء ، فكانت أن أصدرت أجهزة الأمن قرارا بإيقاف البابا عن إلقاء درسه الأسبوعي, الأمر الذي رفضه البابا ثم قرر تصعيد الأمر بأن أصدر قرارا بدوره بعدم الاحتفال بالعيد في الكنيسة وعدم استقبال المسئولين الرسميين الذين يوفدون من قبل الدولة عادة للتهنئة. ووصل الأمر إلى ذروته عندما كتب البابا في رسالته التي طافت بكل الكنائس قبيل الاحتفال بالعيد أن هذه القرارات جاءت "احتجاجا على اضطهاد الأقباط في مصر"، وكانت هذه المرة الوحيدة التي يقر فيه البابا علانية بوجود "اضطهاد للأقباط في مصر" ولم يفعلها بعد ذلك مطلقا. أصبحت القطيعة بين "السادات" والبابا "شنودة" هي عنوان المشهد، ولذا كان من المنطقي أن يطول العقاب البابا في أيام "السادات" الأخيرة عندما أصدر في سبتمبر عام 1981 قراره بالتحفظ على 1531 من الشخصيات العامة المعارضة. وتعرض البابا شنودة إلى - تحديد الإقامة - في الدير بوادي النطرون، عام 1981. فيديو.. خطاب الرئيس انور السادات في مجلس الشعب لعزل البابا شنودة