في مبادرة جديدة لوأد فتنة الاختلاف والتفرق بين أبناء الوطن الواحد وسعيا لتوحيدهم تحت "كلمة سواء" دعا الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية جميع الفصائل والمختلفين في وجهات النظر أو في مناهج التناول من أصحاب التيارات الإسلامية الصحيحة إلي الجلوس سوياً للحوار وبحث وتدارس القضايا التي ستنهض بأمتنا ومواطنينا والوصول إلي المشتركات، والخروج علي الناس ببرنامج واضح واتفاق قريب مطالبا أن تكون هذه الجلسات من بداياتها تلتزم بتقديم الوعي قبل السعي وبالبعد عن نقاط الخلاف التي لا تعني أو تهم عموم الناس . وأعلن مفتي الجمهورية في رسالة سيوجهها غدا إلي جموع العلماء من التيارات الإسلامية المختلفة عن استعداده الكامل لعمل هذه اللقاءات في مقر دار الإفتاء المصرية لتقوم الدار بواجبها نحو التنظيم والإعداد والترتيب مؤكدا أن دار الإفتاء وجميع منتسيبيها يسعون بكل ما يستطيعوا من جهد ووقت نحو توحيد الكلمة وصالح البلاد والعباد. وأكد فضيلته في مبادرته التي يطلقها غدا إلي ضرورة الاتفاق علي تطبيق فتاوي علماء الأمة الذين أجمعوا علي أن كل من يتبع أحد هذه المذاهب المعتمدة من أهل السنة والجماعة، هو مسلم لا يجوز تكفيره ويحرم دمه وعرضه وماله و أنه لا يجوز تكفير أو تفسيق أصحاب العقيدة الأشعرية ومن يمارس التصوف الحقيقي ولا أصحاب الفكر السلفي الصحيح، كما لا يجوز تكفير أو تفسيق أي فئة أخري من المسلمين تؤمن بالله وبرسوله صلي الله عليه وسلم وأركان الإيمان وتحترم أركان الإسلام ولا تنكر المعلوم عن الدين بالضرورة. وطالب المفتي بأن يكون الأساس والمبدأ قبل وأثناء وبعد اللقاءات والجلسات هو حب الله وحب الوطن وحب الجار، والبحث والسعي الحثيث عن المشترك بين المؤمنين باعتباره الأساس الفكري المتفق عليه والذي يمكن في إطاره أن نفيض مجالسنا دون تكفير أو تفسيق وبقلوب تقدم حب الله وحب الوطن والجار وبآذان تستمع وتبحث عن المشترك، لكي نتعارف حتي نتآلف، ونعمل فيما اتفقنا عليه ونتجاوز ما اختلفنا فيه. لافتا إلي أن القاعدة الفقهية التي أقرها علماء الإسلام علي مدي العصور والأزمان " إنما ينكر المتفق عليه ولا ينكر المختلف فيه " تؤكد أن المتفق عليه هو الذي أجمع عليه المسلمون ولا خلاف فيما بينهم حوله فإذا اخترنا مذهباً من المذاهب أو قلدنا إماماً من الأئمة فلا أنكر علي أخي الذي قلد إماماً آخر أو مذهباً مختلفاً، خاصة وأن الفقهاء أكدوا أنه " من ابتلي بشيء من ذلك - يعني المختلف فيه - فليقلد من أجاز" وهي كلمة بليغة حكيمة عليمة تجعل من اختلاف الأئمة مرونة ورحمة وسعة وتجعل من هذا الاختلاف نسقاً منفتحاً وفكراً حراً ينطلق بالمسلم إلي آفاق أوسع لتعمير الأرض ومن عليها.