قالت صحيفة "جارديان" البريطانية إن سبب الأزمة الحقيقية فى تفجر العنف والغضب فى بورسعيد، ليس الاعتراض على الحكم القضائى فى حد ذاته أو الغضب من الرئيس "محمد مرسى" والحكومة كما يبدو فى الظاهر، ولكن السبب الرئيسي هو وجود إحساس قديم عند قطاع عريض من ابناء تلك المدينة بالاضطهاد، وأن هناك تمييزا ضدهم من العاصمة القاهرة. الاستقلال وأشارت الصحيفة أن أهالي بورسعيد يطالبون حاليا بالاستقلال عن الدولة، متهمين الحكومة بتجاهلهم ومعتقدين أن الحكم القضائي الذى صدر أمس بتأييد أحكام إعدام 21 شخصا، متورطين في أسوأ كارثة فى تاريخ كرة القدم في مصر العام الماضى، والسجن لمجموعة أخرى من المتهمين، جاء مجاملة لمشجعي نادي الأهلى أو خوفا منهم، على حساب جماهير بورسعيد. وأوضحت الصحيفة أن مدينة بورسعيد لم تهدأ منذ صدور الحكم الأول فى السادس والعشرين من يناير الماضى، حيث شهدت المدينة اضطرابات طوال الشهر الماضي، وقتل ما يقرب من 50 شخصا وجرح المئات، ووقعت اشتباكات عنيفة مع قوات الشرطة، وتعطلت الحركة فى بورسعيد طوال الأسابيع الماضية، بسبب العصيان المدني، وتعطلت المدارس التى لم تفتح أبوابها إلا الأسبوع الماضى. وبالأمس حاول أهالي المدينة تعطيل حركة القوارب والسفن فى المجرى الملاحى لقناة السويس وتم منع العبارات من المرور، وإضرام النيران فى مبنى للشرطة ومطعمين، وتم قطع العديد من الطرق والجسور. استرضاء جماهير الأهلي وقالت الصحيفة إن هناك اعتقادا واسعا لدى أهالي بورسعيد أنه تم التضحية بهم من أجل استرضاء جماهير "الأهلى" المضطربة في القاهرة. وتفاقم هذا الشعور بالظلم بعد حكم أمس، حيث يقول العديدون من أصدقاء المحكوم عليهم بالإعدام إن أصدقاءهم قد أدينوا من أجل لا شيء.. ونقلت الصحيفة عن "محمد عطايا" صديق أحد المدانين المحكوم عليهم بالسجن المؤبد قوله :" "خمسة وعشرين عاما لشخص لم يفعل شيء سوى أنه ساعد على حمل القتلى خارج الملعب"، فى إشارة إلى حالة صديقه"، وقال "عطايا" إن صديقه لم يشارك في أعمال العنف. وأضاف "أنهم يضحون بنا لإرضاء القاهرة". ونقلت عن احد عناصر جماعات "الاولتراس" فى بورسعيد قوله :" ان بعض من تم الحكم عليهم كانوا يلقون الحجارة فقط وحكم عليهم بالاعدام". وقال "عطايا ":" ما نحتاجه الآن هو الانفصال عن بقية البلاد"، وأضاف :" لدينا شعور بالاغتراب عن بقية مصر". ليس جزء من مصر ونقلت الصحيفة عن "منى متولى" خلال مشاركتها فى إحدى الجنازات قولها:" بورسعيد وشعبها دائما، مستهدفون"، واضافت "انهم لا يعتبرون بورسعيد جزءا من مصر." واشارت الصحيفة ان المئات تجمعوا خارج مقر المحافظة في أعقاب الحكم يحملون الأعلام التي دعت إلى إنشاء دولة مستقلة ببورسعيد. ويشعر السكان العاديون فى بورسعيد بأنهم كبش فداء ليس فقط من قبل المعترضين على الحكم ، ولكن أيضا نتيجة منع التجول في المدينة منذ اندلاع العنف في يناير وتوقف حركة الحياة بالمدينة. وابدت الصحيفة اندهاشها من الاحداث المؤسفة التى وقعت بالقاهرة فى اعقاب الحكم امس ، حيث خرجت جماهير الأهلي لتعبر عن غضبها من الحكم رغم انه فى صالحهم. وفي البداية كانت هناك الالعاب النارية احتفالا بالحكم ، ولكن سرعان تحول الامر الى حرق وتدمير اعتراضا على تبرئة 28 شخصا وإدانة اثنين فقط من تسعة من ضباط الشرطة. الشرطة عدو الجميع وفي كل من القاهرة وبورسعيد هناك اعتقاد بأن المجزرة التى وقعت فى ملعب نادي المصرى العام الماضى وراح ضحيتها 74 مشجعا من مشجعي النادى الاهلى خلال مبارة كرة القدم التى جمعت الفريقين فى فبراير 2012 ، كانت من تخطيط الشرطة ، وهو شعور صاحبه كراهية على نطاق واسع للشرطة. وكانت وحشية الشرطة أحد الأسباب الرئيسية لثورة يناير 2011 التى أطاحت بالرئيس السابق "حسني مبارك"، وتسبب الغضب على الشرطة فى الكثير من اعمال العنف التي أثرت على مصر وليس بورسعيد فقط في الأسابيع الأخيرة. ويقول "بركات مبارك" احد المصابين برصاص الشرطة :" نريد الانتقام من الشرطة، الدم بالدم، والرأس بالرأس. فى الوقت نفسه يقول ضباط شرطة من قسم شرطة شرق بالقرب من سوق السمك فى بورسعيد انهم ليس لهم اى دور فى اعمال العنف ، وأن هناك مجرمين وبلطجية يندسون وسط المتظاهرين ويطلقون النار على الجانبين ونقلت عن "محمد العدوى" نائب مأمور القسم قوله:" عندما يقول الناس أننا نستخدم القوة ضد المتظاهرين، عليك أن تذهب على الجانب الآخر والاطلاع على الوضع عندما يقوم آلاف المتظاهرين بمهاجمة واطلاق النار من اسلحة رشاشة على رجال الشرطة ، ماذا نفعل ؟.. نحن نعمل تحت ضغط نفسي رهيب ". الحكومة ومرسى وفى الوقت نفسه هناك من يلقى باللوم على الحكومة والرئيس مرسى لكونه لم يقم باصلاح اوضاع الشرطة، لكن حلفاء الرئيس يقولون أنه ليس لهم سيطرة تذكر على مؤسسة الشرطة التى لا تزال تعمل تحت إدارة قيادات موالية لمبارك، وأن الأمر سوف يستغرق وقتا طويلا لإصلاح هذه المؤسسة ، وإن الفساد في السنوات ال 60 الماضية لن يمكن حله فقط في عام واحد أوعامين أو حتى خمس سنوات"، حسبما قال "وليد حداد"، الناطق باسم حزب الحرية والعدالة ، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. ولكن نشطاء حقوق الإنسان يقولون إن الإخوان المسلمين ليس لديهم مصلحة حقيقية في القيام بأي شيء لحل هذه المشكلة. وتقول "عايدة سيف الدولة" المؤسس المشارك للجمعية المصرية لمناهضة التعذيب "انهم لا ينوون إصلاح الشرطة" ، واضافت "انهم يعرفون انهم بحاجة الى دعم الشرطة للبقاء فى الحكم". ولكن ماحدث في نهاية الاسبوع الماضى، يؤكد ان هذا الدعم يبدو من غير المحتمل، حيث توقف الآلاف من رجال الشرطة في جميع أنحاء مصر عن العمل احتجاجا على ما يعتبرونه تدخل سياسي من جماعة الاخوان المسلمين فى الوزارة.