الحكومة تطبق المعايير الأوروبية على البضائع المستوردة منع التهريب والتجارة العشوائية.. أبرز فوائد القرار منظومة التسجيل المسبق للشحنات تحول مصر إلى منطقة لوجستية عالمية توقعات باختفاء المنتجات الصينية الرخيصة من الأسواق قريبا خطوة جديدة اتخذتها الدولة لدعم الصناعة الوطنية وتأمين المستهلك المصرى من الغش ومنع مختلف أنواع التهريب، حيث قررت الحكومة عدم دخول البلاد أى منتجات غير مطابقة للمعايير الأوروبية بداية من مارس المقبل وتطبيق نظام التسجيل المسبق للشحنات ACI. القرار الجديد يمثل ضربة قاضية للمنتجات المستوردة الرديئة ذات الجودة المنخفضة، والتى تملأ السوق المصرى وتتسبب فى كوارث متعددة، فضلا عن تلفها وفسادها بعد مدة قصيرة من شرائها، وبذلك يخسر المستهلك المصرى أمواله وحياته، فبعض هذه المنتجات الرديئة قد ينتج عنها العديد من الكوارث مثل الحرائق. يتزامن القرار مع تطبيق نظام التسجيل المسبق للشحنات، والذى يحقق العديد من الفوائد للاقتصاد والصناعة المصرية، أبرزها منع التهريب بأنواعه، والقضاء على التجارة العشوائية، وتقليل زمن الإفراج الجمركى للبضائع، وتمكين الجهات المعنية من رصد أى خطر على البلاد من خلال نظام إدارة المخاطر، فضلا عن القضاء على ظاهرة ما يعرف ب«المستورد الكاحول» المسئول عن البضائع المحظور دخولها للبلاد. كان الرئيس عبدالفتاح السيسى، قد شدد خلال تفقد عمليات تطوير ميناء الإسكندرية، على عدم السماح بدخول أى بضائع إلا طبقا للمعايير الأوروبية، بدءًا من مارس 2022. وقال السيسي: «بقول الكلام ده علشان الشركات المعنية تساعد الدولة والحكومة فى الإجراءات اللى بنعملها، لأنه النهاردة إحنا شغالين فى حاجة اسمها المعايير الأوروبية علشان لن نسمح بدخول أى بضائع إلا طبقا لهذه المعايير». وتابع السيسي: «مش هنقبل حاجة تخش، أى حد يستورد أى حاجة يبيعها للناس تشتغل أسبوع أو شهر وتترمى لا.. إحنا هندخل كل البضائع طبقا للمعايير زى الدول المحترمة ما بتشتغل.. حاجتنا من شركات محترمة علشان الناس اللى فى مصر تشترى وهى مطمنة ومش هنسمح لأى مستورد يجيب أى حاجة.. مش هنوافق له وكام شهر اللى فات كان عبارة عن إجراءات اختبارية». وقال الرئيس: «من أكتوبر هنبدأ التجهيز للتطبيق، وبدءًا من مارس 2022 سيتم تطبيق المعايير اللى اتفقنا عليها لكل البضائع اللى تخش مصر طبقا للمعايير الأوروبية، ويبقى ادينا فرصة للمستوردين لما يتعاقدوا على بضائع ومواد هيطبق عليها المعايير اللى بتكلم عليها، ولو مش هانبقى جاهزين فى مارس 2022 قولولى». وتعد مصر من أوائل الدول بالمنطقة التى تطبق نظام التسجيل المسبق للشحنات «ACI»، بما يتسق مع النظم العالمية المتطورة فى مجال التجارة عبر الحدود. ويعتمد النظام على معالجة بيانات الشحنات خلال مرحلة «ما قبل الشحن» فى بلد التصدير، على النحو الذى يسهم فى تبسيط الإجراءات وتقليل عدد المستندات، والقضاء على ما يعرف إعلاميا ب«المستورد الكاحول»، وهو الشخص مجهول الهوية الذى يكون الجانى فى قضايا البضائع مجهولة المصدر أو الممنوع دخولها للبلاد، والشحنات المخالفة والمجرمة، ومن ثم تتخلص المنافذ الجمركية من البضائع المهملة والراكدة. ويسمح النظام بتبادل بيانات ومستندات الشحنات إلكترونيا والحصول على موافقة مسبقة قبل الشحن، خلال 48 ساعة من وقت تقديم الطلب، ما يقلل من زمن الإفراج الجمركى وتتمكن الجهات المعنية من رصد أى خطر على البلاد من خلال نظام إدارة المخاطر، حيث تضع الدولة المصرية أولوية قصوى لضمان أمن مواطنيها. منظومة ACI فى هذا السياق، أكد الدكتور محمد معيط، وزير المالية، أنه لن يتم السماح بدخول أى بضائع يتم شحنها من الخارج، بداية من أكتوبر إلى الموانئ البحرية إلا من خلال منظومة «ACI». وقال «معيط»، إن الوزارة أطلقت نظام التسجيل المسبق للشحنات «ACI» تجريبيا أبريل الماضى، وكان من المقرر التطبيق الإلزامى فى يوليو، إلا أنه تم مد مهلة التشغيل التجريبى حتى نهاية سبتمبر، لمنح المستوردين ووكلائهم من المستخلصين الجمركيين والشركات المصدرة لمصر والشركات العالمية متعددة الجنسيات فرصة أخيرة للتسجيل على المنظومة الجديدة، وإجراء المزيد من التجارب لتحقيق التناغم المنشود بين المستوردين والمتعاملين معهم من المصدرين الأجانب؛ بما يسهم فى إنجاح هذا النظام الجديد على نحو يساعد فى تيسير الإجراءات وميكنتها. وسجلت 2500 شركة نحو 18 ألف معاملة جمركية ناجحة عبر نظام التسجيل المسبق للشحنات منذ انطلاقه تجريبيا فى أبريل الماضى، وبلغ عدد الحسابات الإلكترونية حتى الآن 18 ألف حساب، كما بلغ عدد المصدرين الأجانب المسجلين على منصة «Cargo x» حوالى 26 ألف شركة، بما يعكس حرص مجتمع الأعمال على الاستفادة مما تتيحه هذه المنظومة من مزايا، بحسب تصريحات وزير المالية. وأكد الوزير حرص الوزارة على تقديم كل التيسيرات الممكنة وتذليل أى عقبات قد تواجه المستوردين ووكلاءهم من المستخلصين الجمركيين، لتحفيزهم على الانضمام لمنظومة ACI، فضلا عن إقرار مزايا تحفيزية فى هذا الشأن. وأوضح أن هذه المزايا تضمنت خصم 50% من رسوم الاشتراك بالمنصة الإلكترونية الموحدة للتجارة القومية «نافذة» لمن يسجل التوقيع الإلكترونى بالنظام الجديد قبل نهاية أغسطس، و30% لمن يسجل فى النصف الأول من سبتمبر، و20% لمن يسجل قبل نهاية سبتمبر 2021، كما تم تخصيص مسار سريع بكل مركز لوجيستى للمنضمين إلى المنظومة، وإتاحة أولوية الإفراج المسبق، والكشف الفورى للشهادات ذات أرقام تعريف الشحنات «ACID». وأشار إلى أن هناك توجيهات رئاسية بتسريع وحوكمة وتيرة العمل بالمشروع القومى لتحديث وميكنة منظومة الإدارة الجمركية؛ بهدف تحويل مصر إلى منطقة لوجستية عالمية متطورة، ترتكز على التوظيف الأمثل للتكنولوجيا الحديثة فى تعظيم الاستفادة من الموقع الجغرافى المتفرد، وتسهيل حركة التجارة الداخلية والخارجية بالاعتماد على منصة نافذة، التى تربط جميع الموانئ إلكترونيا. وأوضح أن هذه المنظومة تسهم فى تبسيط ورقمنة الإجراءات، وتؤدى إلى خفض تكلفة عملية الاستيراد والتصدير، وتقليص زمن الإفراج الجمركى لأقل من يوم، بحيث تكون الموانئ بوابات للعبور فقط، وليست أماكن للتخزين؛ على نحو يسهم فى تحسين ترتيب مصر فى مؤشرات التنافسية الدولية. أعلى المواصفات من جهته، قال متى بشاى عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف التجارية، إن المعايير الأوروبية تعد إحدى أعلى المواصفات التى تنطبق على المنتجات المستوردة فى أى دولة. وأضاف بشاى، أن هذه المعايير ستطبق على كل البضائع التى تدخل الموانئ المصرية سواء صينية أو غيرها، مشيرا إلى أن تحديد أسعار السلع المستوردة سيتوقف على التشريعات والقوانين والرسوم التى ستضعها الحكومة بشأن هذه الواردات. وتابع: « هذه الواردات ستكون جيدة وليست رديئة، ولكن المستورد لو رفع الأسعار هيكون بسبب حاجة خارجة عن إرادته وأعباء مالية إضافية عليه من جانب الدولة»، كما سيتوقف الأمر أيضا على المنافسة بين المستوردين الذين سيعملون على استيراد البضائع ذات الجودة العالية والأسعار المناسبة وبالتالى المستهلك النهائى سيكون المستفيد. وأوضح عضو شعبة المستوردين، أن ما كان متعارفًا عليه بأن المستورد يذهب لبلد ما ويشترى بضاعة «على قد الفلوس اللى معاه» سيختفى من مصر بعد تطبيق المعايير الأوروبية، لأن الجودة الرديئة لن تدخل الموانئ المصرية بعد تطبيق هذه المعايير. وأشار إلى أن المستوردين فى حاجة إلى مزيد من الوقت لتنفيذ هذه الإجراءات، لأن دورة الاستيراد تستغرق فترة سواء تصنيعًا أو إجراءات شحن أو إجراءات استيراد أو تخليصًا جمركيًا، موضحا أن هناك 18 ألفًا سجلوا فى نظام التسجيل المسبق للشحنات الجديد ACI، ولكن هناك العديد من المستوردين الذين يسعون حاليا للتسجيل أيضا، لأن النظام به بطء شديد فى الإجراءات وإدخال البيانات والأمر يحتاج وقتًا أكثر ومرونة من جانب الحكومة للمساعدة فى سرعة التسجيل. وأكد أن النظام الجديد للاستيراد له عدة مميزات وفوائد منها، منع التجارة العشوائية وتقليل وقت الإفراج والتخليص الجمركى للبضائع، ومنع التهريب بأنواعه المختلفة، ومنع تكدس البضائع فى الموانئ قائلا، «أنا كمستورد بقيت ممكن أدفع الجمرك بتاعى والبضائع لسه موصلتش البلد أصلا.. كمان ليه شغلى وبضاعتى تقعد فى الميناء 10 أو15 يوم طالما ممكن تقعد يومين أو تلاتة وتطلع». دعم الصناعة الدكتور سمير عارف، رئيس جمعية مستثمرى العاشر من رمضان، أكد أن الاهتمام الحكومى بجودة السلع المستوردة من الخارج سيساهم فى دعم الصناعة المحلية والمستثمرين. وأضاف، أن منع استيراد السلع التى لا تتوافق مع الاشتراطات والمواصفات الأوروبية يعطى الأمل لرجال الصناعة فى مساندة الدولة لهم، للارتقاء بمنظومة الإنتاج المحلى وتطوير الصناعة وحماية المواطن من الغش فى بضائع سيئة الصنع. وأوضح رئيس جمعية مستثمرى العاشر، أن هذه الإجراءات ستؤدى إلى إنعاش الصناعة الوطنية وإعطائها فرصة التطوير بعد معاناة شديدة من غزو السوق المحلى بالسلع المهربة والرديئة بدون أى مواصفات قياسية، مطالبا بسرعة تنفيذ قرارات الحكومة بعدم استيراد أى منتج له مثيل محلى لدعم الصناعة الوطنية، وتخفيض فاتورة الاستيراد، وأن يكون الاعتماد الرئيسى على الصناعة الوطنية ذات الجودة العالية خاصة فى المشروعات القومية العملاقة. وأشار إلى أن الرئيس السيسى وضع يده على المعاناة الحقيقية التى يعانيها الصانع المصرى، وضرورة أن يحصل المنتج المحلى ذو الجودة العالية على كامل حقوقه وحمايته من كافة الممارسات التى تضر بالصناعة، والتى تتم عن طريق البضائع المهربة ومحاربة أساليب الغش التجارى وضرب الفواتير، الأمر الذى يضع المنتج المحلى فى منافسة غير شريفة تضر بمستقبل الصناعة. وتابع «حماية المنتج المحلى وتفضيله على المستورد يساهم بشكل كبير فى تشغيل المصانع بكامل طاقاتها الإنتاجية، كما أنه فرصة لدخول استثمارات جديدة فى السوق المحلى وخلق فرص عمل جديدة للشباب». وطالب رئيس جمعية مستثمرى العاشر، بحصول المنتج الوطنى على نصيب الأسد من مبادرة «حياة كريمة»، التى أطلقها الرئيس لتطوير الريف، لأنها تعتبر فرصة ذهبية لإنعاش الصناعة فى مختلف القطاعات الإنتاجية وخاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما طالب كافة رجال الأعمال وأصحاب المصانع بزيادة الاهتمام والارتقاء بجودة المنتج المحلى، لأن هذا المشروع العملاق فرصة كبيرة لزيادة ثقة المواطنين فى صناعتهم المحلية كما يساعد فى تحسين جودة الحياة بمصر. تحسين بيئة العمل والاستثمار يقول المهندس حسين الغزاوى، رئيس لجنة الطاقة بجمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، إن منع استيراد البضائع غير المطابقة للمواصفات الأوروبية يحافظ على مستقبل الصناعة والمستهلك المحلى. وأضاف «الغزاوى»، أن دخول أى منتجات مستوردة غير مطابقة للمواصفات أو سريعة التلف إلى السوق المصرى يعنى فى النهاية تقديم منتج ردئ للمستهلك، والصانع المصرى لا يستفيد منه لسرعة تلفه، وينتج منتج محلى غير مطابق يؤثر بالتبعية على سمعة المنتج المصرى، ويسبب إهدار للعملات الصعبة وفقد أسواق للمنتجات المصرية محليا وخارجيا. وأوضح رئيس لجنة الطاقة بجمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، أن فكرة قيام أى مستورد بشراء منتج أو تصنيع منتج لحسابه بأسعار زهيدة غير مطابقة للمواصفات والمعايير المعتمدة من الصين على سبيل المثال وإدخاله السوق المصرى لن يكون موجود مستقبلا. وأشار إلى أن توجيهات الرئيس السيسى تعنى تصنيفًا للشركات والمصانع التى تقوم بإدخال البضائع من الخارج إلى مصر للوصول إلى منتجات توافق المعايير الأوروبية بالاعتماد على التسجيل المسبق للشحنات عن طريق هذه الشركات التى سوف ترسل إلى مصلحة الجمارك أسماء الشركات والمصانع التى ستقوم بشراء المنتجات الخاصة بها، والتى تريد أن تستورد منها البضائع التى تريد نقلها إلى مصر، وإذا كانت هذه الشركات تعمل وفقا للمعاير الأوروبية سيتم السماح لها بالدخول من خلال منظومة إلكترونية متكاملة ومتطورة تحيد العنصر البشرى وتزيد الشفافية فى التعامل ما يحسن من بيئة العمل والاستثمار فى مصر. ولفت الغزاوى، إلى أنه من ضمن مميزات هذا القرار دعم وتوطين الصناعة المحلية التى تتوسع فى المنتجات المطابقة للمواصفات، والحد من تصدير المواد الخام وعمل قيمة مضافة عليها من خلال تصنيعها وتصديرها فى صورة منتجات نهائية وليس مادة خام، إضافة إلى انتهاء المنافسة غير العادلة بين المنتج المصرى والمستورد، لأن المستورد فى بعض الأحيان يحدد مواصفات فى المنتج الذى يستورده تكون أقل جودة فى أغلب الأحيان عن مثيلاتها المصرية، وتباع بسعر أرخص من المنتج المصرى ما يضرب الصناعة المصرية فى عقر دارها.