لأول مرة نشعر أن عودة الدوري بلا طعم ولا لون ولا رائحة.. نعم اشتقنا كثيراً لاستئناف النشاط الكروي، ولكن يبدو أن من كثرة الانتظار أصابتنا حالة من الشبع، فلم يعد هناك لدي الجميع راحة نفسية ولا ارتياح لمتابعة اللقاءات الكروية.. دوري الشهداء صار منزوع الدسم لا يسمن ولا يغني من جوع، الأحداث التي تمر بها البلاد جعلتنا جميعاً نعيش حالة من الإحباط الشديد.. أتحدي أن تري مصرياً واحداً يضحك من قلبه.. الوجوه أصبحت عابسة في كل مكان تذهب إليه.. ألا تلاحظون معي أن نكات المصريين وخفة دمهم قد اختفت تماماً.. لم تعد هناك قفشات لا علي النظام ولا علي المعارضة ولا علي أي شيء.. كل شيء تحول إلي لا شيء.. البعض فكر في الرحيل وفعلها بعض نجوم الكرة المشاهير في الأندية ليتخلصوا من الحالة السيئة التي تؤرقنا جميعاً.. «أبوتريكة» ذهب إلي الإمارات وهو الذي كان عاشقاً لوطنه ورفض الكثير من العروض الاحترافية العربية والأوروبية.. و«أحمد فتحي» ومحمد ناجي «جدو» ذهبا إلي إنجلترا للاحتراف بنادي هال سيتي.. ومن قبلهم محمود عبدالرازق «شيكابالا» وعمرو زكي نجما الزمالك، وأحمد سعيد «أوكا» لاعب حرس الحدود وآخرون يفكرون ويفكرون وسيقررون الرحيل أيضاً. أحياناً بل غالباً أشعر أننا افتقدنا معني الحياة ونحن نري دماء المصريين أصبحت أرخص من التراب.. قتلي في الشوارع وبلطجية وأرباب سوابق يقتحمون الممتلكات الخاصة والعامة دون حسيب أو رقيب.. سلب ونهب وأخلاقيات ذهبت مع الريح.. صار الحليم في هذا البلد حيران.. وصاحب المبادئ من المنافقين وسفاسف القوم هم الأسياد والقادة والزعماء، ما الذي حدث في مصر؟.. ما الذي أصابنا ونحن بلد الأمن والأمان؟.. أين ذهبت أخلاق المصريين بل أين ذهبت مصر نفسها؟.. يبدو أنها خرجت ولم تعد. اتساءل أحياناً عن أسباب الهجوم علي رجال الشرطة.. علي ما يحدث علي كوبريي قصر النيل وأكتوبر.. وما حدث لفندق سميراميس، وما هي أهداف جماعة «البلاك بلوك» من هم وماذا يريدون ولماذا كل هذه الدموية؟.. هذا ما نعيشه جميعاً في مصر.. ألا يدعو ذلك يا سادة إلي المزيد من الإحباط إلي اختفاء الابتسامة من علي الوجوه.. اشتقنا إلي مصر، إلي أمانها وأهلها الأوفياء المخلصين، الصابرين، الصادقين.. اشتقنا إلي كل شيء في أرض الوطن.. فهل يعود مرة أخري مع انطلاق الحياة الكروية.. أشك! آخر كلام لا تكونن إمعة.. تقول أنا مع الناس.. إن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا أسأت.. ولكن وطن نفسك فإن أحسنوا أحسنت وإن أساءوا تجنبت إساءتهم.