مر 36 عاما على انتفاضة الخبز في يناير 1977، التى استكملتها ثورة 25 يناير، لأن الثورة لم تكن سوى امتداد لحركة الشعب المصري، التي لم تتوقف نحو الحرية والكرامة.. وكانت انتفاضة الخبز في يومي 18 و19 يناير 1977 إحدى علاماتها الفارقة بشكل عام، ولحظة متوهجة, ويبدو أننا الآن وبعد اختطاف الثورة واستمرار انسحاق الإنسان المصرى لم يعد أمامنا سوى الاستمرار فى المقاومة.. ولأنه ما أشبه اليوم بالبارحة فأين السينما التى اقتربت من تلك المرحلة وقدمتها لتفسر لنا الكثير مما لا نفهمه الآن خاصة اختلاط الثوار الحقيقيين بالبلطجية ومحاولة النظام الربط بينهما بأى طريقة والاستفادة من هذا فى التنكيل بالثوار. وفى تجربة خالد الصاوي السينمائية (الفاجومى)، الذي يصور قصة حياة الشاعر أحمد فؤاد نجم، والشيخ إمام, حاول المخرج الربط بين ثورات المصريين فى "انتفاضة 18 و 9 يناير 77" بثورتهم الأخيرة "25 يناير 2011"، إلا أنه وقع في فخ إقحام المشاهد الثورية على الأحداث وهذا ما حدث مع العديد من الأفلام المصرية التى صور معظمها قبل الثورة وحاول مبدعوها إقحام الثورة عليها. وفى الحقيقة أن فيلم مثل "الهجامة" يوضح لنا أسباب الانتفاضة سابقا والآن وربطها بين الصفوة والناس العاديين المعدمين الباحثين عن قوت يومهم، فهم لم يثوروا بحثا عن حرية الرأى ولكن من أجل لقمة العيش، والطريف أنه كما يحدث فى الحقيقة الآن فإن بطلة الفيلم ليلى علوى الهجامة وضعت هى الأخرى مع الفتيات التى قبضن عليهن فى المظاهرات.. فتلك نوسة (ليلى علوي) الفتاة التى تعيش على دخلها من السرقة ومهاجمة المنازل والسطو وتقرر هي وحبيبها (هشام سليم) السطو على منزل أحد المهمين بالدولة إلا أنها تسقط في يد الشرطة أثناء الهروب بينما يفر حبيبها بالمسروقات. بعد انتهاء مدة عقوبتها ووجودها بقسم الشرطة تصدر تعليمات بنقلها إلى الحجز الموجود فيه بعض الطالبات اللاتي شاركن في المظاهرات حتى يتحقق ما قاله الرئيس السادات أنها مجرد ثورة حرامية. تحاول نوسة إقناعهن بأنها هجامة إلا أن (وفاء الحكيم) تبدأ بإقناعها بعدالة قضيتهن لتقتنع بالقضية العامة للبلد، وفي فيلم الإمبراطور استهلت أحداثه بجزء تسجيلي عن 18و19 يناير لتحديد زمن الأحداث وإرسال "زينهم" بطل الفيلم إلي المعتقل بدلا من السجن ، وبينما تتلاحق عناوين صحف تتحدث عن أسبوع حرائق، "الحكومة أشعلت الحريق والسادات أطفأه" يأتي التعليق علي شريط الصوت عن البعض الذي اندس في المظاهرات ليتحول مسارها إلي تخريب وتدمير وسرقات، ويقدم بطله كواحد من هؤلاء الذي ضبط وهو يحاول سرقة خزنة أحد المحلات. وهناك فيلم "البريء" المتحدث عن الحرية بمعناها الشامل، وذلك عن طريق إظهار لمحات من الفساد السياسي في مصر بعد سياسة الانفتاح، وبالتحديد خلال فترة ما سميت بانتفاضة 17 و18 يناير 1977, كما أن الفيلم يتحدث عن فكرة تحول الإنسان إلى آلة مبرمجة من أجل خدمة سلطة معينة، وكتب مؤلف قصة الفيلم وحيد حامد في الإهداء الذي تصدر نص السيناريو المكتوب إهداء إلى عشاق الحرية والعدالة في كل زمان ومكان أهدي هذا الجهد المتواضع. بالرغم من جودة العمل الفني وإبداع الممثلين؛ والفيلم يتناول حادثة وقعت للمؤلف وحيد حامد شخصياً خلال انتفاضة 17 و18 يناير 1977. والفيلم مستند الى الأحداث التي عمت مصر في 17 يناير 1977، حيث قدم رئيس المجموعة الاقتصادية الدكتور عبد المنعم القيسوني (1916 - 1987) مشروع الميزانية لعام 1977 أمام مجلس الشعب المصري، واشتملت علي حزمة من الإجراءات التقشفية لتخفيض العجز ورفع أسعار معظم الحاجيات الأساسية، فتولد إحساس من الطبقات الفقيرة والمتوسطة في مصر بأن طبقات القمة وسائل الإعلام الرسمية متورطة في سرقات وأعمال فساد. ومن المعروف أن الفيلم اختصرت منه بعض الجمل في مشاهده المختلفة، كما حذف مشهد النهاية من قبل لجنة رقابة شكلها مجلس الوزراء من 3 وزراء: وزير الدفاع السابق المشير عبد الحليم أبو غزالة ووزير الداخلية السابق أحمد رشدي ووزير الثقافة السابق أحمد عبد المقصود هيكل في عام 1986 قررت حذف المشهد بحجة أن الزمن لا يتناسب مع عرضه. يحتوي الفيلم على أغنيتين بصوت الموسيقار المبدع عمار الشريعي، ومن كلمات الشاعر عبدالرحمن الأبنودي. اعتبر البعض هاتين الأغنيتين قمة في الإبداع ومعبرتين جداً عن مضمون الفيلم.. وكان الفيلم قد واجه اعتراضات رقابية, وشاهده وزراء الداخلية والدفاع والثقافة في عام 1986, وطالبوا بحذف عدد من مشاهده وتغيير نهايته. تم عرض الفيلم كاملا وبدون تقطيع ورقابة في أبريل 2005 في مهرجان السينما القومي .وهناك فيلم ليلى علوى وإيمان البحر درويش الذى اقترب أيضا من مأساة تلك المظاهرات. وفي عام 1987، قدم محمد خان فيلمه المهم "زوجة رجل مهم"، بسيناريو رائع لرؤوف توفيق. متناولا مفهوم السلطة وعلاقتها بالفرد. من خلال ضابط الشرطة السلطوى الذى نكل بالمعارضين فجعلته السلطة كبش فداء لتجميل صورتها وتخلت عنه وأحالته على المعاش، وذلك إثر تحقيقات النيابة ومحاكمات القضاء في قضية أحداث 18 و19 يناير 1977.