هنعرف أمتى الحكومة السرية الجديدة، ساويرس يتساءل عن موعد إعلان التشكيل الوزاري    تشكيل الحكومة الجديدة.. تدخل برلماني لتحديد معايير اختيار الوزراء والمحافظين الجدد    «التضامن» تقرر توفيق أوضاع 3 جمعيات ب 3 محافظات    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    اليوم.. "إسكان الشيوخ" تعقد 7 اجتماعات بشأن مشروعات طرق    مدبولي: خطة زمنية تتم متابعتها أسبوعيا لأعمال الإخلاء والتعويضات بجزيرة الوراق    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    الإسكان: خزان استراتيجي لتحسين ضغط المياه شرق مدينة الشروق    تعرف على توصيات «الشيوخ» بشأن الذكاء الأصطناعي وفرص العمل    عرض حلول تحديد الهوية بمؤتمر الأمن السيبراني .. تفاصيل    رحلات بيئية لوادي الجمال وجبل علبة للتوعية بأهمية المحميات الطبيعية    الشركة القابضة المصرية الكويتية تعلن عودة الغاز إلى مصانع الأسمدة التابعة    عاشور: الانتهاء من تصميم سيارة كهربائية بالكامل.. وبدء عمليات التصنيع الفعلي    مفتي الجمهورية: الكيان الإسرائيلي يرتكب إبادة جماعية مكتملة الأركان على مرأى ومسمع من العالم    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    أوقفوا الدعم العسكرى لإسرائيل.. آلاف المتظاهرين فى محيط البيت الأبيض يدعمون فلسطين بحمل لافتات تصف بايدن بالكذاب    عضو ب«النواب»: قصف الاحتلال الإسرائيلي مخيم النصيرات انتهاك صارخ لكل القوانين    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    مقررة أممية: إسرائيل استغلت قضية الأسرى لإضفاء شرعية على قتل الفلسطينيين    الذكاء الاصطناعي يفجر مفاجأة حول الفائز بلقب يورو 2024    عدلي القيعي يكشف شعبية الأهلي في مصر ب إحصائية رقمية    مواجهات أفريقية قوية.. مواعيد مباريات اليوم الأحد    دي لا فوينتي: أستخدم بيدري بشكل مختلف عن برشلونة    استخراج جثة شاب من «هويس أبو علي» بسمنود بعد يومين من غرقه بالغربية    تبدأ خلال ساعات.. انخفاض الحرارة على هذه المحافظات الأيام المقبلة    لمدة أسبوعين.. موعد بدء تلقي تظلمات الشهادة الإعدادية في مطروح    1824 طالبا يؤدون امتحانات الثانوية العامة ب10 لجان في الوادي الجديد    نيابة بورسعيد تُصدر قرارًا هامًا بشأن «سفاح التجمع»    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    محافظ شمال سيناء يودع حجاج قرعة الجمعيات الأهلية    بقيمة 20 مليون جنيه..ضبط أسلحة نارية ومخدرات بحوزة بؤرة إجرامية بالبحيرة    أول بلاغ للنائب العام ضد عمرو دياب بعد صفع معجب بالقلم    فيلم اللعب مع العيال، القصة والأبطال وموعد طرحه في السينمات بموسم عيد الأضحى    حنان ترك تتصدر التريند بسبب ابنتها.. ما القصة؟    الموت يفجع الفنان محمد نجاتي    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    أستاذ صحة عامة: التعرض لأشعة الشمس هذه الأيام خطر    الصحة توقع خطاب نوايا مع استيلاس فارما لرفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    "معلومات الوزراء":مشروع الجينوم المصري في مرحلة المهد وسيحدث طفرة بكافة المجالات    تأثير ارتفاع درجة حرارة الجو على الإنسان.. تؤدي إلى مضاعفات خطيرة    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    نجم الزمالك السابق يرد.. هل أخطأ حسام حسن بمشاركة الشناوي؟    اليوم.. جمعية الفيلم تقيم تأبينًا ل صلاح السعدني وعصام الشماع ونادر عدلي    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    ماذا قالت سيدة التوقعات مع عمرو أديب عن العوضي وياسمين عبد العزيز وأمل ماهر وشيرين؟ (فيديو)    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملك محمد منير حفيد قدماء المصريين بفنه وهيئته
أمجد مصطفى يكتب: المصرى فنان عمره 7 آلاف سنة
نشر في الوفد يوم 21 - 12 - 2020

المهموم ب الإنسان ولو مالوش عنوان طالب بالعودة إلى أفريقيا
طرح قضية الهجرة من قلب أوروبا.. مؤكداً: كلنا مشاريع لاجئين
فنان صوته وهيئته شديدة­ المصرية، هو يذكرنا بقدماء المصريين الذين تركوا لنا إرثا عظيما من الفنون، نراه مكتوبا على جدران المعابد، وعلى أوراق البردى، وغيرها فهم أصحاب أول آلة إعلامية عرفها التاريخ، هم أول من صنعوا إعلانات ما يعرف «الاوت دور» الآن سبقوا الزمن فى الدعاية لأنفسهم، «منير» ينتمى إلى هذا الإنسان المصرى الجميل. لذلك هو أفضل من عبر عن مصر فى الغناء عبر مشواره، حتى عندما ذهب إلى اوروبا كان يحمل أفكار مشروع غنائى مصرى إلى العالمية، وعندما غنى هناك استقبلوه أفضل استقبال.
«منير» مر خلال الفترة الأخيرة بأزمة صحية، مرت بسلام وعاد لكى يستأنف مشواره مع الغناء، عاد لتحدٍ جديد، عاد ليطربنا ويسعدنا ويمتعنا فى هذا الملف نرصد مشوار الفنان والإنسان محمد منير.
ما نرضاش يخاصم القمر السما.. ما نرضاش تدوس البشر بعضها
ما نرضاش يموت جوه قلبى نداء.. ما نرضاش تهاجر الجذور أرضها
ما نرضاش قلبى جوا يغنى وأجراس تدق لصرخة ميلاد..
تموت حتة منى الأجراس بتعلن نهاية بشر من العباد
دى الحكمة قتلتنى وحيتنى وخلتنى أغوص فى قلب السر
قلب الكون قبل الطوفان ما ييجى خلتنى أخاف عليكى يا مصر
وأحكيلك على المكنون
وفى نهاية الأغنية يقول:
لا يهمنى اسمك لا يهمنى عنوانك
لا يهمنى لونك ولا ولادك ومكانك
يهمنى الإنسان ولو ما لوش عنوان
يا ناس يا ناس هى دى الحدوتة
حدوتة مصرية.. حدوتة مصرية
هذه الكلمات تلخص حياة المطرب الكبير محمد منير، ومشواره فى عالم الغناء العربى، وهو دائما مهموم بالوطن والإنسان، ودائما ما يردد فى جلساته وحواراته الصحفية أو التليفزيونية أنه مهموم بهذا الأمر. هو دائما يبحث عن المدفون فى مشاعرنا، عن الكلمة التى تخرج من طين بلدنا، ليعبر عن الشقيان، والمطحون، الغلابة فى كل مكان، أيضاً لم ينسَ «منير» كل عاشق ولهان، لذلك هو حدوتة مصرية كما غنى وقال يهمنى الإنسان ولو مالوش عنوان.
عاشق الجذور وأفريقيا
«منير» عاشق الجذور ودائما ما كان ينادى بضرورة وجود حوار موسيقى بين دول أفريقيا خاصة دول حوض النيل. لكن المشروع لم يكتمل رغم أن أفريقيا تستحق منا كل الاهتمام لأنها تمتلك ثقافات تتشابه مع ثقافة أهلنا فى الجنوب كما أن أفريقيا هى امتدادنا. وبما أننا دخلنا عصرا جديدا فى مصر آن الأوان أن نتقارب مع أفريقيا فنيا، لأننا للأسف الشديد محتلون فنيا بثقافات أخرى والموسيقى يجب أن تدخل دائرة اهتمامنا بشكل أعمق، أفريقيا بمثابة كنز، والدليل أن الأوروبيين يتجهون إليها، فى الماضى كان الأفارقة هم الذين يسعون للسفر إلى القارة العجوز، الآن الوضع تغير تماما. و«منير» عندما طالب بهذا المهرجان منذ سنوات كانت فكرته أن يقدم كل عام فى دولة من دول أفريقيا أو على الاقل عواصم حوض النيل، أوغندا وإثيوبيا، ورواندا، وتنزانيا، وإريتريا، وبوروندى، وكينيا، والسودان ومصر. وهنا سوف نكتشف عدم وجود أى غربة بيننا. لأننا أصحاب مصير واحد. وبالمناسبة موسيقاهم أفضل من الأشكال الموسيقية المفروضة علينا الآن مثل الهاوس، والروك، والهاردروك. ثم أن موسيقاهم هى موسيقانا، ويجب أن نقدم أنفسنا. لماذا نتجاهل موروثنا ونرتمى فى أحضان أوروبا. كما أن الموسيقى الخاصة بهذه الدول سبقتنا إلى الغرب، حتى موسيقى شمال أفريقيا ذهبت قبلنا.
سفير أممى فوق العادة
أهمية المطرب الكبير محمد منير ليست فى أنه يقدم محتوى موسيقيًا وغنائيًا مختلفًا فقط، لكن تأتى أيضاً من كونه يضع يده ويستخدم حنجرته فى طرح قضايا عالمية تهم المجتمع الدولى أجمع وليس المصرى فقط، لدرجة تشعرك أنك أمام سفير أممى أو دبلوماسى أو سياسى.
محمد منير استطاع خلال مشواره مع الغناء أن يكون المتحدث الرسمى باسم جموع الشعب فى الكثير من الهموم والقضايا التى طرحها من خلال أعماله. «منير» أو الملك كما يطلق عليه عشاق صوته سبق السياسيين والمهتمين بالشأن الدولى فى توقع العديد من القضايا التى لم يتحدث عنها إلا من خلال أعماله الغنائية.
وعندما التقيت به عند غنائه لأغنية «وطن واحد» منذ ثلاث سنوات تقريبا وهو العمل الذى غناه معه «يوسو ندور» وزير السياحة والثقافة السنغالى فى ذلك الوقت وعادل الطويل، وهو ألمانى مصرى وهى أغنية تناولت اللاجئين، تم إصدارها ب3 لغات حتى تصل كرسالة إلى العالم، والتى تؤكد أن الأصل هو الإنسان كما تدعم ثقافة قبول الآخر، غنى «منير» الجزء العربى منها، بينما يغنى المغنى الألمانى من أصل مصرى عادل الطويل باللغة الألمانية، فيما يغنى وزير الثقافة والسياحة السنغالى السابق «يوسو ندور» بالفرنسية.
التقيت به وقتها وتحديدا فى نهاية أبريل 2017 ودار
بينى وبينه هذا الحوار. حيث سألته عن فكرة العمل فقال:
أنت تعلم أن أوروبا حاليا مليئة بمئات الآلاف من اللاجئين خاصة من سوريا الشقيقة، وللأسف أصبح هناك سلوك رافض لهؤلاء اللاجئين خاصة بعد حادث الشانزليزيه وحوادث أخرى فى ألمانيا وبعض دول أوروبا الأخرى، هذا السلوك الرافض للاجئين أصابنى بالحزن، فى نفس الوقت كان صديقى المغنى والموسيقى المصرى الألمانى عادل الطويل جاءته فكرة هذا العمل وعندما عرضه علىّ فرحت جدا به. لأنه أيضاً يعبر عن قضيتى منذ سنوات بلاد الله.
قلت له ماذا تقصد ببلاد الله؟
- قال: أقصد أن الأرض ملك للإنسان وليس لجنسية بعينها، كلنا أبناء هذه الأرض دون أن نحدد مسميات دولية.
سألته مجددًا.. أجد لديك حماسًا كبيرًا لهذا العمل وتلك القضية التى تمس المهاجرين أو اللاجئين؟
- قال: أولاً دور الفنان ليس تقديم الأغنية العاطفية أو الغناء التقليدى بكافة صوره وأشكاله، لكن الفنان له رسالة يجب أن يؤديها.
عدت وقلت له ما الذى استفزك فى قضية اللاجئين؟
- قال «منير»: أولا هناك معسكران فى هذا الأمر؛ الأول يرفض اللاجئين بشدة ويطالب بخروجهم من أوروبا وهناك أحزاب سياسية تتبنى هذا الأمر، ومعسكر آخر يدافع وأغلبهم من العرب. لكن خطورة الأمر أننا جميعا فى كل بلاد العالم وليس الشرق الأوسط وأفريقيا فقط معرضون أن نكون لاجئين ليس بالضرورة بسبب الحروب، لكن هناك كوارث طبيعية مثل تسونامى من الممكن أن تجعل مواطنى أى دولة لاجئين لذلك أى إنسان منا معرض لهذا الأمر، لذلك كان من الطبيعى أن نقدم تلك الرسالة لأوروبا والعالم أجمع. أردت أن أقول كلنا مشاريع لاجئين.
ذكرت له أن أوروبا نفسها تعرض مواطنوها لهذا الأمر أثناء الحرب العالمية ومنها دول الآن عظمى؟
- قال: هذا صحيح لذلك أتمنى أن تصل الرسالة للعالم.
وما الذى تطلبه من الدول الأوروبية بخلاف قضية اللاجئين؟
- أولا أتمنى أن يساعدونا فى أمور كثيرة، فالمساعدة ليست بالضرورة بالسلاح، نحن نريد أن يساعدونا بإقامة ساحات للغناء ومستشفيات على أعلى مستوى ويساعدونا أيضاً فى التعليم ويفيدونا من تجاربهم، ساعدنى بعلمك، بتأهيل المعلمين ليس لأننا ضعفاء لكن حتى نجتاز جميعنا الصعاب، ساعدنى بإخلاص وضمير. بالمناسبة وهذا الكلام أنا قلته فى حفل شرم الشيخ العام الماضى بعد أن شاهدت صورة الطفل السورى الغريق، قلت: ففى الوقت الذى يرفض الأوروبيون اللاجئين السوريين استقبلت مصر 200 ألف سورى على الرغم مما نعانيه.
هذا هو محمد منير المهموم بالإنسانية..
«منير» بلغة الأرقام
66 سنة، هو العمر الحقيقى الذى عاشه المطرب الكبير محمد منير، وفقا لتاريخ ميلاده فى أكتوبر 1954، ولكن حجم النجاح الذى حققه منذ ظهوره عام 1978 بألبوم «بنتولد»، يساوى هذا العمر مضروبا فى عشرة، ليتوِّجه الجمهور عن جدارة «ملكا» للأغنية المصرية. منير بلغة الأرقام «نجم الشباك» الأول، وحققت ألبوماته أعلى المبيعات، كما تسجل حفلاته الحضور الجماهيرى الأكبر بين مطربى جيله والأجيال التى أتت بعده، بنسبة تقترب من مباريات كرة القدم الجماهيرية.
على مدار 40 سنة، ظل نجاح محمد منير الأكثر استقرارا بشهادة أبناء جيله، ومن بينهم المطربان الكبيران على الحجار ومحمد الحلو، وأسباب كثيرة صنعت هذا التاريخ الطويل من النجاح، أبرزها أن «منير» التقى فى بداية مشواره أسماء كبيرة، كان لها فلسفة وفكر مغاير لما هو قائم فى هذا الوقت، حيث كانت الأغنية وقتها تعيش أجواء الغناء الطربى الذى كان يقدمه جيل العندليب عبدالحليم حافظ، وكوكب الشرق السيدة أم كلثوم، لذلك كان لقاء هانى شنودة بمحمد منير أول نقلة نوعية فى حياته، بتقديم ألبومى (بتولد وعلمونى عينيكى).
«منير» جاء من أسوان إلى القاهرة حاملا شنطة سفرة محتضنا حلم عمره وهو الغناء برفقة شقيقه الأكبر «فاروق» الذى كان يتمتع أيضاً بصوت غنائى جيد، وخلال وجوده تعرف شقيقه على الشاعر الكبير عبدالرحيم منصور الذى كان قد بدأ مشواره مع كتابة الأغنية مع بليغ حمدى، وشعر أن «منير» الشاب الصغير من الممكن أن يكون صوت مصر.. ومن هنا بدأت
الرحلة.
المتمرد
المرحلة الأهم فى بناء شخصية «منير» الفنية، تحققت من خلال الموسيقى القادم من أمريكا لتطبيق فكرة فى وطنه مصر، كان هذا الموسيقى هو يحيى خليل، الذى توافق فكره مع الشركة المنتجة «سلام»، ويخططان لمشروع كان نجمه محمد منير. تلاقت الأفكار بين الثلاثى خليل والشركة ومنير فحقق نجاحا كبيرا فى ألبوم «شبابيك»، لدرجة أنه ساهم فى إعادة الألبوم الأول والثانى لمنير إلى بؤرة اهتمام الجمهور، ثم توالت نجاحات الثلاثى فى البومات «اتكلمى» و«برىء» و«وسط الدايرة». كان هذا الثلاثى مدعوما بمجموعة أخرى من عمالقة التأليف والتلحين مثل أحمد منيب وعبدالرحيم منصور وفؤاد حداد. هذه المجموعة اختارت لمنير مجموعة مختلفة من الأغانى لم يكن يقدمها غيره من قبل، اعتمدوا خلالها على بساطة الكلمة وعمق المعنى مثل «عروسة النيل»، و«شجر اللمون»، و«اتكلمى»، و«بنتولد». هذه النوعية من الأغانى وغيرها خلقت موجة جديدة فى عالم الغناء العربى، فأصبح هناك شكل مخالف تماما للمدرسة الطربية، وسار خلف هذا اللون كثير من المطربين حتى صار منير مدرسة مصرية بالفعل. فالموضوعات التى تم اختيارها للغناء لم تكن مألوفة من قبل حتى مفردات الكلام، أضيفت إليها خلطة سحرية ليحيى خليل جمعت بين قوة موسيقى الجاز وعفويتها وبين دفء اللحن الشرقى وشجنه. كل هذا امتزج فى صوت منير.
صوت منير لم يكن الأقوى بين أبناء جيله، ولكن جينات الموهبة التى يملكها وثقافته التى جمعها سواء من فنانين التقى بهم فى أول المشوار فى مصر أو من خلال احتكاكه بمدارس فنية أخرى التقاها خلال رحلاته إلى أوروبا ساهمت إلى حد بعيد فى هذه الاستمرارية الفنية التى يعيشها، فهو لا يغيب حتى خلال السنوات التى يختار الابتعاد فيها عن الساحة لالتقاط الأنفاس أو الإعداد لألبوم جديد.
ساعده أيضاً على التميز، اختيار على الحجار ومحمد الحلو الشكل الكلاسيكى فى الغناء الذى كان يمثله وقتها الموسيقار الكبير بليغ حمدى وعبدالوهاب والموجى وكمال الطويل.
كان بليغ حمدى قد احتكر صوت الحجار والحلو، ومعهما منير، لكن الأخير وقع عليه الاختيار من قبل شركة «سلام» لتقديم الموجة الجديدة من الغناء، بعد أن رأوا فيه الشكل المختلف الذى يمكنه تقديم هذا اللون، فهو الشاب القادم من الجنوب ليرتدى الملابس الكاجول بدلا من البدلة والكارافت، كان منير وقتها يحمل مواصفات أخرى للنجم. ويحسب هنا لبليغ حمدى أنه تنازل عن احتكار «منير» ومنح الشركة الجديدة وقتها حق رعايته، كما أعطاه أيضاً حق غناء «أشكى لمين»، بعد أن سجلها محمد الحلو بصوته وصورها فيديو كليب، وهو ما يكشف أن علاقة النجوم فى هذا الزمن كانت قائمة على التضحية والحب.
26 ألبوما
قدم محمد منير للأغنية المصرية مجموعة كبيرة من الألبومات واستطاع أن يحدث مزجا بين الغناء العاطفى والوطنى فى رحلة تزاوج فريد، تجعل المستمع فى حيرة من فرط الدهشة هل منير يغنى للحبيبة أم للوطن؟
أصدر منير 26 ألبومًا غنائيًّا طوال مسيرته الفنية التى امتدت 40 عامًا، من أشهرها «بنتولد» عام 1978 و«علمونى عنيكى» و«شبابيك» عام 1981 و«اتكلّمى» سنة 1983، و«برىء» عام 1986، و«وسط الدايرة» عام 1987، و«شوكولاتة» 1989، و«فى عشق البنات» عام 2000، و«أنا قلبى مساكن شعبية» عام 2001، و«الأرض، السلام» عام 2002، و«أحمر شفايف» عام 2003، و«حواديت» عام 2004، و«امبارح كان عمرى عشرين» عام 2005، و«طعم البيوت» عام 2008، و«رباعيات فى حب الله» عام 2009. بعدها توقّف منير عن إصدار الألبومات لمدة 4 سنوات تقريبًا، قبل أن يطلق ألبوم «يا أهل الطرب والعرب» عام 2012، «الروح للروح دايما بتحن» 2017 و«وطن» 2019. وقريبا «باب الجمال» الذى يضع لمساته الأخيرة حاليا.
البناء الفنى لمنير كان متينا ووفقا لقواعد فنية على أعلى مستوى، ولهذا السبب استطاع أن يستمر نجما حتى الآن، ورغم تعاون محمد منير مع أسماء كثيرة خلال رحلته، فإن يحيى خليل وهانى شنودة وأحمد منيب وعبدالرحيم منصور يظلون الأكثر تأثيرا فى مشواره.
«شاهين» يضمه لنجوم السينما
لم يكن «منير» وجها سينمائيا للعديد من مخرجى السينما لكن الأمر كان عند يوسف شاهين مختلفا تماما، حيث وجد فيه الصوت الذى يمكن توظيفه فى السينما ليغير به ملامح نجم الغناء فى السينما الذى كان النموذج الاشهر فيها عبدالحليم حافظ. البداية كانت «حدوتة مصرية» عام 1982 وأغنية هذا العمل أحدثت انقلابا فى مسيرة «منير»، ثم تبعها بالمشاركة فى فيلم «اليوم السادس» عام 1986 مع الراحلة العالمية داليدا، ثم تتابعت الأعمال «يوم حلو ويوم مر، وليه يا هرم، واشتباه، وشباب على كف عفريت، ودنيا، ومفيش غير كده، وحكايات الغريب، والبحث عن توت عنخ آمون»، وفى المسرح قدم «الملك هو الملك» و«ملك الشحاتين» و«مساء الخير يا مصر». وكان آخر ظهور له من خلال مسلسل «المغنى» عام 2016 الذى قدم من خلاله رحلته مع الموسيقى.
صائد الجوائز
كان من الطبيعى بعد كل هذا المشوار الطويل الملىء بالمحطات المهمة أن يكون منير «صائد الجوائز»، فقد فاز الفنان بجائزة أفضل مطرب فى مسابقة MEMA يوليو 2008، كما حصل على جائزه السلام من قناة CNN عن ألبوم «الأرض السلام»، والجائزة الماسية من «باما أووردز»، وفاز بالجائزة البلاتينية لأحسن مطرب مصرى وعربى عن أغنية «ياسمينا»، التى شاركه الغناء فيها المطرب العالمى عادل الطويل، مع فريق «إيش أوند إيش»، وجائزة شركة يونيفرسال العالمية، بعد أن وزعت الأسطوانة التى تضم أغنية «تحت الياسمينا» 700 ألف نسخة، محققة أعلى نسبة توزيع فى ألمانيا، وحصل فى العام نفسه وعن الأغنية نفسها، باللغتين العربية والإنجليزية، على المركز الثالث فى الاستفتاء الجماهيرى الذى نظمته قناة «بروسفن» لمسابقة أفضل أغنية فى ألمانيا، كما حصل أيضاً على جائزة Honorable Award عام 2005 عن فيلم «دنيا»، وفازت أغنيته «الليلة يا سمرة» فى استفتاء الBBC لأفضل 50 أغنية أفريقية فى القرن العشرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.