إذا حصل ووفقك الله تعالى للصلاة أو الذكر أو الصدقة أو الحج أو أفعال الخير، لا تصلي من أجل أن تحصّل الثواب، بل تصلي لأن الله يستحق منك العبادة وأزيد، ولو عرفت قدر ربك ما قمت من سجدتك أبدا، إلا أنه قد خفف عنا فجعل الصلاة على هيئتها المعروفة تخفيفًا على العباد، وإلا حقه سبحانه وتعالى أن تقوم فلا تركع ،أو أن تركع فلا ترفع، أو أن تسجد فلا تقم من سجدتك أبدا، ولا تكون قد وفيت بحقه، فلابد من إخلاص العبادة لله فلا تتشوف لثواب وجزاء قد جعله الله بإيزاءها، فتكون مثل العبد الرقيق إنما يعمل من أجل أن يأكل أو أن يأخذ شيئًا في مقابل عمله، بل كن عبدًا لله تعبد حبًا فيه وطاعة له وقيامًا بما يستحقه سبحانه وتعالى، وكفى من جزاء أن رضيك لها أهلًا. -ما جزاء صلاتك؟ رضاه عنك الذي نتج عنه توفيقه لك في أن تقوم تصلي له. -من الذي خلق صلاتك؟ هو سبحانه وتعالى. -من الذي خلق عندك قدرة الطاعة؟ هو سبحانه وتعالى -من الذي وفقك لأن تصلي الآن ؟ ويعينك على هذا؟ ويخرج صلاتك إلى حيز الوجود؟ هو الله سبحانه وتعالى. أليس في ذلك فضل؟ أليس في ذلك رضا؟ أليس في ذلك جزاء؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي. إذًا فإقامتك التي أقامك فيها من طاعة هي نفسها الجزاء على تلك الطاعة، إذًا ينبغي على العاقل أن لا يتشوف إلى ثواب دنيوي. هذا كرم من الله تعالى علينا، فأجمل شئ تتشوف إليه هو حمد في قلبك لله رب العالمين أن قد وفقك إلى هذه الطاعة، وأنه بهذه الطاعة تبين أنه راض عنك ؛لأنه لو لم يكن راض عنك لحرمك الطاعة، (كفى من جزائه إياك على الطاعة أن رضيك لها أهلا)، التفت لهذا المعنى، فإن فيه الإخلاص.