بقلم :المستشار:محمد محمود مصطفي موسي تابعت بشغف حلقة حوارية رائعة بإحدي القنوات الفضائية المصرية ضمت إلي جانب مقدمة البرنامج اللامعة ضيفين أثريا الحلقة الحوارية بأسلوبهما الرصين الهادئ الذي نجح في توصيل الفكرة التي طرحاها للحوار إلي المشاهدين وهما الدكتور مهندس ممدوح حمزة والمستشارة تهاني الجبالي. وكان حوارهما عن اللجنة التي سوف يتم تشكيلها من ألفين وخمسمائة عضو لإدارة حوار وطني يناقش مستقبل مصر ما بعد ثورة 25 يناير 2011 والتي سوف يراعي في تشكيلها تمثيل كل أطياف المجتمع المصري إقليمياً وسياسياً واجتماعياً ومهنياً إلا أنها أشعلت حواراً خاصاً بيني وبين نفسي رحت أتساءل فيه متخيلاً كنه الموضوعات التي يمكن أن تناقشها تلك النخبة من أبناء مصر وتتحاور بشأنها، وقد جرفني الطموح وأحلام اليقظة إلي تخيل بعض ما أتمني أن يتناوله هذا الحوار الوطني بين ممثلي الأمة.. فتمنيت أن يشمل الحوار ما يلي: أولاً: إلغاء نسبة ال 50٪ عمال وفلاحين المنصوص عليها بالدستور الصادر سنة 1971 والتي للأسف نص عليها في الإعلان الدستوري المؤقت المعلن أخيراً، وسندي في ذلك أن نص المادة (8) من الدستور سالف الذكر تنص علي »تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين«، كما تنص المادة (40) من ذات الدستور علي »المواطنون لدي القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة«، وهاتان المادتان تتضمنان أحد المبادئ التي تضمنها إعلان حقوق الإنسان وقد تضمنتها معظم الدساتير في العالم المتحضر، ورغم ذلك ناقض المشروع نفسه فأورد في الفصل الثاني الخاص بالسلطة التشريعية (مجلس الشعب) حكماً نص عليه بالمادة (87) من الدستور آنف الذكر مؤداه »يحدد القانون الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة وعدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين علي ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضواً، نصفهم علي الأقل من العمال والفلاحين... إلخ«، وهذا النص قاطع الدلالة علي أنه من الممكن أن يكون كل أعضاء مجلس الشعب من العمال والفلاحين لأن النص كان صريحاً في تحديد نسبة العمال والفلاحين من أعضاء مجلس الشعب (بالنصف علي الأقل)، أي أنه بعبارة أخري فإن العمال والفلاحين يتنافسون علي مائة في المائة من مقاعد مجلس الشعب، بينما تتنافس باقي طوائف الشعب وفئاته الأخري علي خمسين في المائة فقط من مقاعد المجلس وهو ما يخل بمبدأ المساواة بين المواطنين ويتعارض مع نص المادتين 8 ، 40 من ذات الدستور. ثانياً: إلغاء الحصة التي ابتدعتها السيدة سوزان مبارك إرضاء لحاشيتها من المقربين إليها فنصت علي تخصيص كوتة للمرأة في عضوية مجلس الشعب وهو تمييز فاضح بين المواطنين بسبب الجنس يتعارض مع المادتين 8 ، 40 سالفتي الذكر من الدستور الذي كان ملطشة لكل من هب ودب للعبث بمواده لتحقيق مآرب خاصة. ثالثاً: إلغاء مجلس الشوري الذي ابتدعه الرئيس السادات ليوكل إليه الإشراف علي الصحف لإحكام قبضته عليها بعد أن قام بحل الاتحاد الاشتراكي، وليجعل منه سبوبة رزق لأتباعه نص في قانون إنشائه علي أن يكون ثلث أعضائه بالتعيين (عجبي) ونسي أن يخلق لهذا المجلس الذي يكبد الدولة أربعمائة مليون جنيه سنوياً اختصاصات يمارسها الأعضاء الموقرون بخلاف قبض مكافآتهم الهائلة، وليس أدل علي ذلك من أنه بعد أن أنهيت خدمة السيد صفوت الشريف كوزير للإعلام، أسندت إليه رئاسة هذا المجلس بدلاً من الجلوس علي قهوة المعاشات. أما الاقتراح الذي داعب خيالي وأنا أستمع لشرح الدكتور مهندس ممدوح حمزة للأسلوب الذي سوف يتبع في اختيار أعضاء مجلس الحوار الوطني فهو لماذا لا يسند إلي هذا المجلس انتخاب مائة عضو (ليس بالضرورة أن يكونوا من بين أعضائه) لتشكل تلك المجموعة المنتخبة اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور الجديد علي أن ينضم إليه خمسة من المستشارين من رجال القضاء أقترح أسماء بعضاً منهم مثل المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض والمستشارة تهاني الجبالي القاضية بالمحكمة الدستورية العليا والمستشار جميل صبحي برسوم رئيس محكمة استئناف طنطا وعضو مجلس القضاء الأعلي الأسبق والمستشار محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق، كما ينضم إليهم خمسة من فقهاء القانون الدستوري أمثال الدكتور ثروت بدوي والدكتور إبراهيم درويش والدكتور محمد نور فرحات والدكتور حسام عيسي وكل منهم غني عن التعريف سواء بعلمه أو وطنيته، لا يخفي علي أحد قلق المصريين جميعاً من إسناد عملية اختيار اللجنة التأسيسية لإعداد الدستور القادم إلي أعضاء مجلسي الشعب والشوري اللذين سيتم انتخابهما لأننا لا نثق في أن تلك الانتخابات سوف تفرز من نثق في ائتمانهم علي مستقبل مصر ومستقبل أجيال قادمة سوي تحاسبنا علي إهمالنا وتقاعسنا في أداء تلك الأمانة الثقيلة.. إنني أتقدم بهذا الاقتراح الأخير للمجلس الأعلي للقوات المسلحة وكلي أمل أن يجد لديه أذناً صاغية فلن يجد من يسند إليه مهمة اختيار اللجنة التأسيسية للدستور أفضل من تلك النخبة الرائعة التي سمعت بتشكيلها في تلك الحلقة الحوارية المبهرة التي ضمت هاتين الشخصيتين الرائعتين.