حسن الخلق من الاعمال التى يحبها الله سبحانه وتعالى وأولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأطفال أشدّ الاهتمام، حيث بيّن دور المربي في التأثير على الطفل، فقال عليه الصلاة والسلام: (ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ على الفِطرة، فأبواهُ يُهوِّدانه أو يُنصِّرانه، أو يُمجِّسانه). ولذلك فقد كان -عليه الصلاة والسلام- يرعى الأطفال، ويُحسن إليهم، ويتفهّم حاجاتهم ونفسياتهم، ويشجّعهم على فعل الخير والتّحلي بالأخلاق الحميدة، ويشاركهم في مجالسه مع كبار الصّحابة رضي الله عنهم، ويحثّهم على حضور الجماعة؛ ليستمعوا للنّصائح والتّوجيهات، وكان يتجاوز عن الكثير من أخطائهم، ولم يكن يحقّرهم أو يعزلهم أو ينساهم. وقد شهد على ذلك أحد الأطفال الذين عاشوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أنس بن مالك رضي الله عنه، الذي خدم النّبي -عليه الصلاة والسلام- منذ هجرته إلى وفاته، حيث قال: (خَدَمْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، عشر سنين بالمدينة، وأنا غلامٌ، ليس كلُّ أمري كما يشتهي صاحبي أن أكون عليه، ما قال لي فيها: أفٍّ قطُّ، وما قال لي: لم فعلتَ هذا؟ أو أَلَا فعلتَ هذا). تعامل النبي مع ابنه إبراهيم روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّه دخل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبرفقتهم بعض الصّحابة إلى بيت أبي سيف، الذي كانت زوجته ترضع إبراهيم ابن النّبي عليه الصلاة والسلام، فقبّل ابنه إبراهيم وشمّه، وفي موقف آخر دخلوا على الرسول وابنه إبراهيم يُفارق الحياة، ففاضت عينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالدّمع، فقال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: "وأنت يا رسول الله؟"، فَقال عليه السلام: (يا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بأُخْرَى، فَقالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ). تعامل النبي مع أحفاده لمّا تُوفيّت زينب رضي الله عنها بنت الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، وبقيت ابنتها الصغيرة أمامة بنت أبي العاص يتيمة الأم، فأشفق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يأخذها معه إلى المسجد في بعض الأحيان، ويحملها وهو في الصلاة، وعندما يسجد يضعها على الأرض، ثمّ يحملها على كتفه عندما يقوم، وروى عبد الله بن شداد عن أبيه أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صحب أحد حفيديه الحسن أو الحسين إلى المسجد في أحدى الصّلوات، فوضعه على الأرض، وكبّر للصلاة، ولمّا سجد أطال السّجود، فرفع شداد رأسه فوجد الطّفل على ظهر النّبي -عليه الصلاة والسلام- وهو ساجدٌ، فعاد وأكمل سجوده، ولمّا انتهت الصّلاة قال الناس: (يا رسول الله، إنك سجدت بين ظهرني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه يوحى إليك؟ فقال عليه الصلاة والسلام: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته).