"لقد تحدث مثل القذافي" هكذا عنوَنت صحيفة "ميلييت" اليومية التركية الأربعاء الماضي تقريرها حول أول خطاب للرئيس السوري بشار الأسد عقب اندلاع الاضطرابات في بلاده. وتشاركت الصحيفة، وفق موقع "دويتشه فيله" الألماني، مع عدد كبير من وسائل الإعلام في وسط أوروبا في إبداء خيبة أملها من تصريحات الرئيس السوري. على عكس أوروبا تتابع أنقرة تطورات سوريا بانتباه كبير. وذكّر رئيس الحكومة التركية رجب طيّب اردوغان بأنه كرر مرارا "أمله في تعامل قيادة سوريا إيجابيا وإصلاحيا مع المطالب المشروعة للناس".. حينها "يصبح بالإمكان حل مشاكل سوريا بصورة سهلة". وتحدث عن رغبة بلاده في أن لا يحدث في سوريا ما يحدث في ليبيا، "وإلا فإن تركيا ستشعر بالقلق". وقال أردوغان: "لا يمكن أن نغلق أعيننا، فتركيا لم تتقارب سريعا مع أي بلد كما فعلت مع جارتها سوريا". وبعد أن كان البلدان في حالة عداوة، تمّ إلغاء تصريحات المرور بينهما وهما يبحثان إقامة منطقة تجارية حرة مع لبنان والأردن، كما أجريا الربيع الماضي مناورة عسكرية مشتركة أغاظت إسرائيل. وكشف أردوغان عن أنه تحادث مرتين هاتفيا مع الأسد، كما أرسلت حكومته رئيس الاستخبارات إلى دمشق. وأضاف: "لا يوجد أكثر من 800 كلم حدود مشتركة بيننا فقط، بل وعلاقات عائلية مشتركة، لذا من غير الممكن أن نغلق أعيننا وآذاننا عما يجري من تطورات هناك". ونفى أردوغان نصيحته لصديقه بشار بالتنحي كما فعل قبل أسابيع مع حسني مبارك، ولذا تتهم المعارضة التركية حكومتها بمراعاة الحكام المستبدين في سوريا حفاظا على العلاقات التجارية معهم. لكن التجارة المزدهرة بين البلدين ليست وحدها التي تدفع بأردوغان للتردد، وإنما أيضا التركيبة السياسية الداخلية لسوريا التي تحكمها أقلية مسلمة علوية تشكل 10 % من سكانها. أما أغلبية الشعب التي تشعر بقبضة الأسد الضاربة فهي سنّية مثل سنّة تركيا، التي أيضا لديها أقلية علوية فاعلة. "هذه مشكلة لأنقرة "، يقول عثمان باهادر دينشر من مركز الدراسات الإستراتيجية القومية في تركيا، الذي يضيف أنه في حال اندلاع اضطرابات في سوريا تشبه الحرب الأهلية "فإلى جانب من سنقف، الصديق الأسد أم الشعب؟". وتابع أن تركيا تريد تفادي حصول مثل هذا الأمر، وتعمل لذلك منذ سنوات خلف أبواب مغلقة".