يحتفل العالم في الثامن عشر من مايو من كل عام باليوم العالمي للمتاحف، الذي أقره المجلس الدولي للمتاحف، وهي مناسبة تتيح للعاملين في المتاحف التواصل مع الجمهور العريض من أجل تعميق الوعي بأهمية المتاحف ودورها في التنمية المجتمعية والتبادل الثقافي بين الشعوب. تجدد الإيسيسكو، في الظروف الاستثنائية الحالية، دعوتها إلى إتاحة الثقافة للجميع دون استثناء أو تمييز وتقريب مناهلها للعموم في مختلف دول العالم. وهو مطلب يكتسب حاليًا زخمًا متجددًا وفرصًا أوسع للتحقق، إذا ما تم استثمار الجوانب الإيجابية للواقع الجديد، خصوصًا الآليات المبتكرة للعمل والإنتاج عن بعد والبدائل الرقمية والافتراضية عن الأنشطة الثقافية الحضورية. سارعت الإيسيسكو إلى تبني هذا التوجه وإعماله منذ الأيام الأولى لإقرار إجراءات الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، فكانت مِن أوائل المنظمات الدولية التي أطلقت ضمن "بيتها الرقمي" عددًا من المبادرات الرقمية في مجالات اختصاصها من بينها مبادرتها الثقافية المتكاملة "الثقافة عن بعد" التي تأتي إسهامًا في معالجة إشكالية "الفاقد الثقافي" التي تفاقمت في مختلف دول العالم منذ شهر مارس الماضي. كما كانت الإيسيسكو سباقة إلى تنظيم دورات عن بُعد وإطلاق فيديوهات تعريفية وتكوينية في مجال التراث عبر منصاتها الإلكترونية، فشكلت كبسولاتها التعريفية الخاصة بتأهيل العاملين في المتاحف على الإدارة المتحفية وأمن المتاحف باكورة ما أطلقته في مبادراتها "الثقافة عن بعد" لتكون متاحة لجميع الشعوب في الدول الأعضاء وخارجها. وتأكيداً للاهتمام الذي توليه الإيسيسكو للمتاحف، أنشأت قسمًا خاصًا بالمتاحف والتراث المنقول، ضمن مركزها للتراث في العالم الإسلامي الذي تم إنشاؤه هذا العام، لينهض بتقديم الدعم الفني والتقني للمتاحف في العالم الإسلامي، ويسهم في تأهيل العاملين فيها وفي بناء القدرات الوطنية في مجال تدبير وإدارة المجموعات المتحفية والمتاحف وتوسعة نطاق الاستفادة منها في مجالات التنمية المستدامة الثقافية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية كافة. وفي هذا السياق، خصصت المنظمة أسبوعًا سنويًا للمتاحف في العالم الإسلامي يبدأ من يوم 25 سبتمبر، الذي يوافق يوم التراث في العالم الإسلامي، وتقام فيه فعاليات متنوعة ومؤتمرات لتدارس وتبادل الخبرات بشأن الإدارة المتحفية في العالم الإسلامي ووسائل العرض واستخدام التقنيات الحديثة في المتاحف. وفي ظل استمرار إجراءات الإغلاق، بادر عدد من المتاحف إلى إطلاق منصات رقمية تتيح للعموم زياراتٍ افتراضية لبعض محتوياتها. وهي مبادرات تشيد بها الإيسيسكو وتدعو إلى تعزيزها من خلال الاستعانة بالتقنيات الحديثة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما تدعو إلى وضع جميع السيناريوهات الممكنة في الفترة القريبة المقبلة لإدارة المتاحف ومحتوياتها والموارد البشرية فيها، وصياغة استراتيجيات استشرافية لمستقبل العمل المتحفي والتراثي بعد هذه الأزمة. وعلى نهْج المقاصد النبيلة "للتحالف الإنساني الشامل" الذي أطلقته الإيسيسكو أخيرًا لإرساء مقاربة إنسانية عالمية في مواجهة الأزمات والأوضاع الطارئة، تجدد المنظمة دعوتها إلى وزارات الثقافة في الدول الأعضاء وخارجها وإلى المنظمات الدولية العاملة في مجال المتاحف وإلى المتاحف الوطنية والعالمية الكبرى إلى تطوير العمل المتحفي وإتاحة المحتويات عبر منصاتها الرقمية لنشر الوعي بقيمة المتاحف ودورها الفاعل في تنمية المجتمعات وبناء التعارف والتقارب الإنسانيين ونشر السلام في العالم أجمع.