نعمة الأمن| أكاديمية الشرطة.. عرين الأبطال    تطبيق لائحة الانضباط يواجه مخاوف التسرب من التعليم.. أزمة فصل الطلاب بعد تجاوز نسب الغياب    استديوهات الدراما.. كامل العدد    60 دقيقة تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. السبت 25 أكتوبر 2025    أسعار الأسماك والخضروات اليوم السبت 25 أكتوبر 2025    أوكرانيا.. اندلاع حريق شرق كييف جراء هجوم صاروخي روسي    محادثات تجارية جديدة بين الصين والولايات المتحدة في كوالالمبور    الصين تعتمد يوم 25 أكتوبر ذكرى وطنية لاستعادة تايوان    روته: قرار صواريخ توماهوك بيد الولايات المتحدة وحدها    شيكو بانزا يدعم محمد السيد بعد هجوم جماهير الزمالك ضده    إصطدام باخرة سياحية بكوبري كلابشة دون إصابات أو خسائر بشرية    ب12 سيارة إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع ملابس بالقليوبية| صور    «بوابة أخبار اليوم» تكشف حقيقة تداول صور لثعبان الكوبرا بالغربية| صور    دموع في أول أفلام «الجونة 8»    أحمد فؤاد مخرج «دايبين في صوت الست»: «أم كلثوم» مغامرة ذكية وتحد كبير| حوار    خمسة مسلسلات في عام.. محمد فراج نجم دراما 2025    «الأزهر العالمي للفتوى» يرد| قطع صلة الرحم.. من الكبائر    الإفتاء تُجيب| تحديد نوع الجنين.. حلال أم حرام؟    الإفتاء تُجيب| «المراهنات».. قمار مُحرم    لماذا تتزايد حالات النوبات القلبية بين الشباب؟    ماذا تفعل لو سافرت إلى بلدة لا تتحدث لغتهم؟.. طرق ذكية للتواصل و10 كلمات لابد أن تعرفها    جماهير ليفربول تدعم صلاح بأرقامه القياسية أمام الانتقادات    ميلان ينجو من فخ بيزا في الدوري الإيطالي    أنا بخير والحمد لله.. أول تعليق من مؤمن سليمان بعد شائعة وفاته أثر أزمة قلبية    عمرو أديب ساخرًا من شائعات انتقال محمد صلاح للأهلي: هنعمله الكرة الذهبية في الموسكي ولا في الصاغة؟    "أسير لن يخرج إلا ميتًا".. الدويري يكشف عن لقاءه مع رئيس "الشاباك" في تل أبيب    جيش الاحتلال يتوغل داخل قرية في القنيطرة السورية ب5 آليات عسكرية    عبد الحميد كمال يكتب: بطولة خالدة.. المقاومة الشعبية فى السويس تنتصر على القوات الإسرائيلية    وفاة طفل بسقوط جدار في حي الزهور بالخارجة    أسهل وصفة للتومية في البيت.. سر القوام المثالي بدون بيض (الطريقة والخطوات)    فضائح التسريبات ل"خيري رمضان" و"غطاس" .. ومراقبون: يربطهم الهجوم على حماس والخضوع للمال الإماراتي ..    أصعب 5 ساعات.. تحذير شديد بشأن حالة الطقس اليوم: «توخوا الحذر»    ضاعت في الزبالة.. قصة استعادة مصوغات ذهبية بنصف مليون جنيه ب البحيرة    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه والعملات الأخرى ببداية الأسبوع السبت 25 أكتوبر 2025    كونسيساو ينتقد لاعبي «النمور» بعد الهزيمة أمام الهلال.. ويعلق على عدم مصافحة «إنزاجي»    إنزاجي يشيد بلاعبى الهلال بعد الفوز على اتحاد جدة    «الكورة بتتقطع منه».. محمد فضل يفتح النار على نجم الزمالك    نقيب أطباء الغربية ينعي نجلته بكلمات تدمي القلوب    «حرام عليك يا عمو».. تفاصيل طعن طالب في فيصل أثناء محاولته إنقاذ صديقه    «زى النهارده».. وفاة الكاتب المسرحي محمود دياب 25 أكتوبر 1983    أغرب 6 إطلالات للرجال في مهرجان الجونة السينمائي: «بنطلون شفاف ودبدوب» (صور)    قيادي بحركة فتح: واشنطن تربط إعادة إعمار غزة بنزع سلاح المقاومة    «زي النهارده».. «الكاميكازي» يضرب الأسطول الأمريكي 25 أكتوبر 1944    الرقابة المالية تستعرض مزايا منتجات جديدة تعتزم إتاحتها للمستثمرين في البورصة قريباً    ننشر معايير اعتماد مؤسسات وبرامج التعليم الفنى «إتقان»    إطلاق سيارات فولكس فاجن تايرون لأول مرة في مصر.. أسعار ومواصفات    الأهلي يسعى لتأمين تأهله لمجموعات دوري أبطال إفريقيا أمام إيجل نوار    أسعار القهوة الأمريكية ترتفع بشكل حاد بسبب الرسوم الجمركية والطقس السيئ    النائب العام يلتقي قضاة مصر العاملين بدولة الإمارات| صور    عاجل | تعرف على أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم الجمعة    بمشاركة 150 طالبًا.. جامعة قناة السويس تطلق معسكر صقل وتنمية مهارات الجوالة الجدد    "الجبهة الوطنية" يكلف "الطويقي" قائما بأعمال أمين الحزب بسوهاج    26 أكتوبر، جامعة أسيوط تنظم يوما علميا عن الوقاية من الجلطات    لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت.. أزهرى يجيب عن حكم قبول الهدايا.. فيديو    البابا تواضروس أمام ممثلي 100 دولة: مصر احتضنت الإيمان المسيحي منذ فجر التاريخ    مؤتمر حميات الفيوم يناقش الجديد في علاج الإيدز وفيروسات الكبد ب 12 بحثا    وزارة الصحة تعلن محاور المؤتمر العالمي للسكان والتنمية البشرية    عالم أزهري: أكثر اسمين من أسماء الله الحسنى تكرارًا في القرآن هما الرحمن والرحيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوراق مسافرة
الأسطر الأخيرة من رحلة لن تنسى
نشر في الوفد يوم 31 - 10 - 2012

أعود إليكم بعد استراحة العيد بالأسطر الأخيرة من رحلتى على طريق الموت من هولندا برا إلى سراييفو، برفقة حملة إنسانية أوروبية لتقديم معونات للمسلمين فى البوسنة والهرسك، هؤلاء الذين تعرضوا لمذابح بشعة على أيدى الصرب فى الحرب الأهلية بمساعدة الكروات،
وعندما ذهبت المعونات الى غير هدفها للكنائس الكرواتية على الحدود بزعم صعوبة ايصالها للمسلمين، انفصلت بغضبى عن الحملة برفقة زميلى سعيد السبكى، ودخلنا سراييفو بمساعدة مكتب الاغاثة الاسلامية، لتغطية انباء الحرب من ارض الواقع كأول صحفيين عربيين، تنقلنا فى شوارع سراييفو تحت قصف النيران الصربية وخطر الموت وقد تحولت سراييفو الخضراء لمدينة اشباح لفرار معظم اهلها، رأينا جثث المسلمين فى الشوارع وتحت الانقاض، سجلنا بالكاميرا لقطات العذاب، وزرنا مخيم اللاجئين «سيبرنيسكا» ورصدنا المآسى الانسانية من اغتصاب الاطفال والنساء المسلمات بصورة جماعية على ايدى ميليشيات الصرب، قصص لا ينساها التاريخ ولا ذاكرتنا، وستظل وصمة عار عالقة فى ضمير العالم الغربى وايضا الإسلامى الذى لم يتدخل لايقافها فى حينها.
قضينا ليلة مظلمة بفيللا مهجورة فى حى صربى لانعدام اماكن الاقامة، عايشنا ساعات الرعب عندما اكتشفت وجودنا بالفيللا سيدة صربية، واثناء مغادرتنا المكان قبل ان يتسرب خبرنا لميليشيات الصرب، فوجئنا بصوت سيارة يفرمل بقوة خلفنا ونحن على الطريق، توقفت نبضات قلوبنا لحظات، وحين التفتنا خلفنا ونحن نتصور ان سلاحا ناريا مصوب الينا، فوجئنا بوجوه احببناها وكانت مبعث امننا فى تلك الرحلة غير المتوقعة، الشاب البوسنى آدم وزوجته صوفيا، رفيقينا من مكتب الاغاثة الاسلامية، تنفسنا الصعداء، وانطلقت بنا السيارة لتشق طريقها الى مخيمات اخرى للاجئين لرصد المزيد من الوقائع، كنا فى صراع مع الزمن من اجل ارسال الصور والتحقيقات الصحفية الى جريدة «الوفد» بالقاهرة حيث كانت بالمنيرة، فقد كانت مكاتب البريد بسراييفو شبه معطلة، ولم يكن وقتها عام 93 قد عرف الانترنت والبريد الالكترونى على نطاق واسع كما هو الان، وساعدنا مكتب الاغاثة فى ارسال الرسائل عبر اعوان له خارج سراييفو الى «الوفد» والى مجلة الشرق الاوسط التى كانت تصدر فى لندن، وكان يرأس تحريرها الاستاذة فوزية سلامة، وكان شهادتنا الصحفية حول تلك الحرب الاولى من نوعها عربيا، غير ان شعورنا بالسبق الصحفى توارى تماما مع شعورنا بحجم مأساة المسلمين، وبالعجز الإسلامى عن ايقاف ما يحدث، وعندما انهينا مهمتنا الصحفية بعد يومين كان علينا المغادرة، وكانت لحظة فراق صعبة لرفيقينا آدم وصوفيا، أهديت صوفيا سلسلة رقيقة من الذهب تحمل اية الكرسى، كانت هدية من والدتى، قلت لها بثقة انها ستنجو، وستنتهى الحرب، وسأراها مجددا، وستجمعنا آية الكرسى، واوصتنا بدموعها ان ننشر للعالم قصة المسلمين فى البوسنة والهرسك، ووعدناها، ونفذنا، وخرجت صفحات «الوفد» ومجلة الشرق الاوسط بسلسلة من التحقيقات الحية من ارض الحرب والمأساة.
قبل الوصول لحدود كرواتيا قاصدين العودة لهولندا، استوقفتنا نقطة التفتيش، اكتشفنا لحظتها فقط اننا لا نحمل جوازات سفرنا طيلة هذا الوقت انا وزميلى، واننا نسيناها مع مسئول الحملة الانسانية فى كرواتيا، وانقذتنا من عملية اعتقال محتملة بطاقتنا الصحفية الدولية، واضطررنا بعدها للعودة الى الفندق الذى تركنا به الحملة، املا ان يكونوا قد تركوا لنا الجوازات، وحين وصلنا الفندق فوجئنا بجميع افراد الحملة لم يغادروا، بل بقوا فى انتظارنا وقد عصف بهم القلق اعتقادا اننا قتلنا، وكانوا ينتظرون اى خبر عنا من مكتب الصليب الاحمر، وقبل ان يستمعوا لما رأيناه كشهود عيان، كانوا يعيدون حقائبهم الى الحافلة لتعود الى هولندا، بين جبال النمسا الخضراء وابنية المانيا من التراث العتيق تلك التى توقفنا بها فى طريق عودتنا لهولندا، كنا نحكى لهم ما رأيناه كشهود عيان من جرائم بشعة فى حق المسلمين، كان بعضهم يسمعنا غير مصدق، واخرون سدوا اذانهم بسماعات تصدح باغانى مايكل جاكسون ومادونا، عدنا لهولندا لنكتب المزيد وكنا نبكى كلما استغرق القلم فى سجل ذاكرتنا.
حين مر اكثر من 6 اشهر على تلك الرحلة، انجبت طفلى الذى شاركنى جنينا رحلة الموت، فاسميته باسل، حكيت له كثيرا سر اسمه، وها انذا احكى مجددا قصة شعب و جريمة، جريمة عاصرت فيما بعد محاكمة مرتكبيها امام محكمة جرائم حرب يوغوسلافيا فى لاهاى بهولندا، وعلى رأسهم رئيس الصرب سلوبودان ميلوسوفيتش، زعيم صرب البوسنة رادوفان كاردزيتش ولا يزال يحاكم حتى الان، والقائد العسكرى راتيكو ميلاديتش، وكثير من المجرمين فروا بجرائمهم، لكنهم لن يفروا ابدا من ذاكرة التاريخ ولا من عقاب السماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.