وقف الفريق الرئاسي المعاون للرئيس مرسي عائقاً أمام الوصول إلي حلول للعديد من الأزمات التي عاشتها مصر طوال الفترات السابقة، بل إنهم في كثير من الأحيان صنعوا دون قصد مطبات في طريق الرئيس نتيجة ضعف خبرتهم السياسية وعدم وضوح رؤية العمل لهم. ففي 27 أغسطس الماضي وقف الدكتور ياسر علي - المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية - ليعلن أسماء الفريق الرئاسي المكون من 17 مستشاراً وأربعة مساعدين للرئيس بعد ولادة متعثرة استقر خلالها الرئيس علي أسماء معاونيه التي كان للإسلاميين نصيب الأسد فيها بحصولهم علي 11 منصباً من جملة 21 هم عدد أعضاء الفريق الرئاسي. ضم الفريق الرئاسي المعاون للرئيس كلا من: عصام الحداد عضو مكتب الإرشاد ويعمل مستشار الرئيس للعلاقات الخارجية، والدكتور محيي حامد ربيع عضو مكتب الإرشاد، والمهندس يحيي القزاز القيادي بالجماعة، بالإضافة إلي الدكتورة أمينة كامل «أمينة المرأة بحزب الحرية والعدالة»، والدكتور عصام العريان القائم بأعمال رئيس الحزب، والدكتور رفيق حبيب نائب رئيس الحزب وكلهم مستشارون للرئيس. وكان للتيار السلفي نصيب كبير من الفريق الرئاسي المعاون وضم الدكتور عماد عبدالغفور رئيس الحزب كمساعد للرئيس لملف التواصل الاجتماعي وكلا من الدكتور خالد علم الدين والدكتور بسام الزرقا، أمين عام حزب النور. ومنذ تعيين الفريق الرئاسي المعاون للرئيس فجروا العديد من الأزمات السياسية ولم يقدموا حلولاً كافية، بل ورطوا الرئيس في العديد من المواقف، آخرها أزمة النائب العام، حينما خرج مدير مكتب الرئيس الدكتور أحمد عبدالعاطي ليعلن خبر إقالة النائب العام، وهو ما قلب موازين القضية لصالح الدكتور عبدالمجيد محمود، وخرج منها بطلاً شعبياً بعد أن كانت المظاهرات الغاضبة تهتف بسقوطه وتطالب بإقالته. أزمة النائب العام لم تكن الأولي، وربما لن تكون الأخيرة، فقبل ذلك كان هناك أزمات أخري ورط فيها المستشارون الرئيس، وكانت بدايتها مع قرار عودة البرلمان الصادر في 8 يوليو الماضي، وهو القرار الذي ألغته المحكمة الدستورية العليا بعد ذلك لمخالفته القواعد الدستورية. وصحيح أن تشكيل الفريق الرئاسي لم يكن قد صدر بشكل رسمي، لكن مستشاريه من الإسلاميين كانوا بجواره في تلك المرحلة وهم من قدموا الدعم القانوني للرئيس الذي ثبت عدم صحته بعد ذلك، حتي إن مؤسسة الرئاسة التي أعلنت عن عودة البرلمان تراجعت بعد ذلك وأعلنت عن موعد لإجراء الانتخابات في الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره الرئيس بعد الاستفتاء علي الدستور بشهرين، وأكد علي ذلك نائب الرئيس المستشار محمود مكي في لقاء مع عدد من القوي السياسية. أيضاً مستشار الرئيس محمد سيف الدولة كان قد خرج بتصريحات تطالب بإعادة تغيير كامب ديفيد، ودعا إلي تدشين حملة شعبية وفتح حوار مجتمعي لإعادة تغيير كامب ديفيد، وهو ما سبب حرجاً لمؤسسة الرئاسة التي نفت نيتها في تغيير معاهدة السلام وأكدت علي التزامها بكافة الاتفاقيات والمعاهدات السابقة. الدكتور سيف عبدالفتاح مستشار الرئيس أيضاً كتب علي حسابه الشخصي علي موقع الفيس بوك بأن هناك مقترحاً لتدخل عسكري في سوريا من خلال قوات عربية.. وهي التصريحات التي أحرجت الرئاسة بشدة، ودفعت المتحدث الرسمي الدكتور ياسر علي إلي الخروج بتصريحات تنفي تلك الأخبار، وتؤكد أن تصريحات أعضاء الهيئة الاستشارية تعبر عن رأيهم فقط وأن التصريحات الرسمية تخرج من الرئيس ونائبه فقط. الأزمة الأخيرة كان بطلها النائب العام، حيث تضاربت مواقف الرئاسة في تلك الأزمة، فالدكتور أحمد عبدالعاطي خرج ليعلن خبر إقالة النائب العام وتعيينه سفيراً في الفاتيكان، ثم عادت الرئاسة لتعلن أن «عبدالمجيد» استقال.. وفي نهاية الأزمة وبعد انتصار عبدالمجيد ولقاء الرئيس مرسي والتراجع عن القرار خرج نائب الرئيس ليؤكد أنه لا استقالة ولا إقالة والأزمة سببها الإعلام. لكن مستشاري مرسي مثلما ورطوه في العديد من القضايا، إلا انهم حققوا نجاحاً واحداً فقط علي المستوي الداخلي انحصر في مخطط إبعاد قيادات المجلس العسكري السابق عن الحكم وقرارات تقاعد المشير طنطاوي والفريق سامي عنان وعدد من قيادات المجلس العسكري. وعلي المستوي الخارجي - بحسب الخبراء والمتخصصين - حقق مستشارو الرئيس نجاحات عديدة فيما يخص الانفتاح علي العديد من الدول واتباع سياسات جديدة، ولكنها أيضاً ظلت تحركات تحكمها الإرادة الأمريكية. وجيه شكري - القيادي بحزب التحالف الشعبي الاشتراكي - قال: إن مستشاري الرئيس ورطوه في العديد من القرارات وكان آخرها قرار إقالة النائب العام ومن قبلها قرار عودة مجلس الشعب، الذي تراجع فيه أيضاً نتيجة مخالفته للقانون، بالإضافة إلي الجمعية التأسيسية التي قال الرئيس إنه سيعيد تشكيلها لو تولي الرئاسة، ولكن مستشاريه من الإخوان قدموا له نصائح بعدم تغييرها واستمرار الجمعية الحالية في عملها. وأضاف أن مستشاري الرئيس يحاولون إفشاله ويعوقون طريقه في التقدم وهناك مستشارون يعملون ينكرون معرفتهم بأي قرارات قد تصدر من الرئيس. وأشار إلي أن قيادات في حزب «الحرية والعدالة» يمارسون أدوار مستشاري الرئيس رغم أنه ليس لهم أي دور معلن مثل الدكتور محمد البلتاجي، ومن الواضح أن الرئيس لا يعتمد علي مستشاريه ولا مساعديه، وإنما يعتمد علي «الحرية والعدالة». وأكد «شكري» أن مستشاري الرئيس ليس لديهم خبرة سياسية ولا حس سياسي والموقف الأخير ضد المستشار عبدالمجيد محمود أثبت ذلك، فالقرارات التي يصدرها الرئيس يناقشها مكتب الإرشاد ومجلس شوري الجماعة وليس للمستشارين أي صلة بهم اللهم إلا مستشاريه من الإسلاميين فقط. ويري أحمد بهاء شعبان - وكيل مؤسس الحزب الشعبي - أن الفريق الرئاسي ورط «مرسي» في العديد من القرارات، والأزمة الحقيقية أن عدداً كبيراً ممن اختارهم مرسي مستشارين لا يملكون الخبرة والكفاءة لأداء هذا الدور وقد يكونون جيدين في مجالات أخري، ولكن ليس لديهم حس سياسي وخبرة كافية لممارسة مهمة المستشارين، وتلك نقطة الضعف الرئيسية في الرئيس مرسي، فخبرات الفريق الرئاسي محدوده ولهم فتاوي خطيرة في الشأن العام. وأضاف أن مستشاري الرئيس الحقيقيين الذين يسيطرون علي الهيئة الاستشارية معظمهم من مكتب الإرشاد وهم لا يجيدون فن إدارة الدولة وليس لديهم وعي بالشخصية المصرية، فهم يتعاملون علي أن الشعب المصري كله أصبح جماعة الإخوان المسلمين وهذا خطأ. وقال: إن الهيئة الاستشارية لا تصلح للعمل ويكفي الكوارث التي تسببوا فيها الآن، ولكن للأسف الشديد سيظل الرئيس يعتمد عليهم ويستمد منهم مشورته لأنه حتي الآن لم يتخذ موقفاً بعيداً عن مكتب الإرشاد ولا المرشد العام، كما أن الهيئة الاستشارية من الإخوان يستمدون أفكارهم من مكتب الإرشاد أيضاً. ويواصل: حان الوقت الآن للتخلص من الهيئة الاستشارية الحالية، فالرئيس سيكتشف علي مدار الأشهر القادمة أن من مصلحته التخلص منهم وإقالتهم لتقليل حجم الخسائر، خاصة أن استمرار هذا الوضع يؤدي إلي تآكل صورته وانهيار شديد في شعبيته. وقال الدكتور رفعت السعيد، رئيس حزب التجمع: إن الرئيس لديه طقم من المستشارين عبارة عن ديكور فقط وهم مجموعة من أبناء الدرجة العاشرة من الإخوان، بالإضافة إلي بعض المستشارين الذين يطمئن إليهم الرئيس للإيحاء بأنه لا يوجد استحواذ علي السلطة، وهؤلاء لا وظيفة محددة لهم ولا لديهم أي مهام، بل إن الرئيس يعتمد علي مجموعة من المستشارين غير المعلنين اختارهم مكتب الإرشاد ليكونوا بجوار الرئيس. وأشار إلي أن الهيئة الاستشارية كانت وسيلة لترضية بعض القوي السياسية التي كانت مؤيدة للجماعة وتخلت عنها بعد ذلك، والمستشار يعلم بشكل عام حدود المشكلة وطريقة الحل، ولكن مجموعة ال 17 غير موجودة حول الرئيس. وقال: إن بعض المستشارين يسعون إلي رضا الرئيس فيتطوعون لإصدار تصريحات، ولكن يثبت عدم صحتها فيما بعد، وأزمة النائب العام الأخيرة خير دليل. وأكد إبراهيم زهران - رئيس حزب التحرير الصوفي - أن إمكانيات الفريق الرئاسي محدودة للغاية ولديهم تصور أنهم يتصرفون في البلاد كما يشاءون ويشعرون أنهم فوق القانون، والنتيجة توريط الرئاسة في العديد من التصريحات فهم لا يمارسون العمل السياسي وليس لديهم خبرة، والأفضل أن يتم تغييرهم والاستعانة بشخصيات أخري، والقضية ليست بحجم المستشارين ولكنها بقدرتهم علي إنجاز الملفات المطلوبة منهم.