فاروق الفيشاوى حكاية 4200 عاما من الإبداع

.. ورحل الفنان الشهم

فقدت مصر والعالم العربى فنانا من العيار الثقيل جداً فاروق الفيشاوى، جان السينما المصرية على مدى عدة عقود من الزمان كان بحق فنانا متعدد المواهب تفوق على نفسه فى تجسيد شخصيات متنوعة، الشاب الرمانسى، الضابط الشرير، المحامى الطبيب، وحتى شخصية الملك فاروق.
مشواره الفنى امتد على مدى «42» عاماً حيث كانت بدايته الحقيقية فى مسلسل «لا أنام» فى رمضان 1977 مع نورا، حيث جسد شخصية رشدى أباظة فى الفيلم ورغم أن المسلسل لم يحقق نجاحاً لكن فاروق الفيشاوى جذب الأنظار.
بداية نجوميته الحقيقية كانت 1979 حين جسد شخصية الدكتور ماجد فى مسلسل «أبنائى الأعزاء شكراً» وحقق المسلسل نجاحاً هائلاً.
وتكرر النجاح فى مسلسل «صيام صيام» 1980 وفى نفس العام بدأ مشوار النجومية فى عالم السينما حينما شارك فى دور رئيسى فى فيلم «الباطنية» مع نادية الجندى ومحمود ياسين ومن قبله «غاوى مشاكل» مع عادل إمام، ليكون هذا الفيلم بداية لانطلاق فاروق الفيشاوى الذى أبدع فى حقبة الثمانينيات عشرات الأفلام الناجحة.. تنوع هائل فى الشخصيات منها أفلام «بحبها كده» «تجيلها كده تجيلها كده هى كده» وهو فليم كوميدى، و«درب الهوى» حيث جسد شخصية منحرفة و«المشبوه» مع سعاد حسنى وعادل إمام و«الأستاذ يعرف أكثر» و«المرأة الحديدية» مع نجلاء فتحى و«وحوش الميناء» مع فريد شوقى و«لا تسألنى من أنا» مع الراحلة شادية والنجمة يسرا و«الإرهاب» مع نادية الجندى وصلاح قابيل فى مطلع التسعينيات. ولا ننسى دور الضابط فى الفيلم الشهير «حنفى الأبهة» مع عادل إمام، الذى جمع فيه بين شخصية الضابط والزوج الرومانسى، ولا ننسى «نأسف لهذا الخطأ» و«الفضيحة» و«البنات والمجهول» ولا ننسى تجسيده باقتدار لشخصية الملك فاروق فى فيلم «امرأة هزت عرش مصر» مع نادية الجندى.
وواصل التألق فى حقبة التسعينيات فى أفلام «شفاه غليظة» مع سهير رمزى و«ليه يا بنفسج» و«تحقيق مع مواطنة» و«جبروت امرأة» و«العبقرى والحب» و«ديك البرابر» و«الجراج»، كما أبدع فى فيلم «فتاة من إسرائيل» و«السكاكينى» و«الأنثى» و«الخادم».
قام فاروق الفيشاوى ببطولة عدد من المسلسلات الناجحة نذكر منها «غوايش» مع صفاء أبوالسعود، فضلاً عن «أبنائى الأعزاء شكراً» و«صيام صيام». و«الحاوى» و«قاتل بلا أجر» مع حسين فهمى و«سامحونى ماكانش قصدى» و«عوالم خفية» وهو آخر عمل ظهر فيه مع عادل إمام، كما قام ببطولة عدد قليل من المسرحيات منها «البرنسيسة» مع ليلى علوى و«بداية ونهاية» و«الأيدى الناعمة» و«اعقل يا دكتور». فى الصيف الماضى ومن خلال مهرجان الاسكندرية السينمائى الذى تم فيه تكريم الفنان الراحل وأعلن فاروق الفيشاوى إصابته بمرض السرطان وأكد انه سيتحدى هذا المرض اللعين، ولكن لم يمهله القدر ليرحل وسط دموع الملايين على فنان أعطى الكثير للسينما، على مدى أكثر من «40» عاما وهو بلا شك أحد أبرز نجوم السينما فى العقود الأخيرة.
كان يعرف عن الفنان الرحل انه كان شهماً لأقصى مدى وكان بحق موضع حب وتقدير زملائه وزميلاته فى الوسط الفنى سواء الكبار أو الصغار. رحم الله الفنان فاروق الفيشاوى وأعماله ستجعل ذكراه خالدة فى وجدان الملايين.
حكايته مع المرض
فاروق الفيشاوى علم باصابته بالسرطان منذ أقل من عام بعد أن أخطره طبيبه المعالج بهذا المرض، أثناء إجرائه بعض التحاليل الطبية، للاطمئنان على صحته. تلقى الفيشاوى الصدمة ولكنه صمد أمامها حتى جاء موعد تكريمه العام الماضى بمهرجان الاسكندرية السنيمائى الدولى لدول البحر الأبيض المتوسط فى دورته الماضية خلال شهر أكتوبر الماضى ليعلن على مسرح مكتبة الاسكندرية بعد تسلمه الجائزة عن مرضه هذا الذى صدم الجميع، وجعل الكثيرين من زملائه يبكون ويتعاطفون معه بشكل كبير، وفى اليوم الثانى من فعاليات
المهرجان، وخلال ندوة تكريمه حكى النجوم المتواجدون عن حكاياتهم مع الفيشاوى، وكان منهم النجوم إلهام شاهين ووفاء عامر وأحمد عبدالعزيز وكمال ابورية والمخرجون عمر عبدالعزيز وداود عبدالسيد ومحمد عبدالعزيز ومجدى احمد على واشرف فايق وهانى لاشين وعادل أديب وهانى اسماعيل واحمد عاطف والمنتجان محمد العدل ومحسن علم الدين.
آخر ظهور
فاروق الفيشاوى رغم متاعب المرض، الا انه كان حريصاً على ممارسة حياته بشكل طبيعى، فكان يحضر جلساته مع زملائه المقربين وفى مقدمتهم المخرج عمر عبدالعزيز والفنان كمال أبورية، فضلاً عن حرصه الشديد على حضور المناسبات العامة والخاصة لكل المقربين منه وكان اخر ظهور له فى عزاء الفنان الكبير الرحل عزت أبوعوف منذ أيام.
أعمال لم تكتمل
المخرج عمر عبدالعزيز كان يعد لفيلم جديد بعنوان «شاى بالقرنفل» حاول ان يجمع من خلاله النجمين الكبيرين يحيى الفخرانى وفاروق الفيشاوى حتى فوجئ بمرض الفيشاوى وتقديراً لحالته قرر تأجيله عدة أسابيع حتى جاء عبدالعزيز فى شهر نوفمبر الماضى وعاد للتحضيرات مرة أخرى لكن جاءت فترة انشغال الفنان الكبير فاروق الفيشاوى بعلاجه لتعطل التحضيرات مرة أخرى.
وبعد ان بدأ فاروق الفيشاوى يتعافى انشغل مع الفنان الكبير يحيى الفخرانى بمسرحية «الملك لير» الذى شارك فيها الفيشاوى ايضاً ليتأجل الفيلم مرة ثالثة.
«شاى بالقرنفل» قصة ابراهيم عبدالمجيد سيناريو وحوار المخرجة هالة خليل وكان متوقعاً أن يكون هذا الفيلم من الأعمال المهمة التى ستلقى اهتماماً كبيراً، لوجود نجمين كبيرين، فضلاً عن أن العمل يعيد النجم الكبير يحيى الفخرانى لشاشة السينما بعد فترة غياب طويلة.
آخر أعمال فاروق الفيشاوى السينمائية كان خلال موسم عيد الأضحى الماضى فيلم «ليلة هنا وسرور» بطولة محمد عادل امام وياسمين صبرى.
بسبب الحالة الصحية للفنان فاروق الفيشاوى لم يتمكن ايضاً من استكمال العرض المسرحى، ليستقر مخرج العرض تأمر كرم على الفنان القدير أحمد فؤاد سليم ليحل بدلاً منه.
النجوم ينعون "الجان"
ساد الوسط الفنى حالة من الحزن الشديد على رحيل الفنان فاروق الفيشاوى، نظراً لحالة القرب التى كانت تربطه بأغلب نجوم الوسط الفنى، وهو ما انعكس على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى التى تحولت الى سرادق عزاء.
قال صلاح عبدالله ناعياً فاروق الفيشاوى عبر حسابه على تويتر: «هقابلك فى العزا يا روقة زى كل المرات الأخيرة ولو ما شفتنيش هندهلك زى آخر مرة وأقولك واحشنى يا أخى ونفسي أحضنك وبرضو هتقولى مش هتجيب الشلة وتيجوا تقعدوا معايا شوية بقى، هنيجى يا فاروق هنيجى، الفاتحة والدعاء للجدع قوى قوى أبو قلب أبيض زى الفل حبيب الكل».
نعى الفنان محمد امام، على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعى الفنان الراحل وكتب «فسبحان الذى بيده ملكوت كل شىء واليه ترجعون.. البقاء لله.. حبيبى فاروق الفيشاوى».
كتبت نادية الجندى وداعاً يا صديق العمر فاروق الفيشاوى بعزى نفسى أولاً وبعزى زملاءه وأسرته ومحبيه فقدنا انسانا جميلا وفنانا من اهم نجوم مصر زميلا وصديقا عزيزا».
وأضافت «رفيق مشوارى الفنى بداية من فيلم الباطنية أول أعماله كبطل فى السينما ومن بعدها انطلق وهو اكثر فنان اشتغل معايا قدمنا سوياً «10» أفلام سينمائية من اهم افلامى وأفلامه، وكلها حققت نجاحات كبيرة
وأعلى الايرادات فى تاريخ صناعة السينما المصرية الإرهاب وشبكة الموت وملف سامية شعراوى وجبروت امرأة وامرأة هزت عرش مصر وغيرها».
واختتمت قائلة: «ربنا يصبرنى ويصبرنا على فراقه، الله يرحمه يا رب خالص التعازى لأولاده احمد وعمر ولأسرته وكل محبيه».
النجمة وفاء عامر قالت: تربطنى علاقة صداقة وأخوة ومحبة بالنجم الكبير الراحل منذ أن كنت طالبة فى أولى معهد فنون مسرحية، موضحة أن وقوفها أمامه كان بمثابة حلم كبير، وهو ما حدث خلال دراستها بأولى معهد.
وأضافت وفاء عامر انها خلال هذه الفترة قدمت معه أحد العروض المسرحية ولكن كانت هناك ممثلة كبيرة وكانت هى بطلة العمل أمام الفيشاوى، وبدأت هذه الممثلة فى اضطهادها بشكل مبالغ فيه على حد قولها.
وتابعت عامر حديثها قائلة: «ذهبت الى الأستاذ فاروق الفيشاوى وكنت وقتها فتاة ضعيفة منكسرة تبحث عن حلمها، وفوجئت بدعم غير عادى منه».
كتب أمير كرارة عبر حسابه على «أنستجرام» قائلاً: «إنا لله وانا اليه راجعون الله يرحمك يا راجل يا طيب».
نشر أحمد عبدالعزيز على الصفحات الرسمية على موقع فيس بوك صورة للفيشاوى وعلق: «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى» فاروق الفيشاوى فى ذمة الله ادعوا له بالرحمة والمغفرة.
كتبت شريهان عبر حسابها على تويتر، قائلة: بسم الله الرحمن الرحيم «يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى الى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى» صدق الله العلى العظيم فارق الحياة وفارقنا فاروق الفيشاوى مبدع مصرى عظيم.. خالص عزائى الى ابنه أحمد الفيشاوى وأم أبنائه وشريكة عمره سمية الألفى.
وتابعت «عزائى الى جميع محبيه فى مصر والعالم العربى اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم ثبته عند السؤال وأنزل على قلب أبنائه وأسرته الكريمة الصبر والسلوان وأرضهم بقضائك يا رب العالمين».
خسر معركته مع المرض
وداعاً حاوى الفن
بعد رحلة قصيرة مع مرض السرطان بالكبد، فارقنا للأبد الجان حاوى الفن الفنان فاروق الفيشاوى وودع الحياة بعد رحلة حافلة من النجاحات فى السينما والدراما والمسرح والأزمات فى الحياة. بدأت رحلة مرضه عندما أعلن عنه الفيشاوى بشجاعة أثناء تكريمه فى مهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى الاخير وعاش مرحلة المرض فى صعود وهبوط ما بين امل الشفاء وتجنب آلام المرض لكنها الدنيا التى لا تؤتمن عواقبها ورحل قبل أن يكمل الفيشاوى عامه ال70 ليصحو الوسط الفنى على فجيعة الرحيل ومرارة الفراق على محبيه.
الفيشاوى اختلفنا أو اتفقنا حول حياته التى عاشها طولا وعرضا لكن ربما يتفق الجميع على أنه فنان من طراز خاص نجح فى أن يحفر اسمه فى عالم الفن من طلته الأولى سواء فى السينما أو الدراما ولم يعتمد على وسامته فى دور الفتى الرومانسى والجان لكنه نجح فى أن يقدم نوعية فنية مختلفة الألوان والأشكال صنعها بموهبته وثقة المخرجين الذين عملوا معه وأصبح نجما كبيرا.
بدأت موهبة الفيشاوى فى حقيقتها فى عدة أعمال درامية وسينمائية مهمة فى الفن ونال بعدها شهرة كبيرة.
قدمه المخرج الكبير محمد فاضل فى مسلسل ليلة القبض على فاطمة أمام فردوس عبدالحميد عندما قدم دور شقيقها الانتهازى وسطع نجمه فى مسلسل أبنائى الأعزاء شكرا مع الراحل عبدالمنعم مدبولى وبعدها انطلقت مسيرته فى البطولة الدرامية وقدم روائع الدراما منها مسلسلات الحاوى وغوايش وعلى الزيبق. ورجل وامرأتان. والطوفان. رحلة بندق. حارة الطبلاوي. المطعم، وغيرها من الأعمال الدرامية المهمة.
وفى عالم السينما بدأت موهبة الفيشاوى النضج مبكرا عندما شارك فى افلام الكبار منها المشبوه مع عادل امام الذى قدم معه فيلم حنفى الابهة وقدم عددا من الأفلام التى سطرت موهبته باحتراف ونجاح وقدم افلاما كشفت قدرته على التنوع والاختلاف منها رحلة عمر. فتاة من إسرائيل. التحويلة. القرداتي. السكاكينى لا تسألنى من انا. وحوش المينا. الطوفان. المرأة الحديدية. ديك البرابر. وكان آخر أفلامه فى السينما فيلم ليلة هنا وسرور مع محمد عادل إمام.
وقدم الفيشاوى اشهر مسرحياته البرنسيسة مع ليلى علوى ومحمود الجندى فى التسعينيات.
حياة الفيشاوى الخاصة كانت مليئة بالمتناقضات بسبب كثرة زيجاته من ناحية واخرى بسبب آرائه فى الحياة العامة والسياسة ومشاكل ابنه احمد وقصة زواجه العرفي. لكن مع هذا لم يختلف احد على كونه فنانا متميزا وصاحب نفس طويل لكنه خسر معركة المرض واقتحم السرطان جسده وانهى مسيرته وصعد به للعالم الحقيقى اختفى الجسد لكن يبقى فنه وعطاؤه وابداع سنوات طويلة.