فى بقعة شبه قاحلة تفتقر لابسط مقومات الحياة المدنية ، يعيش سكان قرية «العراقيب» الفلسطينية شمال مدينة بئر السبع بصحراء النقب تحت شمس حارقة فى النهار برد قارس فى الليل ، يمارس سكانها البالغ عددهم 700 نسمة حياة بدائية داخل بيوت صنعوها بايديهم من الصفيح او الخيام ، يعد رعى الاغنام مصدر رزقهم الاساسى بل الوحيد نظرا لطبيعة الارص الصحراوية الجافة ، لكنهم قانعون بحياتهم على ارضهم جنوبفلسطين ، فالوطن ايا كانت طبيعته وقساوته ، ارحم من التهجير والغربة ، ورغم تلك الحياة الصعبة التى لا يمكن ان يحسدهم عليها احد ، الا ان الاحتلال الاسرائيلى حاول سلبها منهم منذ وطئت اقدامه السوداء الاراضى الفلسطينية. فعلى مدى ستة عقود مضت ، تعرضت قرية العراقيب للهدم 40 مرة ، لتسجل بذلك اعلى رقم قياسى فى هدم الاحتلال لقرية فلسطينية على الاطلاق ، بل لتسجل اعلى رقم فى اصرار شعب فى العالم على اعادة بناء بيوتهم واعمار ارضهم بعد ان خربها المستعمر عشرات المرات ، فقرية العراقيب واحدة من 45 قرية عربية في النقب لا تعترف إسرائيل بها ، وعلى مدى السنوات الماضية ، كان سكان القرية يستيقظون بين يوم واخر على اصوات الجرافات وآلات الهدم الضخمة تقتحم اراضيهم وتدك بيوتهم البسيطة على رؤوسهم تحت زعم بناء بيوتهم بدون تراخيص ، تقتل المواشى وتقتلع الزورع التى دفعوا فيها لياليهم وعرقهم ، وفى كل مرة وبعد هدم القرية بكاملها ، يبقى السكان متشبثين بالرمال ، بالامل فى انتصار الحق ، يقضون الليالي والايام يقاسون تحت وطأة الشمس الحارقة في النهار وبرد الصحراء في الليل، دون مأوى ولا ملاذ، وهم يعيدون بناء ما هدمته اسرائيل مرات ومرات. وليقدموا للعالم اكبر دليل على تمسكهم بحقهم وبالسلام الذى ترمز اليه اشجار الزيتون، ولأن المجتمع الدولى وقف يتفرج 40 مرة على مأساة الفلسطينيين فى قرية العراقيب دون حراك، ولان المجتمع الغربى يدعم سرا وعلانية آلة القتل والهدم وسياسية الاستيطان الاسرائيلى على حساب اصحاب الارض ، ولدت الفكرة من رحم المعاناة ، وقرر سكان القرية تقديم « العراقيب» الى موسوعة «جينيس» للارقام القياسية، لتسجيلها كأعلى رقم قياسى لقرية تعرضت للهدم واعادة البناء، قد تدخل العراقيب موسوعة «جينيس» من باب المعاناة ، ولكن هل تدخل اجندة المجتمع الدولى للعمل على حل مشكلتها بصورة عادلة لانصاف اصحاب الارض؟.