"لم أتغير ولكني تطورت".. واحدة من أشهر العبارات التي قدم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه إلى الشعب في بداياته، ليدشن بها مرحلة جديدة للتيار الإسلامي، ولاقت شعاراته رواجًا، لتشهد تركيا مرحلة عرفت ب"الأردوغانية الجديدة"، بحسب ما أوضح المختص في الشأن التركي دكتور طارق عبد الجليل. تنامت شعبية أردوغان في البلاد، وتمكن من تأسيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وترأس الحكومة منذ 2002 حتى اللحظة الراهنة، فضلًا عن توليه رئاسة الجمهورية منذ ثلاثة أعوام. لكن بعد 16 عامًا من سيطرة أردوغان على البلاد، سجلت قبل ساعات النتائج الأولية للانتخابات المحلية في ثلاثة من أكبر مدن تركيا، تراجع في شعبيته، لصالح المعارضة المتمثلة في حزب الشعب الجمهوري العلماني وأسسه الراحل مصطفى كمال أتاتورك، كما خسر بلديات 7 مدنٍ أخرى أمام حليفه، حزب "الحركة القومية". تقدم المعارضة الرئيس التركي أعلن في خطابه بالأمس، أن حزبه "العدالة والتنمية" تقدم في الانتخابات البلدية بنسبة 56% من اجمالي الأصوات. لكن بالنظر إلى تفصيل النتائج الانتخابية، سنجد تقدم المعارضة أمام مرشحي الحزب الحاكم، في مدن تركيا الكبرى، إسطنبول، وأنطاليا، وأنقرة. وبحسب ما ذكرته "بي بي سي"، فإن أردوغان، دائمًا ما يربط بين قوة سيطرته على السلطة، باستقرار وتوسع شعبيته في مدينة اسطنبول التي رأس بدليتها في تسعينيات القرن الماضي. سجلت اسطنبول حتى الآن تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، إكرام إمام أوغلو، أمام علي بن يلدريم مرشح العدالة والتنمية. أما أنطاليا، حصل محيي الدين بوتشك مرشح الشعب الجمهوري، على 50.63 % في مقابل 46.27 لمرشح حزب العدالة والتنمية مندرس توريل. كما شهدت أنقرة التي حكمها حزب أردوغان لعقدين متتالين، تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري، منصور يافاش، بنسبة 51% من الأصوات، في مقابل 47.06% لصالح محمد أوز هسكي، مرشح العدالة والتنمية. وأوضح النائب في البرلمان التركي، عن حزب الشعب، بولنت كوشك في تصريحات للعربية، أن السبب في نجاحهم في انتخابات البلدية ببعض المدن الكبرى، "يعود في الواقع إلى أن الناخبين في هذه المناطق أكثر تعليماً ووعياً ومعرفة بالشأن الاقتصادي". وأضاف أوغلو، "اتبعنا استراتيجية دقيقة، وحملة انتخابية أكثر دقة من تلك التي استخدمها أردوغان، لذا وصل مرشحونا الفاعلون أكثر من مرشحي السلطة الحاكمة". انقلاب وتدهور اقتصادي على الرغم من تأكيد عدد من المحللين، حول ارتفاع الدخل القومي، وتحسن متتابع للاقتصاد في عهد أردوغان منذ 2002. إلا أن تركيا اتجهت نحو ازمة اقتصادية وسياسية بدأت في الظهور منذ 2016 عقب محاولة الانقلاب الفاشلة على حكمه. أردوغان اتهم السياسي الذي يعيش في أمريكا، فتح الله جولن، بتدبير الانقلاب عليه، فسعى للضغط على واشنطن لتسليمه، إلا أن الأخيرة رفضت، وأعلن الرئيس الأمريكي فرض عقوبات أمريكية على تركيا. بلغ العجز الكلي 5.5 من إجمالي الناتج القومي في 2018، كما خسرت الليرة التركية 30% من قيمتها في بداية العام ذاته. وفي سبتمبر الماضي ذكرت مؤسسة "Metropoll" للأبحاث عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" ، أن استبيانها الاخير بعنوان "تقييم تركيا في أغسطس 2018"، يدل على أن نسبة تأييد المواطنين الأتراك لأردوغان تراجعت إلى 44.5 بالمائة. وبحسب استطلاع الرأي، بإن نسبة 46.7 بالمئة قالوا أنهم لا يدعمون أردوغان، بينما أكد 8.8 بالمئة عدم استقرارهم على إجابة معينة. وأوضحت صحيفة "أحوال" التركية، أنه قبيل بدأ الانتخابات، طلب أردوغان من بلديتي إسطنبولوأنقرة فتح محال للخضار والفاكهة بأسعار مخفضة حيث اصطف الأتراك في طوابير طويلة للحصول عليها.