سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
وزيرة الثقافة : ثورة 1919 أطلقت الإبداعات المصرية فى الموسيقى والفنون التشكيلية والمسرح والسينما والأدب فى افتتاح المؤتمر الدولى للمئوية بوزارة الثقافة
منير عبدالنور: الثورة جعلت مصر أمة حرة مستقلة.. .. وصار للمصريين موقف أمام العالم محمود أباظة: أخرجت الوطن من عصور الظلام إلى التنوير والوعى المتكامل د. مصطفى الفقى: الوفد هو الحزب السياسى الحقيقى لأنه تحمل مسئولية استقلال مصر سمير مرقص: 1919 مارد خرج من رحم الأمة للتعبير عن فكرة المواطنة النضالية د. لطيفة سالم: مصر عاشت الكثير من التغيرات السياسية والاجتماعية قبل الثورة أمينة الشافعى: الثورة كانت المحرك الأول لفكرة الديمقراطية فى القرن الماضى د. عمرو حمودة: لم تكن هَبّة شعبية.. ولا بد من دراسة استراتيجيتها الأنبا أرميا: الفلاح البسيط كان واعياً رغم ضعف الإعلام فى ذلك الوقت أكدت الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة أن ثورة 1919 كانت نقطة انطلاق لإبداعات مصرية فى الموسيقى والفنون التشكيلية والمسرح والسينما والأعمال الأدبية والفكرية، تلك الإبداعات التى كانت وما زالت تعبيراً عن الإرادة الوطنية، ونافذة لقوة مصر الناعمة التى ولدت معها نخبة مثقفة تدافع عن مصر وتعمل من أجلها، لتكون بحق منارة للشرق. جاء هذا فى كلمة الوزيرة خلال افتتاح المؤتمر الدولى الذى تعقده وزارة الثقافة تحت عنوان «ثورة 1919 بعد مائة عام»، فى المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، وألقى الكلمة نيابة عن الوزيرة الدكتور سعيد المصرى أمين عام المجلس الأعلى للثقافة ونقل اعتذار الوزيرة عن عدم الحضور بسبب ارتباطها بحضور افتتاح ملتقى الشباب العربى الإفريقى بأسوان والذى تزامن مع موعد المؤتمر. وأكدت الوزيرة فى كلمتها أهمية الاحتفال بمئوية ثورة 1919 من خلال مؤتمر علمى كبير يمثل تعبيرا عن اهتمام وزارة الثقافة المصرية بكل قطاعاتها وهيئاتها باستعادة الدروس من تجربة النضال الوطنى الذى خاضه الشعب المصرى بكل فئاته دفاعا عن الوطن واستقلال إرادته ونهضته الحديثة. وقالت إن هذا المؤتمر ينعقد داخل المجلس الأعلى للثقافة فى وقت نسعى فيه جميعا إلى مستقبل مشرق لكل المصريين. وأضافت أن ثورة 1919، استعادت الشعور الوطنى الذى حقق لمصر الاستقلال والعزة والكرامة الوطنية. وأشارت إلى أن هذه الثورة لحظة تحول فارقة فى تاريخ مصر الحديث، عبرت عن الإرادة الشعبية لكل المصريين لتحقيق الاستقلال وبعث روح التضامن والتلاحم والوعى بقيمة الوطن والتفانى من أجله والعمل على نهضته. وأكدت الوزيرة أن ثورة 1919 بقدر ما كانت سياسية فى مظهرها، لكنها أيضاً ثورة اجتماعية وثقافية وفنية وفكرية فى جوهرها، بحيث كانت تعبيراً عن عصر جديد انطلقت فيه ارادة المصريين فى بناء دولتهم المستقلة وتحررهم الاجتماعى والسياسى والاقتصادى. وأشار منير فخرى عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد الأسبق ثورة 1919 ملحمة قادها زعيم آمن بقدرة الشعب المصرى على تحقيق المعجزات، ففجر طاقاته لتقوم ثورة وتعود البلاد إلى حريتها، فثورة 1919 صحوة شعبية قام بها الشعب، وانتفض حيث أوقف السكك الحديدية وكل المصالح الحكومية ليخرج جميع فئاتها كبيرا وصغيرا لعرض القضية المصرية، رافضين المستعمر، مما أدى إلى نفيهم ومعاملتهم أدنى مما يستحق. وقال «عبدالنور» إن تلك الثورة الشعبية رفع فيها شعار «الدين لله والوطن للجميع» حيث خطب القساوسة على منابر الأزهر وخطب الشيوخ فى الكنائس، وتوحد الشعب فى مواجهة الطغيان والاستعمار، فبعد أن كانت مصر دولة خلافة أصبحت أمة حرة مستقلة ذات سياده لها دستور يؤكد أن السيادة للشعب وأن الشعب هو مصدر السلطات، وأن جميع المصريين سواسية أمام القانون دون أى تفرقة. وأكد «عبدالنور» أن مشاركة هدى شعراوى هى وجماعتها فى الثورة أدت إلى نزول عدد هائل من نساء الشعب المصرى، وأدت فيما بعد إلى وضع قوانين لتحرير المرأة المصرية مما كانت فيه، كما نهضت إبداعات الفنانين المصريين بمختلف فنونهم فقام الفنان محمود مختار بنحت تمثال نهضة مصر، وقام سيد درويش بتلحين الكثير من الأعمال الغنائية، وتواصلت إبداعات الفنانين المصريين ونبغ كتاب شكلت الثورة عقولهم منهم طه حسين وتوفيق الحكيم ولويس عوض ونجيب محفوظ.. إلخ، ونظم أحمد شوقى وحافظ إبراهيم وعزيز أباظة الشعر، وتحرر الشعب المصرى، وبدا وكأنه امتلك زمام الأمور وأصبح للشعب موقف يعبر عنه أمام العالم أجمع، حيث لم يقتصر الشأن السياسى على فئة المثقفين، وإنما أصبح هدف التحرير من الاستعمار غاية عظمى لكل المصريين. وأنهى «عبدالنور» حديثه بالثناء على هذا المؤتمر الذى يعد فرصة للبحث حول آثار هذه الثورة على الاقتصاد وتطوره ونهضة شعب انتفض بعد عدة أعوام من الظلمة وأثر الثورة على الدول المحيطة بمصر. وألقى محمود أباظة، رئيس حزب الوفد الأسبق المحاضرة الافتتاحية تحت عنوان «الطريق إلى ثورة 1919»، مشيراً إلى أنه سيتحدث عن الطريق إلى الثورة بنظرة المواطن المعنى بالشأن العام لا بنظرة المحترف، فمن هذه الثورة خرجت مصر من عصور الظلمة إلى التنوير، وكلما قرأت عن ثورة 1919 لفت نظرى كيف انفجرت بهذا الزحم وهذا الوعى المتكامل فى بدايات القرن الماضى، فثورة 1919 سمحت لنا بالحفاظ على سفينة الوطن وسط عواصف حطمت شعوباً وأمما. وفى 9 مارس انفجرت الثورة ليس فى القاهرة فقط بل فى كل ربوع الأقاليم المصرية دون وجود للراديو أو التلفاز ليعلن عن وجودها، مسفرة عن عدد هائل من شهداء الوطن، وأصبحت تلك الثورة نموذجاً لحركات الثورات التى قامت فيما بعد فى دول الجوار وإفريقيا. وأضاف فى عام 1898 نزلت الحملة الفرنسية إلى الشواطئ المصرية واحتلت مصر واتجهت نحو الشرق لتأمين طريق تجارة الشرق الذى كان يمدها بالعدة والعتاد، حيث كان لهذه الحملة ثلاث نتائج هى: أنها أدخلت مصر والمنطقة فى حلبة الصراع القائمة بين كبرى الدول، ألا وهى إنجلترا وفرنسا، وكسرت الحملة هيبة الدولة العليا فى نظر الولايات الخاضعة لها وكل دول أوروبا، مما جعل هذه الدول الخاضعة تقوم بثورات ضد الخلافة العثمانية. وخلقت الحملة الفرنسية عند انسحابها من يريدون العودة مرة أخرى، ومنهم المماليك الذين أرادوا السيطرة ووضع اليد مرة أخرى، وفرنسا تريد وضع يدها على طريق الشرق حتى لا ينقطع عنها مرة أخرى. وقال الدكتور مصطفى الفقى، المفكر السياسى مدير مكتبة الإسكندرية، إن ثورة 1919 تتميز عن كافة الانتفاضات الشعبية التى شهدها التاريخ المصرى، قبلها أو بعدها، بكونها ثورة شعبية خالية من الوجود العسكرى. وأضاف أن ثورة 19 كانت ثورة شعب خرج من المنازل والجامعات، ليعطل الحياة، ويعلن الإضراب، فى مشهد نادر، كان جديداً على العالم آنذاك، موضحاً أنها تتميز بكونها ثورة مدنية، إذ إنها أول حركة مصرية تخرج من عباءة الدين. وأشار المفكر السياسى، إلى أنه قبل ثورة 19، كانت التحركات الوطنية المصرية، تعتبر جزءا من الإسلام، وتحت رعاية الدولة العثمانية، الممثل الإسلامى الذى يجب احترامه، بينما ثورة 19 خرجت للحفاظ على الهوية المصرية، فكانت أول ما خرج عن هذا الإطار الدينى، ورفعت شعار «مصر للمصريين»، وتجسدت بها الوحدة الوطنية، وأنه لا فرق بين مسلم ومسيحى. ولفت «الفقي»، إلى أن ثورة 1919 شهدت الفكر الليبرالى والانفتاحى والعلمانى، وكل منهم يحترم الآخر، إذ لم يكتب سعد زغلول مقالا أو عبارة ضد أى ممن اختلفوا معه، مبينا ضرورة أن يعود هذا الفكر والفهم من جديد فى العصر الحالى، وأن يحترم الجميع خيارات الآخر المختلفة. وأوضح «الفقي» أن الحزب السياسى الحقيقى فى مصر، هو حزب الوفد، لاسيما فى الفترة من 1919 إلى 1952، قائلاً: «أزعم أن الحزب السياسى الحقيقى فى مصر هو حزب الوفد»، نظراً لدوره العظيم خلال هذه الفترة السياسية الهامة من تاريخ مصر، وتحمله لمسئولية استقلال مصر، وقيادة الحركة الشعبية. وقال سمير مرقص، مساعد وزير الثقافة لشئون التطوير الثقافى، إن ثورة 1919 كانت إنجازاً حقيقياً للمصريين وتعد لحظة فارقة فى تاريخ مصر نقلتها من حال إلى حال، حيث ولدت فكرة المواطنة النضالية لدى المصريين والتى تم التعبير عنها خلال هذه الثورة. وأشار «مرقص»، إلى أن ثورة 1919 لم تكن نتيجة لحظة عابرة أو غضب، بل كانت تعبيرا عن حالة الكبت الاستعمارى خلال أربعة عقود منذ عام 1879 إلى 1919 والتى جاءت أيضاً نتيجة حصار الحريات، وتعالى حكام مصر على المصريين، وإحداث فتنة وضرب مصر من الداخل، وحصار الرأسمالية الزراعية وإغراق المصريين فى الديون، وجميعها أسباب تراكمت لدى المصريين وخلقت حالة من الغضب، وبالتالى كانت 19 عبارة عن مارد خرج من الأمة. وأوضح مساعد وزير الثقافة لشئون التطوير الثقافى، أن ثورة 19 عبرت عن فكرة المواطنة النضالية، وكانت بداية تأسيس الحركة الدستورية فى مصر حيث دخلت مصر مرحلة كتابة دستور 1923م، وظهور بعض المؤسسات مثل الأحزاب. وقالت الدكتورة لطيفة سالم، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة بنها، إن مصر عاشت الكثير من التغيرات السياسية والاجتماعية قبل ثورة 1919، ومع بداية الحرب العالمية الأولى، كانت الثورة كامنة فى النفوس. وأضافت إن أول ما قام به الاحتلال الإنجليزى، هو حل الجيش المصرى، وأجبرت مصر على الدخول فى الحرب العالمية الأولى، بالرغم من القرار الصادر فى 5 أغسطس بأنها ستبقى على الحياد. وأشارت إلى أن هناك العديد من القرارات التى تسببت فى انهيار الأوضاع داخل مصر على كل الأصعدة، إذ تم نشر الأحكام العرفية، ووضع قانون للتجمهر، والرقابة على الصحف، وإلغاء نظارة الخارجية، وكانت بداية التفكير فى فرض الحماية البريطانية على مصر، ثم الإطاحة بالخديو عباس حلمى الثانى، الذى كان مقرباً من المصريين، واستغلوا وجوده خارج مصر، وعزلوه، ونصبوا الأمير حسين كامل حاكم مصر، لمعرفتهم بأنه شخصية ضعيفة. وتابعت المؤرخة، أن البنوك بأكملها كانت أجنبية، وانخفض سعر الذهب، ولكن ظهر فى ذلك الوقت الدعوات لضرورة وجود بنك مصرى، موضحة، أنه ساءت حالة القطن المصرى وانخفض سعره، كما صدرت أوامر بريطانية بتقليص مساحة زراعته، وزيادة المحاصيل الزراعية لتكفى احتياجات الجنود الإنجليز، حتى احتكرت السلطات البريطانية محصول القطن، وقال ملنر: «احتكار بريطانيا للقطن كان له أثر كبير فى ثورة 1919». أما عن الوضع الاجتماعى، فأوضحت أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، أن الشعب المصرى عانى من حالات طرد من العمل كثيرة، وعدم الحصول على الأجور، وارتفاع الأسعار، وتقييد كل الحريات، وانتشار البطالة، فضلا عن حالة بائسة للفلاحين، نتيجة الاستيلاء على أراضيهم عنوة، والاستيلاء على المحصول بدون مقابل، بالإضافة إلى وجود العديد من الأمراض، وحل النقابات، ومنع الاحتفالات الدينية. وشددت «سالم» على أن الفنون فى هذا العصر، كان لها أبلغ الأثر فى تفتيح الأذهان للثورة، لاسيما من خلال المسرح، الذى كان فى ظاهره كوميديا، ولكنه يحمل فى طياته إسقاطات على الحياة السياسية. وقالت عضو لجنة ثقافة المواطنة الدكتورة أمينة الشافعى إن ثورة 1919 هى المحرك الأول لفكرة الديمقراطية فى القرن الماضى، معطية صورة ليبرالية منقوصة، لافتة إلى موقف الوفد من النقابات، وإلى حركة المرأة فى الثورة والثمار التى استطاعت المرأة جنيها فيما بعد الثورة. ثم تساءل الدكتور عمرو حمودة عضو لجنة ثقافة المواطنة «هل تمت دراسة ثورة 1919 من الناحية الاستراتيجية والتكتيكية؟، فهى لم تكن مجرد هبة شعبية قام بها المواطن المصرى فجأة، بل كان لها مقدمات، فالفكرة بدأت مع إعلان مؤتمر فرساى من خلال استغلال المؤتمر للتخلص من الاحتلال». وأضاف أن الثورة كانت لها استراتيجيتها وتكتيكاتها الخاصة، فسعد زغلول كان هو الوكيل المنتخب فى حين كان عزيز فهمى يمثل الوجه البحرى، وعلى شعراوى يمثل الوجه القبلى، فكان يوجد تنظيم منظم لجميع الجهات، ولا بد من دراسة هذه الاستراتيجية الممنهجة لثورة 1919، ودراسة تصورات شكل التنظيم السرى عندما بدأ. وأوضح الأنبا أرميا أن الثورة لم تجن ثمارها إلا بعد أربع سنوات من قيامها، كما أكد أنه فى وقت قيام الثورة كان الإعلام ضعيفا، حيث اقتصر توزيع الجرائد على فئة محدودة جدا من الشعب، ولكن بالرغم من ذلك كان يتساءل الفلاح البسيط عن أى شىء، حيث كان هناك وعى رغم انتشار الجهل وهو ما نريد تعميمه الآن، أى نشر الوعى وتعميق ثقافة المواطن العادى.