ليست المرة الأولى التي تأتيني فيها تهديدات وسباب وشتائم بسبب مقال لي، ويبدو أن مقالي الأخير أغضب البعض في زمن أصبح فيه الغضب بلاسبب في كثير من الاحيان، أو لأن كلمة الحق صارت تزعج البعض جداً! وغداً سيصدر الحكم على مبارك، وقد شاء القدر أن يأتي الحكم في توقيت صاخب ومضطرب.. ولست أشك في أن الحكم على مبارك غداً ربما يحدد الى حد كبير من هو الرئيس القادم، فإذا ما كانت البراءة أو صدور حكم مخفف على مبارك فلست أشك في أن ذلك الحكم سيكون لصالح مرسي وحزب الحرية والعدالة - وسبباً لغضب جديد للقوى الثورية.. وزيادة العداء لشفيق - باعتباره من رجال مبارك السابقين - وإذا جاء الحكم مشدداً - وأشك في ذلك بسبب تفاهة الاتهامات الموجهة لمبارك - فإن ذلك الحكم ربما يكون طوق الإنقاذ لشفيق! وبالنظر إلى نتائج المرحلة الاولى من الانتخابات الرئاسية.. فقد كانت النتائج صدمة لي كما كانت صدمة للملايين ممن وضعوا أملاً على تلك الانتخابات من أجل التغيير.. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، ولم يعد أمامنا من اختيار سوى مرسي أو شفيق.. ولكنه على أي حال اختيار الشعب وعلينا احترامه.. مع خالص الاحترام لكل من قاموا بمظاهرات في اليومين السابقين رفضاً لتلك النتيجة! وأبرز ما أظهرته تلك الانتخابات هو الشعبية الكبيرة لحمدين صباحي، واختيار الشباب والقوى الثورية له.. وللأسف فإن تشتت الأصوات بينه وبين أبو الفتوح أضاع فرصة الاثنين.. ولكني أعتقد أن فرصة حمدي صباحي في انتخابات 2016 هي الأكبر، وعليه أن يحتفظ بشعبيته من خلال أدائه السياسي المعارض السنوات الأربع القادمة.. فهو مشروع رئيس وطني ثوري يستطيع جمع شتات المصريين ويلقى قبولاً بين كل الاطياف. ولعل المشكلة الأكبر في كل ما يجري الآن.. هو تأخر صدور الدستور الذي يحدد صلاحيات الرئيس القادم، لذلك نقف أمام المجهول بين طريقين لاثالث لهما شفيق - والخشية من عودة النظام القديم على يديه - ومرسي ومجئ الديكتاتورية الدينية التي لا تسمح بأي معارضة وتراوغ حول الدولة المدنية وإن انكروا ذلك. فلو كان الدستور قد صدر دون مماطلة البعض في مجلس الشعب.. لتحددت صلاحيات الرئيس القادم، وما كانت هناك خشية من رئيس يستخدم نفس أساليب مبارك واستيلائه على كل السلطات دون رقيب، أو رئيس يرفع شعار الدولة الدينية والحكم باسم الله لقطع رقبة أي معارضة! أقول لو أن الدستور كان قد صدر بأسس وقواعد الدولة المدنية وسلطات كل مؤسسة من مؤسسات الدولة.. لهدأ خوفنا كثيراً. خطأ آخر وقع فيه القائمون على أمور هذا الوطن.. فقد كان يجب تأجيل انتخابات الرئاسة الى حين صدور حكم المحكمة الدستورية.. في شأن دستورية قانون العزل، فماذا لو فاز شفيق بالرئاسة وصدر حكم المحكمة الدستورية بدستورية قانون العزل.. فهل سيطبق القانون على شفيق بأثر رجعي وماذا لو رفض.. هل تكون ثورة جديدة؟ وثمة هاجس أكبر يدور في أذهان الملايين.. في حالة فوز مرسي في الانتخابات.. فاذا كان مرسي قد جاء من خلال انتخابات نزيهة وآليات ديمقراطية فهل ايمان الاخوان بالديمقراطية عن قناعة ومنهجية أم أنها مرحلة تؤدي للرئاسة ومجلسي الشعب والشورى لتكون المرة الاولى والاخيرة التي تمارس فيها الديمقراطية حيث ستعتبرها الجماعة منديل كلينكس يستعمل مرة واحدة ويلقي بعدها في القمامة؟! وهى هواجس لها ظل من الحقيقة في ظل اداء الاخوان من التكويش على كل المؤسسات.. ورفضهم أي مشاركة في اداء يتسم بالاستعلاء والفوقية على الجميع.. وبالرجوع الى تصريح مرسي الاخير بأنه سيدوس بالاحذية على بقايا النظام السابق ومن اختاروهم.. لنرى أنه تصريح ما كان يجب أن يصدر من مرشح لرئاسة الجمهورية لكل المصريين. والآن ما هو الحل أمام ذلك المأزق الكبير في انتخابات الإعادة في ظل غضب وانقسام ورفض الملايين للمرشحين الاثنين في الإعادة؟ بداية علينا احترام صندوق الانتخابات مهما كان الفائز ولكني أعتقد أنه ومن قبل اجراء انتخابات الإعادة، فلابد من وضع مبادئ حاكمة للرئيس القادم، أو ما أطلق عليه البعض وثيقة العهد.. وهذه المبادئ يجب أن يقبل بها المرشحان.. وأن تكون ملزمة لهما لحين صدور الدستور.. وهذه المبادئ يجب أن تنص صراحة على أن مصر دولة مدنية تقوم على الديمقراطية وحرية التعبير والابداع وحق المواطنة والمساواة، الى كل تلك المبادئ الراسخة في الدول الديمقراطية، وأتصور وجوب التزام شفيق ومرسي بالتعهد بتعيين نائبين أو ثلاثة من القوى الثورية لهم صلاحيات لايجوز للرئيس إلغاءها، ولعلي أقترح اسماء اولئك النواب من بين حمدين صباحي وأبو الفتوح وتهاني الجبالي وشخصية قبطية بارزة وفي حال الموافقة على ذلك لست أظن أن هناك خشية من مجئ شفيق أو مرسي. بقلم: مجدي صابر