حوار: ممدوح الدسوقي -تصوير :أشرف شبانة «أبوشقة» أنهى الصراعات السابقة بحكمة عالية الأحزاب السياسية تأثرت بالجمود السياسى والتهميش فى عهد مبارك انتخابات 2010 تم بها أكبر تزوير فى تاريخ مصر متطلبات ثورة 25 يناير كانت فئوية أكثر منها سياسية الحوار مع الدكتورة منى مكرم عبيد له طبيعة خاصة؛ فهى خريجة جامعة هارفارد وكانت أستاذة للعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية لمدة 24 عاماً، سليلة عائلة وفدية عريقة عميدها الزعيم مكرم عبيد الذى كانت تربطه صداقة تاريخية بالزعيم مصطفى النحاس، برلمانية سابقة، عضو مجلس شورى، انضمت لحزب الوفد منذ الثمانينيات، عملت مقررة لجنة الشئون الخارجية تحت رئاسة الدكتور وحيد رأفت، قدمت نشاطاً سياسياً تربوياً فى مركز الدراسات الاستراتيجية بالوفد، خاضت الانتخابات البرلمانية ل«الوفد» بجانب كرم زيدان وأحمد طه فى دائرة شبرا، لها علاقات دولية وإقليمية متعددة، زارت جميع دول العالم العربى والأفريقى وما زالت تتم دعوتها للمشاركة فى كثير من الأنشطة والفعاليات فى تلك الدول. كيف ترين المشهد السياسى الحالي؟ - أرى أنه بعد مؤتمر الشباب الذى تحدث فيه الرئيس السيسى أعطى انطباعاً جديداً ويبشر بتغيير فعلى خلال فترة الرئاسة الثانية، وأن هناك انفراجة فى المشهد السياسى والتعددية السياسية وكلام الرئيس مشجع بالنسبة للعمل الحزبى والتعددية مع أن الرئيس تحدث عن الأعداد الكبيرة فى الأحزاب وتمنى اندماج الأحزاب لتصبح قوة، ولكن بعض الأحزاب ترفض الاندماج خوفاً من ذوبان هويتها فى حزب آخر، ولكن يمكن عمل نوع من التفاهم والائتلاف على أمور وقضايا معينة خاصة أنه يوجد أحزاب أيديولوجيتها ليبرالية، وأخرى اشتراكية أو يسارية. وما رؤيتك للمنظومة الاقتصادية؟ - الإصلاحات الاقتصادية بها جزء واعد خاصة ما يتعلق بالغاز والبنية التحتية، لكن ما زال التعليم يحتاج لتطوير والصحة كذلك، وأيضاً الناحية الإدارية، ولابد من تشجيع المجتمع المدنى حتى يكون فاعلاً ونشيطاً. وكيف تقيمين أداء مجلس النواب؟ - مجلس النواب به عناصر جيدة لكنها مكبلة لأن معظمهم من المستقلين ودون خلفية حزبية ولكنهم يجتهدون لتقديم الأفضل. كيف استقبلت دعوة المستشار بهاء الدين أبوشقة رئيس حزب الوفد بعودة الطيور المهاجرة ل«الوفد»؟ - أولاً أنا عبرت عن سعادتى وكتبت إعادة الروح إلى الوفد عندما قررت الهيئة العليا لحزب الوفد الذى رفضت ترشيح الدكتور البدوى لمنافسة الرئيس السيسى فى الانتخابات الرئاسية ورأيت أن فيه استقلالية فى الوفد، ولم أخطئ أيضاً عندما تولى المستشار بهاء الدين أبوشقة رئاسة الوفد كتبت: هل يستطيع رئيس الوفد «أبوشقة» أن يجمع الشمل؟، وبالفعل بدأ فى لم الشمل وحدثنى وشكرنى على المقال وطلب عودتى إلى الوفد، مثل الكثيرين من الوفديين، وشرفت بعضويتى وتعيينى فى المكتب التنفيذى للحزب. ما الذى دار فى اللقاء الذى تم بينك وبين المستشار بهاء الدين أبوشقة؟ - المستشار بهاء الدين أبوشقة يعرف الوفديين جيداً ويعرف ماذا يستطيعون أن يقدموا، ولهذا هو يعرف أننى فى الوفد منذ الثمانينيات وكنت مقررة لجنة الشئون الخارجية مع الدكتور وحيد رأفت القيمة والقامة وتحت رئاسة وزعامة فؤاد باشا، وكانت تربطنى صداقة ومحبة مع إبراهيم باشا فرج وبعض الأعضاء الحاليين مثل محمود أباظة وعصام شيحة وحسين منصور وفؤاد بدراوى ولذلك رئيس الوفد يعرف الأعضاء القدامى جيداً. وماذا عن دعوة الوفد للأحزاب السياسية والتحاور معها؟ - هذه خطوة جيدة لأن الأحزاب فى احتياج للحوار وليس مهماً الائتلاف، خاصة أن الحياة الحزبية والسياسية تتطور وقوة الوفد تكمن فى أنه رمانة الميزان فى هذه المرحلة التى تعانى فيها البلاد من استقطاب عميق وحاد وهذه الدعوة تعطى أملاً بأنه ما زال يوجد هامش استقلالية أمام الأحزاب المدنية لتبنى عليها مزيداً من الشرعية والوفد قادر على لعب دور أكبر فى المرحلة القادمة لأنه يستطيع ترسيخ مؤسسة حزبية حقيقية وأن يكون الحزب السياسى الأول فى مصر لكن الصراعات السابقة كانت تنهشه من الداخل، ولذلك سارع المستشار بهاء الدين أبوشقة بالقضاء على هذه الصراعات بحكمة عالية. وماذا بعد؟ - المستشار بهاء الدين أبوشقة رئيس الوفد قيمة وقامة ووفدى قدير وعائلته وفدية عريقة، كان لها علاقة وطيدة مع مكرم عبيد فى قضايا وطنية كثيرة، وهناك تحديات كثيرة أمامه لإعادة بناء الوفد من الداخل ولذلك من المفترض أن الوفديين يساعدونه فى هذه المرحلة الحرجة وقد سعدت بالكوكبة المرموقة التى تلتف حول المستشار بهاء الدين أبوشقة لتأسيس المجلس الاستشارى برئاسة القدير عمرو موسى. إذن ماذا تمثل عودتك إلى بيتك فى الوفد؟ - بالنسبة لى تمثل الكثير لأننا على أبواب الاستقرار وسنجد خلال الفترة القادمة مناخاً سياسياً متوازناً ومستقراً، وبه نشاط فى الشارع المصرى والوفد يمتلك تاريخاً واسماً كبيرين وبه قيادات وكفاءات وعليها أن تثق فى قيادة الوفد حتى يقدم الكثير الذى نأمله لمصر وأن تفتح الدولة المجال العام بما يمكن الوفد من أداء دوره المهم جداً فى هذه المرحلة الحرجة، لأننا فى احتياج إلى حوار وطنى كما طالب رئيس الوفد بفتح صفحة جديدة تتحد على مصلحة الوطن واستقراره من خلال أصحاب الخبرات والأصوات العاقلة ليستمع إليهم الرئيس السيسى ويستعين بهم فى المجالس الاستشارية، والمجالس الأخرى على اختلاف تنوعها. ماذا عن الشباب خاصة أن الانتخابات المحلية على الأبواب؟ - بالطبع حزب الوفد سيستثمر القواعد الحزبية فى المحافظات للالتحام بالجماهير ودمجهم فى العمل السياسى خاصة أن الوفد ما زال له شعبية وتاريخ والشباب يتحمس للحزب ويتم تشجيعهم وانتقاء بعضهم لترشحهم لانتخابات المحليات لأنها أهم استحقاق، والبداية للانتخابات البرلمانية 2020، والمحليات ستكون الوقود المحرك للحزب من خلال البرامج الجادة التى يتبناها الوفد وهذا يتطلب لجنة خاصة لوضع برنامج للمحليات. وما تقييمك للتجربة الحزبية بعد 30 يونية؟ - يوجد انعدام للنشاط السياسى للأحزاب لأن الكثير منها فقدت التواصل مع الجماهير. وما سبب ذلك؟ - هذا يعود إلى الجمود السياسى الذى حدث فى عصر مبارك بالتضييق على نشاط الأحزاب وبالتهميش لكل القوى السياسية غير المنتمية للحزب الوطنى، التى لم تكن تؤيد التوريث وقد شاركت فى انتخابات 2010 التى تم فيها أكبر تزوير للانتخابات فى تاريخ مصر لأنه بعد أن تم إعلان فوزى فى الانتخابات فوجئت بأنه تم رفع اسمى الساعة الواحدة صباحاً ووضعوا بدلاً منى مرشحة الحزب الوطنى، ثم قامت ثورة 25 يناير التى كانت لها متطلبات فئوية أكثر منها سياسية. كيفية إصلاح الحياة الحزبية؟ - الإصلاح يبدأ الآن والوفد قاطرة إنعاش النظام الحزبى فى مصر التى بها أربعة تيارات سياسية، ليبرالى ويسارى وإسلامى ووسطى، وكما قال الكاتب محمد أمين: مصر أحوج ما تكون إلى شخصيات مثل خالد محيى الدين وفؤاد سراج الدين، وقد كانت لدينا أحزاب معارضة عاشت عصرها الذهبى فى وجود مثل هذه القامات من هذا النوع، وحنكة فؤاد باشا سراج الدين جذبت شخصية سياسية بارزة مثل أحمد طه وقد كان ماركسياً ولكنه انضم ل«الوفد» وكان من أفضل نوابه، والمطلوب إصلاح الحياة الحزبية الراكدة وتنشيطها وخلق مناخ يكون قادراً على تغيير وجه الحياة الحزبية وهذا يعود على الدولة بتشجيعها للأحزاب وقبولها للتعددية. لكن لماذا تتجاهل الحكومة وجود أحزاب دينية بخلاف الدستور؟ - وجود أحزاب دينية تناقضات غير مفهومة وعلى الحكومة أن تحترم الدستور حتى لا تتحول العملية السياسية إلى سداح مداح، وفكرة الأحزاب الدينية مرفوضة، لكن لو وجدت ميول إسلامية لدى البعض فهذا معترف به فى العالم مثله مثل الماركسى أو الليبرالى، لكن لا يبنى الحزب على فكرة الدين. ما خطورة الأحزاب الدينية على الواقع السياسي؟ - الأحزاب لابد أن تحترم الدستور وشروط الفكر الذى يرسخ نظاماً ديمقراطياً وطنياً حديثاً وعادلاً، ويرسخ مبدأ المواطنة، لكن خطورة الأحزاب الدينية عدم احترامها لهذه المبادئ والاعتماد على أفكارها المتطرفة المرفوضة. إذن كيفية التعامل مع ثنائية الدين والسياسة؟ - الشعب المصرى متدين بالفطرة سواء المسلم أو المسيحى، والدين لديه عقيدة مقدسة، ومع هذا لا يخلط الدين والسياسة، وعلى السياسيين فصل الدين عن السياسة. ماذا حدث خلال العام الذى حكم فيه مرسى وجماعة الإخوان؟ - فى ذلك العام كانت جماعة الإخوان تتقهقر بمصر إلى القرون الوسطى خاصة فى مجال المرأة وحقوقها، وعدم قبولهم أى شخص خارج الجماعة حتى لو كان مسلماً طالما لا ينتمى إلى جماعتهم، وهكذا لا يمكن أن تحكم مصر لأنها بلد هويتها معروفة، والمصريون خرجوا ودافعوا عن هويتهم فى 30 يونية، لأن فكرة الحكم الثيوقراطى لا تصلح فى مصر والإخوان كانوا يريدون تطبيقها بالإكراه، ثم إنهم فشلوا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وفى السياسة الخارجية كانوا يريدون التفريط فى سيناء. وما أثرهم اجتماعياً؟ - أخطر عيوب جماعة الإخوان هو نظرتهم إلى الماضى وسعيهم للسير إلى الخلف وأحلامهم مستحيلة التحقق خاصة مشروع الخلافة، وهذا رجوع إلى الوراء وتاريخ مصر لم يكن به خلافة ولا حكم ثيوقراطى مثل إيران فمصر دولة مدنية منذ أن حكمها محمد على ثم فترة الملكية ثم فترات عبدالناصر والسادات ومبارك، ثم إن الإخوان لا يؤمنون بالأحزاب السياسية والديمقراطية أو الدولة المدنية التى تتوجه إلى المستقبل وإلى الشباب الذى يقود هذا المستقبل. وكيف تقرئين الدعوات الشاذة للمصالحة مع الإخوان؟ - أولاً هذه دعوات شاذة ومرفوضة وأنا أرفض كلمة مصالحة مع جماعة الإخوان، لأنها ليست تياراً سياسياً له ميول إسلامية تحترم قواعد اللعبة السياسية من ديمقراطية وشفافية ومساءلة، ولهذا هل يصح أن يوجد مصالحة مع المجرمين والإرهابيين الذين يقتلون شعب مصر ويحاربون جيشه وشرطته ويفجرون ممتلكاته، فهذا لا يمكن ولن يكون. كيف تقيمين خروج المرأة المصرية فى جميع الفعاليات الثورية والانتخابية؟ - المرأة المصرية أبهرت العالم منذ ظهورها فى ثورة 25 يناير لأنها كانت فى الصفوف الأمامية فى كل المناسبات سواء كانت استفتاءات أو انتخابات أو مسيرات لتأييد الرئيس السيسى أو مسيرات ضد العنف والتحرش ضد المرأة، فالمرأة المصرية لم تصبح عضواً فى حزب الكنبة، وقد عشت 18 يوماً فى التحرير ورأيت طلابى من الجامعة الأمريكية ورأيت المرأة المصرية سواء كانت محجبة أو غير محجبة بل بعض الشباب أحضر الجدات وكان يوجد حالة رواج وتطلعات هائلة للمستقبل، ووجود مصر الحقيقية، والمرأة المصرية أظهرت نفسها فى الأوقات الحرجة للوطن وكشفت عن معدنها الحقيقى فى هذه الأوقات خاصة 25 يناير و30 يونية و3 يوليو، ومع حركة تمرد. إذن المرأة المصرية أصحبت رقماً فاعلاً فى المشهد المصرى بعد 25 يناير و30 يونية؟ - نعم.. دون شك المرأة المصرية أصبحت رقماً فاعلاً فى الحياة السياسية بعد 25 يناير و30 يونية ولكن هذا لا يمنع وجود كثير من حقوقها الموجودة فى الدستور لم تحصل عليها وتطالب بتنفيذها، ونريد أن نرى فى المجتمع المدنى نشاطاً نسائياً أكبر. مثل ماذا؟ - أول هذه الحقوق هو عدم استخدام العنف ضد المرأة، ومنع التحرش بها، وبالتالى على المرأة أن تتشجع وتطالب بحقوقها عندما تشعر أن حقها مسلوب، ومهضوم خاصة فى قضايا التحرش والعنف والميراث. كيف ترين أوضاع المسيحيين بعد 30 يونية؟ - لأول مرة فى تاريخ مصر أرى الشباب المسيحى يخرج من وراء أسوار الكنيسة للمشاركة المجتمعية، رغم أنه لم يكن مرحباً بهذا الأمر من بعض القيادات الدينية التى كانت تساند الرئيس مبارك، ولكننى كنت فى ميدان التحرير ورأيت التعاون بين الشباب المسلم والمسيحى وهذه كانت شعارات ثورة 1919 التى رسخت الوحدة الوطنية والمواطنة دون تفرقة بين أفراد المجتمع الواحد. وماذا عن زيارات الرئيس السيسى للكاتدرائية فى الأعياد المسيحية؟ - أول خطوة اتخذها الرئيس السيسى وأثلجت صدور المصريين، عندما بعث بعض رجال القوات المسلحة للانتقام مما حدث للمصريين الفقراء فى ليبيا عندما تم ذبحهم بأيدى داعش، وهذه الخطوة أثرت بطريقة إيجابية مدهشة مع جموع المصريين، ثم زيارته للكاتدرائية المصرية لتهنئة الأقباط فى أعيادهم، وهى أول خطوة يقوم بها رئيس مصرى وكنت موجودة وشاهدته يدخل الكاتدرائية، ولم أصدق عينى حينها لأن الرئيس جاء من المطار حيث كان فى الكويت إلى الكاتدرائية مباشرة وقال: كلنا مصريون لا فرق بين مسلم ومسيحى على أرض مصر، وهذا ذكرنا بأيام مصر الجميلة وثورة 19 وقائدها سعد زغلول وحزب الوفد الذى كان يقود هذا الشعب بليبراليته المعهودة وترسيخه لمفهوم المواطنة وأن الدين فى المساجد والكنائس لأنه علاقة بين الفرد وربه، ولا دخل لأحد فى هذه العلاقة، وفى العام الماضى حضرت الصلاة فى الكاتدرائية الجديدة فى العاصمة الإدارية الجديدة، وحضر الرئيس السيسى أيضاً للتهنئة وسط ابتهاج الأقباط وخاصة الشباب الذين ظلوا يهتفون له ويحيونه. أين أقباط المهجر بعد 30 يونية، وكيف تم اختفاؤهم؟ - دائما ما أرفض كلمة أقباط المهجر لأن هؤلاء مصريون يعيشون فى الخارج، وأنا زرتهم كثيراً عندما كنت عضوة فى مجلس الشعب وكنت مستشار وزير الهجرة وكنت أتابع نشاطهم وتأكدت أن لهم أملاً أن يخدموا مصر ورأيت أساتذة يتمنون التدريس في مصر دون مقابل، ورأيت مستثمرين يأتون إلى مصر فى معسكرات الشباب وتعرفت بكل مستشاري الرئيس مثل السادة الأفاضل الدكتور هانى محمود النقراشى، والدكتور هانى عازر وغيرهما، وهم متحمسون لخدمة مصر، لكن البيروقراطية القاتلة لكل تطوير وإبداع عطلت أموراً كثيرة ولذلك لا يتم الاستفادة بالشكل الصحيح من جهود المصريين فى الخارج.